17-03-2021 07:35 PM
سرايا - كغيرها ممن سجل عبر منصة اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد، تلقت هيام 45 عاما، رسالة نصية عبر هاتفها النقال تنبهها لاستحقاق موعده، فانتابتها مشاعر مختطلة يبشرها بحصولها "مبدئيا" على مناعة، وقلق مرده لمعاناتها من سعال حاد قد يشي، وفقا لخوفها، بإصابتها بالفيروس
هذا الأمر دفع هيام، وهي ربة منزل، وبمبادرة ذاتية منها، لإجراء فحص الـ"بي سي آر"، وهو الفحص الذي يكشف الإصابة من عدمها بفيروس كورونا، فكانت نتيجة الفحص سلبية (غير مصابة) فاطمأنت، وذهبت لتلقي الجرعة الأولى في موعدها، دون أي هاجس
وفي الوقت الذي يطرح فيه مواطنون أسئلة حول ضرورة إجراء فحص الـ"بي سي آر" قبل أخذ المطعوم، من عدمه، تلقت هيام جرعتها الأولى من لقاح "استرازينيكا"، الذي أوصت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية "سمية سواميناتان" بمواصلة استخدامه لانه لم يجر التأكد حتى الآن، من وجود أي رابط بين تلقيه والحالات التي سجلت فيها آثارا جانبية له
وعن فحص "البي سي آر" قبل تلقي الجرعة، يؤكد أطباء ومتخصصون أنه لا يوجد أي "برتوكول" عالمي ينصح أو يحث على إجراء الفحص قبل تلقي المطعوم، وأن البعض يعمدون لإجرائه قبل التلقي، فقط للاطمئنان، مشيرين على الجانب الآخر، إلى أنه لا يجوز تلقي اللقاح، في حال ثبتت إصابة الشخص بالفيروس، وأن المطعوم لا يُعطي لمن تظهر عليهم أعراض الإصابة بفيروس كورونا، كالسعال والحرارة وفقدان حاسة الشم وغيرها من الأعراض المثبتة علميا وطبيا، حتى وإن لم يقم بإجراء الفحص
يقول اختصاصي الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير الفيروسات التنفسية الدكتور محمد حسن الطراونة: لا يوجد قاعدة علمية عامة موصى بها، حول ضرورة إجراء "بي سي آر" قبل تلقي المطعوم، والأصل أن من يعاني أي أعراض من الفيروس، لا يجري تلقيحه، لحين اختفائها، حيث يؤجل المطعوم لما بعد انتهاء الأعراض، مخالفا قول رئيس المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية الدكتور فراس الهواري، الذي يقول: لا داعي لإجراء "البي سي آر" قبل المطعوم
ويعود الدكتور الطراونة ليشير إلى أن البعض يصاب بالفيروس دون أي أن تظهر عليه أي أعراض، ولهذا قد يعمد لإجراء الـ"البي سي آر"، لمزيد من الاطمئنان، ليس إلا
وفي حديث معه عبر احدى تقنيات الاتصال الحديثة، يرى الاختصاصي في أمراض القلب والخبير في طب الكوارث في ولاية بوسطن الامريكية الدكتور وائل الحسامي، أنه لا داعي لإجراء فحص "البي سي آر"، إلا إذا شك المرء بوجود أي عرض من أعراض كورونا، ويمكنه كذلك إذا لم يتسن له إجراء الفحص قبل اللقاح، اطلاع المسؤول المباشر عن اللقاح بأنه يعاني من أعراض معينة. ويتابع: وبكل الاحوال،فإن المسؤول عن إعطاء اللقاح يسأل الكثير من الاسئلة الاحترازية لمعرفة الحالة المرضية للشخص
ويلفت إلى أن دقة "البي سي آر" متحركة، إذ تعتمد على توقيت بداية المخالطة وحتى ظهور الأعراض، وهنا تتراوح الدقة من صفر في اللحظات الأولى لالتقاط العدوى إلى 90
بالمائة، وقد تتراجع إلى 50 بالمائة، بحسب المدة الزمنية من بداية الإصابة حتى توقيت إجراء "البي سي آر"
ويؤكد: يستطيع أي من المصابين أو المخالطين أخذ اللقاح بعد مدة لا تقل عن 10 إلى 20
يوما من انتهاء العزل، وليس قبل أن يجري التأكد كذلك، من الوضع السريري العام، وخلو الشخص تماما من أية أعراض لكورونا
وعلى صعيد متصل، يرى الدكتور الحسامي أن احتمالات نقل العدوى لن تتضاءل قبل أن يجري تلقيح 85 بالمائة من سكان الكرة الأرضية، وأن تلقيح أكبر عدد ممكن من الناس قد يأخذ من ستة شهور إلى سنة،بحسب معايير كثيرة، منها الحصول على كميات وافية من اللقاحات للشعوب بمساواة وعدالة من جهة، ودرجة تقبل الناس لأخذ اللقاح من جهة أخرى
