حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,17 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2306

»الرصاصة 666« .. محاكمة التاريخ وإعادة صياغته

»الرصاصة 666« .. محاكمة التاريخ وإعادة صياغته

»الرصاصة 666« ..  محاكمة التاريخ وإعادة صياغته

17-03-2021 08:30 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - يعد العنوان بمثابة التسمية التي تلصق بسلعة او ببضاعة ما؛ حيث يجب أن تكون لهذه
التسمية قوة إشعاعية إشهارية جارفة؛ لأن الهدف من العنوان هو الإبهار والتأثير لحمل
القارئ على اقتناء الرواية/ السلعة وهنا تتدخل بقوة وظيفة الإغواء.
هي صيغة عنوان شكّلتها بنية تركيبية ثلاثية وتصدرتها عبارة تجلت صورتها على شكل

رقم «الرصاصة 666» ؛ صيغة ملفوظ لوني ينفتح على اكثر من أفق تأويلي وبعد دلالي،
باعتباره لونا ملتبسا؛ إذ يحيل إلى الشيء وضدّه، إلى الحياة والموت في آن: :ودّع الفرح
بيتنا عندما خرج أبي محمّلا على اكتاف الأحبّة وسط عويل ونواح شقّ عنان السّماء»
(ص٢٣.(
تعمل رواية «الرصاصة 666 « للكاتبة تفاحة بطارسة، والصادرة عن دار يافا للنشر والتوزيع،
على تحريك المفاصل المعطلة في ثقافتنا، وتعيد الدماء النقية لواقعنا الذي يشكو من
فقر دم سريع؛ تجددهُ وتحكّ على جراح ظنّ البعض انها اندملت: «عندها تذكرت تصرفاته؛
ورحتُ انظر في كلّ الجهات؛ ابحث عن ماء لأغسل به وجهي؛ واتخلص من تلك الآثار التي
تتركها الخيانة فينا» (ص١٨١.(
جاءت الرواية كصرخة؛ وكل إبداع هو صرخة–كما يقول سارتر، لتوقظ جنون أصابعي،
وتستفز إيقاعات وتناغمات قريحتي المرهونة بحالات القصيدة، جاءت إليّ بكلّ ملامحها
الوثنية والإيمانية: «بدا البيت الجبليّ قلعة تحوم فوقها غيوم بألوان بيضاء حينا آخر»
(ص١٩٩.(
تمثل رواية «الرصاصة 666 «أفكارا وأوطانا جديدة، حيث استطاعت الكاتبة من خلالها أن
تحاكم التاريخ، وتُعيد صياغته، وتضع له أبجدية جديدةً، بل وتؤثر في التاريخ بحسب تعبير
سارتر. والهدف هو الرقيّ بإنسان المكان، وصنع الحياة له، وإقامة كرنفلات دائمة لخطواته
ودموعه واحلامه؛ حين تتوفر الجرأة والشجاعة لدى المبدعة، التي تعمل على تصوير
الوطن إنسانا ومكانا؛ معتبرة أن سلطة القهر زائلة وإن رمزت لهذه السلطة بالخيمة:
«اجتمع العشرات من الاشخاص في نفس الخيمة في انتظار خيام جديدة تُقام لهم»
(ص٦٦.(
رواية «الرصاصة 666 «هي سيرة إنسان يتفجّر، يثور على نفسه، يتجدّد بالمزيد من الدّمع
والدم والحزن، يبحث عن صباحات لمْ يعشها: «نقضنا كلّ يوم من أيّامنا غبار يوم مضى؛
لتستعدّ لشروق اليوم التّالي؛ ونحن نعلمُ أنّه سيحملُ فاجعةً جديدةً؛ ويقدم الموت
بمشهدٍ مسرحِّي جديد» (ص٢٠.(
لقد بنت الروائية تفاحة بطارسة تقنية أدواتها التعبيرية على حبر الذكرى؛ فكانت
وسيلتها في الإقناع والتأثير؛ ومصدرا للتكتيك (وهو الأهم) في الرواية؛ أما الرسائل فهي
صفحات مكتوبة بنبض «الوجع والقهر» الناحلة المرتجفة؛ ونزيف ذكرى الخيمة-الوطن
الرصاصة 666 ..»محاكمة التاریخ وإعادة صیاغتھ - صحیفة الرأي« 2021/17/3
4/3 ثقافة-وفنون/الرصاصة-666-محاكمة-التاریخ-واعادة-صیاغتھ/10582170/article/com.alrai
الجديد، ورؤى «اللاجئة» بصرف النظر عن الأسماء؛ لانها تُصبح بلا معنى إن لم تكن الخيمة
رديفتها؛ فتصبح أبجديتها غموض وضباب الأيام. هي ليست مجرد رسائل، بل هي كمياء
حبر ودمع واحتراق وخلاصة أحلام الذات الجريحة:
«لم تأخرت يا أدهم؟
أين أنت؟
رحلت السفينة!» (ص٢٣٦.(
وبين نار تشتعلُ هنا، وأناس أبرياء يُقتلونَ هناك، وبينَ بكاء بدمع حجري وحزنٍ مزمن
وفرح زخرفي، يلتقي زعماء الموت ليقرروا: (تعلمين انّ الموت والأمل والرّجاء والسّراب خدع
بصريّة؛ تتربصُ جميعها بنا كما هي الحياة» (ص٤١.(
جاءت رواية «الرصاصة 666 « جرئية وجارحة وموجعة العبارات والجمل والرؤى؛ خيالها واقعي
بتلقائية التناول والمعالجة. فنزيف أصابعها وثورة كلماتها هذه، راهنت على أمطار الفرح
التي ستفضي جرأتها يوماً إلى يقظة حقيقيّة؛ ووعي فكري شامل.
لسرد تفاحة بطارسة مرجعياته المتعّددة أو شيفرته المرجعية ؛ كما يسّميها رولان بارت.
فالاسترجاع التذكري الواقعي والمتخيّل معا هو أساس قوة وجمال التكتيك في هذه
الرواية، وكان لدى الروائية أبجدية متقنة لخلق وجود فاعل وحقيقي؛ فخيالها أكثر تأثيرا
ووقعا وألماً. هو سرد جدلي يرتقي بكلمات وجمل وأخيلة بكامل طقوس أوجاعها؛ وهي
تتقافز بألم قلب مُغرم بالإيحاء! حيث يتنوع الأسلوب ويتجدّد ليزداد إثارة كلما تعمقنا
بالقراءة، وفق شروط حريصة على السيرة الذاتية والسيرة الغيرية نحو البوح عبر
المونولوج الداخلي، وصولا إلى الفانتازيا ?لتي تتمظهر في لحظات بين الحضور والغياب،
وبين الواقع والخيال.







وسوم: #اليوم




طباعة
  • المشاهدات: 2306

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم