27-03-2021 09:36 PM
سرايا - الصورة المعقّدة لنتائج انتخابات الكنيست، تفتح الباب أمام مروحة واسعة من السيناريوهات، وتحقق أحدها مرهون بتراجع تيارات وشخصيات سياسية، عن تعهّداتهم للناخب الإسرائيلي خلال الحملة الانتخابية، وإلا فإلى انتخابات جديدة.
انتخابات الكنيست الـ24: النتائج والسيناريوهات
النتائج النهائية التي تمخّضت عنها انتخابات الكنيست الـ24، لم تحمل معها حسماً انتخابياً لصالح أحد المعسكريْن، معسكر نتنياهو، ومعسكر "التغيير" المناوئ لنتنياهو. فلم يحصل أي منهما منفرداً على أغلبية 61 عضو الكنيست.
زاد المشهد تعقيداً، فنتيجة الانتخابات أعطت "القائمة العربية الموحدة" 4 مقاعد، يحتاجها المعسكران لتشكيل الحكومة. هذه الحاجة تصطدم مع معارضة أحزاب أو أعضاء كنيست من المعسكريْن، بشأن المشاركة في حكومة تدعمها أحزاب عربية، ولو من دون مشاركة تلك الأحزاب في الحكومة.
هذه الصورة المعقّدة تفتح الباب أمام مروحة واسعة من السيناريوهات، التي سيكون تحقق أحدها مرهوناً بتراجع تيارات وشخصيات سياسية، عن التعهّدات التي أعطوها للناخب الإسرائيلي خلال الحملة الانتخابية. وإلا فلن يكون هناك من خيار سوى الذهاب مجدداً إلى انتخابات جديدة.
ملاحظات عامّة
- نسبة التصويت بلغت 67.2 في المئة، كانت الأدنى منذ العام 2009، وتراجعت بنسبة 5 في المئة تقريباً عن الانتخابات الماضية.
- نسبة تصويت متدنية عند فلسطينيي الـ48، أدنى من المعدل العام. النسبة بلغت 53 في المئة، مقابل 61 في المئة تقريبا في الانتخابات السابقة.
- تراجع تمثيل الأحزاب العربية من 15 مقعداً إلى 10 مقاعد (6 مقاعد للقائمة المشتركة، و4 مقاعد للقائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس).
- تراجع تمثيل حزب الليكود من 36 مقعداً إلى 30 مقعداً.
- النتائج حملت مفاجآت لجهة المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب التي كانت متأرجحة على حافة نسبة الحسم: حزب "كاحول لافان" (أزرق ابيض) و"الصهيونية الدينية" وهعفودا وميرتس و"القائمة العربية الموحدة". إذ نجحت كلها في تجاوز هذه النسبة بأعلى مما كان متوقعاً.
- عدد القوائم الانتخابية التي دخلت الكنيست بلغت 13 قائمة انتخابية، وهو عدد كبير مقارنة بعدد القوائم الانتخابية التي دخلت الكنيست السابقة، والتي بلغت 8 قوائم انتخابية.
- استناداً إلى النتائج النهائية، التي جاءت متقاربة جداً، يبدو واضحاً أن معسكر نتنياهو الذي يضم الأحزاب اليمينية، لم يحصل على الأغلبية المطلوبة، 61 عضو كنيست، حتى مع انضمام حزب "يمينا" إليه. وهو لهذه الغاية، بحاجة إلى تأييد القائمة العربية الموحدة له، أو بالأقل عدم التصويت ضده. وهذا وإن كان ممكناً بعد أن فتح رئيس القائمة، منصور عباس، الباب أمام خيار كهذا بإعلانه أنه ليس في جيب أحد وأنه مستعد لمنح شبكة أمان للائتلاف الذي يمنحه الخدمات، إلا أنه بات متعذراً بعد إعلان رئيس حزب الصهيونية الدينية، رفضه المطلق لهذا الخيار.
- لا يملك المعسكر المناوئ لنتنياهو أغلبية 61 عضو كنيست، وفرصه تشكيل ائتلاف حكومي مرهونة بموقف حزب يمينا والأحزاب العربية.
السيناريوهات الأكثر تداولاً لتشكيل الحكومة المقبلة
قبل الخوض في تشكيلة السيناريوهات المطروحة لتشكيل ائتلاف حكومي، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من التعقيدات التي تعتري المشهد الانتخابي، نظراً للتوازنات القائمة وكثرة الشروط والخطوط الحمر، فهناك عاملان قد يشكلا سُلّماً مناسباً وجاهزاً للنزول عن شجرة السقوف المرتفعة، هما ضرورة تغيير نتنياهو بالنسبة لـ"معسكر التغيير"، ومن جهة ثانية ذريعة تفادي الانتخابات الخامسة، وهي ذريعة تفتح باب الاحتمالات على مصراعيه.