وحول المناعة التي يحصل عليها الشخص بعد التلقيح، يقول الحسامي، إنها تبدأ بتفعيل ذاتها منذ اليوم الأول للجرعة الأولى، لكنها تحتاج لـ 35 يوما متضمنة الجرعة الثانية، كاشفا: أنه لا دليل علميا حتى الآن، أن من أخذ اللقاح لا ينقل العدوى للآخرين، حيث من الممكن أن يحمل الفيروس، ولكن لا تظهر عليه الأعراض
ويزيد: كما لا يستطيع من أخذ اللقاح أن يخلع الكمامة، أو يخالط، أو ينسف مسافة الأمان، أو أن يترك التعقيم، مشددا: "على من تلقح أن يتعامل مع الفيروس وكأنه لم يأخذ المطعوم أساسا"، ويردف الحسامي، أن هدف اللقاحات هو حماية الفرد والمجتمع، وكبح جماح المرض، لذا من الأهمية بمكان تلقيح أكبر عدد ممكن من الناس، بغية تعزيز الأمان الصحي في سياق الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وللتخفيف تاليا من القيود الاغلاقية على القطاعات المختلفة طلبا لانتعاش الأسواق والاقتصاد، متابعا: وهذا ما فعلته الكثير من الدول، ممن مضت قدما في عملية اللقاح بالتزامن مع الفتح التدريجي للقطاعات المختلفة، بـ "حذر ومسؤولية"، وبحسب المنحنى الوبائي، وما تخبرهم به ارقام الاصابات والوفيات
ويدعو في هذا الصدد، لالتزام الناس بأوامر الدفاع وارتداء الكمامة المعقمة والنظيفة، وعدم المخالطة، والابتعاد عن التجمعات، دعما لكل ما تقوم به الدولة من إجراءات، الأمر الذي يخفف على المدى القصير من تصاعد المنحنى الوبائي، الذي لن ينخفض إذا لم يلتزم كل منا بكل الإجراءات دون أي تهاون
ويستطرد: إذا كان لابد من التواصل مع الناس، فلنتواصل مع من تلقوا اللقاح، ونكون نحن تلقيناه أيضا، ورغم ذلك لا يكون هذا التواصل إلا في نطاق ارتداء الكمامة وعدم التسليم جدلا بأن اللقاح يعني أننا في دائرة الأمان، ذلك أن العلم لا يعرف على وجه القطع حتى الآن كل شيء عن طبيعة الفيروس وتحوراته، لذلك على كل الدول الآن التركيز على إعطاء المطاعيم لشعوبها، لأنها الحل الوحيد المتاح حاليا لتحقيق الأمن الصحي، والانفتاح التدريجي للقطاعات بشكل متواز
ويشدد الدكتور الحسامي، على منطق أننا لن نكون بأمان صحي كما يجب إلا إذا كان الجميع بأمان، وأن لا دولة بالعالم تستطيع مجابهة كورونا لوحدها ما لم يجر التكامل والتنسيق وتبادل الخبرات والتجارب والكفاءات بينها وبقية الدول، حيث لا زلنا في بداية الانتكاسة الوبائية الجديدة، ولا شيء سيخفف منها، إلا الاستمرار بعمليات التقليح في كل أنحاء العالم بالتوازي مع الالتزام التام من الناس بكل الإجراءات الاحترازية
وفي عودة للقاح "استرازينيكا"، يلفت الدكتور الحسامي، إلى أنه وللآن لا يوجد أية دراسة علمية تتحدث عن علاقة هذا اللقاح بالتجلطات، كما لا يوجد أية دراسة تقول أن علينا أخذ "الاسبرين" في اعقاب تلقي اللقاح ذاته، ولا يعطي "الاسبرين" للجميع ، بل لفئات تحتاجه، مثل كبار السن الذين يعانون من أمراض القلب أو الجلطات السابقة أو مرضى السكري أو أنهم لا يستطيعون الحركة لأسباب معينة، وكل ذلك من خلال استشارة الطبيب المعني، وليس اعتباطيا
وفي الوقت الذي تعكف فيه منظمة الصحة العالمية على مراجعة منهجية لأية إشارات ومخاوف تتعلق بسلامة لقاح استرازينيكا، إلا أنها لم تتردد في التوصية باستمرار التطعيم به حتى الانتهاء من تلك المراجعات
وتقول المتخصصة بالرعاية الصحية الدكتورة الصيدلانية حنين عبيدات، لم يثبت العلم صحة أن لقاح "استرازينيكا" يسبب تجلطات، حتى اللحظة، وربما يعود سبب التخوف منه، إلى أن البعض يصدق الشائعة، ولا يستقي المعلومات من مصادرها الطبية والعلمية المتخصصة، حيث أن المطعوم آمن، وفقا لمصادر عالمية طبية
وينصح استشاري أمراض القلب والشرايين الدكتور زاهر الكسيح، في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) ومن منظور تخصصه، بتناول "الاسبرين" بعد تلقي مطعوم "استرازينيكا" كإجراء احترازي ووقائي لتبديد المخاوف لدى البعض، ووفقا لاستشارة الطبيب المتخصص