30-03-2021 08:57 AM
بقلم : احمد عبدالباسط الرجوب
ابدأ مقالي بمصطلح دأبت لاستعمالة للمقارنة بين القديم والجديد ، وهنا اقول علينا ان لا نفضل القديم لقدمة ولا الجديد لجدتة فكل قديم كان مستحدثا في عصرة ، فالقديم والجديد كلاهما فيه الغث والسمين ، سنصرف النظر عن الماضي بغثة وسمينة ونلتفت الى السمين في المجلس الـــ 19 الجديد...
اكتب من زاوية متابعتي لما يجري على ساحة بلادنا ، وفي حياد تام من جهة المراقب للايجابيات والظهور والاشادة بها والتنبية للسلبيات ووأدها في آبار اصحابها لعلهم يجدون لها الحلول ولمختلف الملفات والنشاطات التي تقوم عليها مؤسسات المجتمع المدني والحكومية ، والملف العالق محليا وعالميا " فيروس كورنا " اللعين الذي ادار المشهد العالمي من حيث " هو لا يُرى " بابشع صور الموت والاصابات والركود لا بل والانهيارات الاقتصادية لاعتى الدول في كوكب المعمورة...
نحن اليوم في صدد الحديث عن مجلس النواب الاردني التاسع عشر (الغرفة الثانية لمجلس الامة) ،هذا المجلس الذي التئم تحت قبة البرلمان يوم الخميس 10 كانون اول / ديسمبر 2020 في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر ،..التشريع والرقابة، مهمتان أساسيتان تقعان على عاتق النواب، لكن تطبيقهما يحتاج إلى إرادة حقيقية، بعيدا عن "التنفيعات (المنافع) والمصالح الشخصية" اللتان كانتا تلاحقان أعضاء المجالس السابقة، مما افقدتها القدرة على اكتساب مصداقية الأداء أمام القواعد الشعبية ... تحديه القادم صراع بين نقيضين، إما أن يكون أداؤه إرث روتيني مثل المجالس السابقة وبالاخص المجلس الــ 18 (شبه غائب حضورا وتفاعلا أثناء التحديات الجسيمة التي واجهها المجتمع الأردني بمختلف شرائحه) ، أو تحول نوعي سيادي يستحوذ فيه على ثقة الشعب.. وللانصاف هناك ثلة من اعضاء المجلس النيابي السابق من مختلف المحافظات - الذي لا يتسع المقام لذكرهم - ترفع لهم القبعات شكرا لادائهم الوطني خلال فترة عضويتهم السابقة تحت القبة،... فليس سراً أن نسبة الرضى الشعبي عن أداء مجلس النواب السابق لم تكن عالية ، وهذه حقيقة أظهرها اكثر من استطلاع رأي ، ورغم أن الحديث كان دائماً يتركز على أزمة الثقة بين الشعب والحكومات، فإن ذلك لا يلغي أن حال البرلمان في نظر الشعب لم تكن أحسن من حال الحكومات، ... وفي هذا السياق لفت انتباهي مثل غيري من المتابعين ما ادلى به رئيس المجلس العودات عقب انتخابة لرئاسة سدة المجلس حيث اكد الحرص على معالجة الاختلالات التي تسببت بانطباعات سلبية عن المؤسسة التشريعية، ويكون ذلك بداية عبر ملامسة قضايا وتطلعات المواطنين، والوقوف عند كل ملاحظاتهم لأنهم عين الرقيب على أداء المجلس.
لقد مارس مجلس النواب الجديد استحقاقاتة الدستورية، أهمها منح الثقة بحكومة الدكتور بشر الخصاونة، وإقرار الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية لعام 2021، وفي نظرة عابرة على اداء الكثير من النواب في مناقشاتهم لبيان الثقة وقانون الموازنة العامة للدولة فقد القت تشكيلة المجلس الـــ 19 الجديد، والتي ضمت مجموعة متنوعة من التخصصات الكفيلة بتغطية كافة المجالات من شأنها الإسهام بدور رقابي وتشريعي يساعد على نهوض عمل المجلس خاصة إذا ما نجح المجلس بالتقاط الرسالة الممثلة بوجود نواب جدد كعنوان للتغيير والتجديد والحداثة بعيدا عن النمطية والذهنية البطيئة والتي اعتراها القدم في الاداء او الحضور...