يمكن القول إن خارطة السيناريوهات بناء إلى النتائج التي ظهرت، وربطاً بالمواقف والالتزامات والخطوط الحمر، التي أعلنتها التيارات السياسية كافة، يفضي إلى سيناريو واحد هو سيناريو الذهاب إلى انتخابات جديدة. لذلك فإن السيناريوهات الأُخرى، مرهونة كلّها بتراجع التيارات السياسية بعضها أو كلها عن تعهداتها للناخب الإسرائيلي.
سيناريو 1: حكومة برئاسة نتنياهو مع منشقين
أظهرت نتائج فرز الأصوات أن كتلة نتنياهو، ليس لديها أغلبية حتى مع "يميناً". وكذلك ليس للكتلة التي تريد استبداله.
واستناداً الى فرضية أن الأحزاب في كتلة التغيير، لا تنوي خرق تعهّدها والانضمام إلى نتنياهو، فلا يزال على نتنياهو "اصطياد" ما لا يقلّ عن عضوي كنيست من أحزاب أخرى من غير المضمونة كي يقيم ائتلافاً.
وما يصعب هذا السيناريو، هو حقيقة أن المقاعد الـ59 لكتلة نتنياهو – بنيت تتضمّن شخصيتين شديدتي التطرّف يمينياً: رئيس حزب "قوة يهودية" إيتامار بن غافير (من اتباع كاهانا) ورئيس حزب "نوعام" آفي ماعوز.
سيناريو 2: نتنياهو مع دعم من القائمة العربية الموحّدة
على فرض أنه لن يكون هناك "فارّين" من أحزاب أخرى، فخيار نتنياهو لإقامة حكومة هو بواسطة دعم خارجي من "القائمة العربية الموحّدة" برئاسة منصور عباس، التي أصبحت بيضة القبان الفعلية في خارطة القوى المعقّدة التي نشأت. فوفق النتائج النهائية (غير الرسمية)، فإن كتلة نتنياهو، بما فيها حزب "يميناً"، لديها 59 مقعداً.
على الرغم من استبعاد نتنياهو هذه الامكانيّة، وتعهده، بأنه "بصورة لا لبس فيها أتعهّد بألا يكون شيء كهذا. لن أعتمد عليهم (الموحدة) ولن أُشاركهم. لا بالامتناع ولا بأي شيءٍ آخر لأنهم حزب معادٍ للصهيونية"، على الرغم من ذلك فإنّ مقربين من نتنياهو عبّروا بأنّه إذا لم يكن هناك خيار، فسيُجري مفاوضات مع عباس.
هذا الأمر، أدّى إلى خلافٍ داخل الليكود، ما دفع نتنياهو إلى إصدار قرار بمنع وزراء وأعضاء كنيست حزبه من التطرّق إلى هذه النقطة في المقابلات الإعلامية. العقبة أمام هذا السيناريو، تكمن في رفض حزب "الصهيونية الدينية" له. ويذكر أن رئيس قائمة "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش أعلن بوضوح، أول من أمس (الخميس)، أنه لن يسمح بتشكيل حكومة يمينية تستند إلى دعم منصور عباس.
إذاً هذا السيناريو يحتاج لكي يتحقق، أن يحنث نتنياهو وبنيت وسموتريتش بتعهداتهم الواضحة. مع ذلك يبقى شبح الانتخابات الخامسة، هو السلّم الجاهز للنزول عن شجرة تلك المواقف.
سيناريو 3: حكومة لـ "معسكر تغيير" بدعم "الموحّدة"
لا يقلّ هذا السيناريو تعقيداً عن السيناريوهات السالفة الذكر، وذلك لأن "معسكر التغيير" لم يتفق رسمياً على مرشح واحد لرئاسة الحكومة، وإن كان رئيس حزب "يش عتيد"(يوجد مستقبل)، يائير لبيد، هو الأوفر حظّاً مع 17 مقعداً لحزبه.
عموماً يراكم هذا المعسكر 57 مقعداً مع مقاعد "القائمة المشتركة"، لذا فهو بحاجة إمّا إلى انضمام نفتالي بنيت بمقاعده الـ7، وهذا أمر مستبعد، وإما إلى منصور عباس بمقاعده الـ4.
