بقلم : علي الشريف
لا يوجد مواطن اردني لا يتمنى ان ينام ويصحوا ليجد ان وباء الكورونا قد انتهى واصبح من الذكريات والاغلب بات يعتقد ان نهاية الكورونا ستكون بقرار حكومي .
الجميع يتمنى ولكن الظاهر ان لا احد يريد الخلاص من هذا الوباء فالأمنيات عكس ما نراه يطبق على الواقع وعكس ما يجب ان يكون حسب المنطق .
نحن بتنا نمتلك ثقافة الاعتراض والاستهزاء على كل شيء تقوم به الحكومة مهما كان هذا الشيء ـ وربما تكون هذه الثقافة نتاج الضيق النفسي الذي يعيشه الناس واستغلاله بالتحريض المستمر على كل شيء .
حين تنادي الحكومة بالالتزام والتباعد واتخاذ سبل الوقاية الصحية ونشاهد الشوارع والانفلات والتجمعات نشفق على الحكومة فالامر اصبح (دقارة في الصحة )
وحين تطبق الحكومة اوامرها والقانون نستشيط غضبا لانها طبقت القانون وكاننا فوق القانون وفوق المرض وفوق الحساب والعقاب ولا نريد غير الثواب فكما ذكرنا الاعتراض اصبح ثقافة.
وفي المقابل ايضا حين تتخذ الحكومة قرارات صارمة وخصوصا فيما يمس ارزاق الناس نشفق على الناس الذين تقطعت بهم السبل او قلت ساعات الانتاجية عندهم بما لا يغطي تكاليف يومهم
و علينا ان ننحي جانبا جماعة الطشات والسهرات والتفحيط بالسيارات فهم يمثلون التحدي الغبي لكل منطق.
الحقيقة ان خطا الحكومة كان منذ البداية بالتساهل في اوامر الدفاع التي تصدرها حتى دفعت الناس للتغول على هذه الاوامر التي هي بمثابة حالة طواريء لا يمكن تجاهلها او التجاوز عليها .
والحقيقة الاكثر ان ما دفع الناس وبكل صراحة الى تجاوز اوامر الدفاع هو ما قامت به الحكومة نفسها من مخالفة لتلك الاوامرفلا يعقل ان يحاسب اشخاص تجمعوا بعدد العشرين ويترك اشخاص بالمئات .
هل يعقل ان نعرف مصدر السلالة البريطانية ومنافذها ولا تغلق هذه المنافذ والمصادر الحكومة الرشيدة ...حرصا على الاقتصاد ولو فكرت قليلا لوجدت ان ما تدفعه الان على المصابين من علاج اضعاف مضاعفه مما يأتيها من رحلات بريطانيا وغيرها لكن من يفكر.
هل يعقل ان نجد تجمعات بالمئات في بيوت العزاء وتبثها الفضائيات(الرسمية) دون ادنى مراعاة لأوامر الدفاع ...فسقطت كل تلك الاوامر دفعة واحدة بل ان الحكومة ساهمت باسقاطها.
بصراحة هناك استهتار كبير من قبل الجميع في التعاون مع جائحة الكورونا والشعور الاكيد ان لا احد يريد الخلاص الا بالأمنيات فالحكومة تضع اللوم على المستهترين والمستهترون يضعون اللوم على الحكومة.
لن يأتي الخلاص الا بالخلاص من المستهترين وهم اولا من الكادر الحكومي الغير ملتزم في الدوائر الرسمية واذا اخذنا نظرة بسيطة الى مؤسسات الدولة لوجدنا ان الالتزام يأتي فقط بالأحلام السعيدة .
وايضا يجب الضرب بيد من حديد على كل من يستهتر او يتهاون بسلامة الناس اي كان مكانه وموقعه واسمه وعمله فالحياة والصحة اهم من كل الاشياء.
ما وصلنا اليه هو نتاج صراع قاتل بين الوباء والغباء والجهل وتحدي المنطق من كل الاطراف والمنتصر دائما الوباء الذي بات يصفعنا من كل اتجاه .
فلا يعقل ان ننكر الوباء ونرفض اللقاح ونمارس التشابك الحقيقي بين المصابين والاصحاء ونبقى ندعي خوف الموت من الجوع ولا نخاف ان يقتلنا وباء يصادر الانفاس .
لذا وحتى نتعافى علينا ان نقاتل الغباء والجهل والنسخ واللصق ونقاتل التحريض قبل ان نقاتل الوباء فما ذكرناه اشد فتكا ولنعترف اننا بمصيبة .
والغريب ان الجميع يقول انه يحارب الوباء ..والاغرب ان الأغلبية تتبع الجهل والتحريض والغباء ........والله من وراء القصد