مشكلة هذا السيناريو هو المعارضة المحتملة من حزب "تكفا حدشا"(أمل جديد) برئاسة غدعون ساعر للمشاركة في حكومة قائمة على دعم العرب.
سيناريو 4: حكومة معسكر نتنياهو مع أحد أحزاب معسكر التغيير
شرط هذا السيناريو، أن ينجح نتنياهو في إقناع حزب أو أكثر من "معسكر التغيير" بالانضمام إلى حكومة برئاسته، أو وفق مبدأ التناوب على غرار اتفاقه في الحكومة السابقة مع حزب "كاحول لافان" برئاسة بني غانتس، والرافعة لمثل هذا السيناريو، ستكون عدم الانجرار إلى انتخابات جديدة.
سيناريو 5: حكومة لـ"معسكر تغيير" مع الحريديم ومن دون ليبرمان
بموجب هذا السيناريو، يوافق الحريديم على الدخول في حكومة تترأسها شخصية يمينية (بنيت مثلاً)، بشرط إخراج خصمهم اللدود، أفيغدور ليبرمان، من حكومة كهذه.
في كل الأحوال، حتى لو قامت حكومة كهذه بالفعل، سوف تكون سلفاً حكومة لمدى قصير من أجل تحرير "إسرائيل" من دوامة الانتخابات التي لا تنتهي ومعالجة الأزمة الاقتصادية، ضمن توافق على وضع الخلافات في موضوع الدين والدولة جانباً وفي البُعد الدبلوماسي.
سيناريو 6: حكومة "معسكر التغيير" مع بنيت، ودعم من العرب
خيار آخر، هو حكومة، ولو "حكومة أقليّة" تجمع الأحزاب: "هناك مستقبل" و"تكفا حدشا" و"كاحول لافان" و"يسرائيل بيتينو" و"هعفودا"(العمل) و"ميرتس"، بالإضافة الى بنيت تصل الى 58.
المشكلة الأساسية هي أن هذه الأحزاب بحاجة للدعم من أحزاب غير صهيونية، أي بعض أحزاب "القائمة المشتركة" (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير 4 مقاعد)، ولو عبر الامتناع عن التصويت.
إن تحقق هذا الخيار يتوقّف على اغراء نفتالي بنيت برئاسة الحكومة ولو بالتناوب مع لبيد.
سيناريو 7: انتخابات خامسة
إذا لم يحصل تحوّل دراماتيكي في الّلحظة الأخيرة، وفي حال الالتزام بالتعهدات، فلن تحصل أي كتلة على الأغلبية. وستدخل "إسرائيل" مجدداً في دوامة التحضير لانتخابات خامسة، يصعب تقدير تداعياتها ونتائجها.
في هذه الحالة يبقى نتنياهو رئيساً للحكومة الانتقالية، مع الالتفات إلى نقطة مثيرة، وهي إمكانية (بدت داحضة في المدّة الأخيرة) خروج التناوب مع بني غانتس إلى حيّز التنفيذ. فإذا لم يكن هناك حكومة لغاية 17-11-2021، فإن غانتس من المفترض أن يحلّ مكان نتنياهو في رئاسة الحكومة، مثلما حُدّد في القانون عند تشكيل الائتلاف الحكومي الماضي.
"معسكر التغيير" يسعى لسنّ قانون لقطع الطريق على نتنياهو
ذكرت تقارير إعلامية، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "لا يستبعد إمكانية التعاون في الكنيست مع منصور عبّاس"، وذلك في ظلّ تخوّف الليكود من دفع المعسكر المناوئ لنتنياهو، باتجاه تغيير رئيس الكنيست، ياريف ليفين (الليكود) وسعي هذا المعسكر بقيادة رئيس حزب "هناك مستقبل"، يائير لبيد، ورئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، أفيغدور ليبرمان، إلى استبدال ليفين، وتنصيب أحد أعضاء الكنيست من المعسكر المناوئ في المنصب، ولاحقاً محاولة سن قانون يمنع متهماً بقضايا جنائية من تشكيل حكومة.
وشرع لبيد، وليبرمان، بالتواصل مع قادة أحزاب "معسكر التغيير" في محاولة لإقناعهم بضرورة هذه الخطوة، لمنع الذهاب لانتخابات خامسة. يحتاج المعسكر المناوئ لنتنياهو إلى 61 صوتاً للمضي قدماً بهذا الإجراء. يتطلب ذلك، دعم كل من حزب ساعر، و"القائمة المشتركة"، و"القائمة العربيّة الموحَّدة".