إن المجلس الـــ 19 تنتظره ملفات وقضايا هامة، يأتي في مقدمتها ملف فيروس كورونا الذي ترك تداعياته السلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والمالية المتردية أصلاً ، حيث شرع المجلس منذ بدء دورة اعمالة بتفعيل دوره الرقابي على أداء الحكومة في هذه المجالات، وإقرار التشريعات والقوانين التي من شأنها الإسهام في معالجتها وإيجاد الحلول لها .. وفي سياق متصل وفي بادرة حسنة من رئيس المجلس تابعنا من خلال شاشات التلفزة الاردنية الجلسات الرقابية والتشريعية التي يقوم عليها المجلس وما يتداولة النواب من قضايا هامة بحث كانت تتاح للنائب الادلاء برأية في الجلسات التشريعية وطرح اسئلته في الجلسات الرقابية ومن الجدير ذكره فقد خصص هذا المجلس جلستين اسبوعيتين احداها رقابيه والاخرى تشريعيه ، وكما علمت فقد بلغ مجموع الاسئله الرقابيه الموجهه للحكومه في كل جلسه لايقل عن 15 سؤالا بحيث تجاوز مجموع الاسئله في اول 100 يوم من عمر هذا المجلس عدد الاسئله التي وجهت للحكومة خلال عمر المجلس السابق..
لا شك بان الاوضاع الاقليمية غير مستقرة وفي توقعاتي انه ينظر الى قادم الايام بانها حبلى بالمفاجآت وهنا اعتقد بان مجلس النواب ممثلا برئيسة مطالب بأدوار خارجية، ... وفي فهمي لمهنية واداء رئيس المجلس القانونية (خلال ترأوسة للجنة القانونية في المجلس الــ 18) ، وبالتظافر مع جهود نواب المجلس الى ضرورة تفعيل الدبلوماسية البرلمانية، والتعاطي مع ملف القضية الفلسطينية في الاتصال بالبرلمانات الإقليمية والدولية للانتصار للجانب الفلسطيني في إقامة دولته وفقا لمبدأ حل الدولتين ،... وتبدو في الافق فرصة سانحة امام المجلس الــ 19 للانتصار للقضية الفلسطينية مع وصول ساكن البيت الابيض الجديد (جوزيف بايدن) الديمقراطي الذي يحترم القرارات الدولية على عكس سلفة الرئيس ترامب والذي لم يمتثل لها من خلال محاولته تصفية القضية الفلسطينية، بطرحه صفقة القرن المتحيزة للجانب الإسرائيلي...
وفي سياق ملفت للانتباه يحسب باهتمام لمبادرة رئيس المجلس المحامي عبد المنعم العودات مؤخرا عن إطلاق حوار وطني بداية الشهر المقبل للخروج بتصور حول قانوني الانتخاب والأحزاب ، موضحا بأن هذا الحوار سيضم جميع الاطياف من مختلف مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب وقادة الرأي (، النقابات المهنية والعمالية ، الاحزاب القومية واليسارية والاسلامية والوسطية ، الشباب،والمرأة) ، تمهيداً للوصول الى توافقات حول التشريعات الناظمة للحياة السياسية ، وهى بمثابة خروجاً من حالة الاحتقان والركود التي تعيشها الاحزاب والنخب السياسية ، مبادرة العودات حركت المياه الراكدة والتي كانت (اي المياه الراكدة) مرتعا لمتسلقي جدران الاقاويل والتاليفات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. وفي تصوري اذا ما توافقت الاطراف ، والتي سوف تلتئم لمناقشة جدول اعمالها على طاولة مستديرة ، ومراجعتها لجميع القوانين الناظمة للحياة السياسية واذا وجدت النوايا الصادقة فإنها ستخرج بقوانين عصرية ناظمة للحياة السياسية في البلاد...
وعلى ضوء ما تقدم وفي الجوانب التفاؤلية من اداء المجلس فإننا نطالب المجلس الكريم بان يمارس مسؤلياته على الحكومة حول ضرورة قيامها بالعمل على وضع اطار للاستراجية الوطنية للخروج بحلول قابلة للتطبيق لتحريك عجلة الاقتصاد الراكد وايجاد المشاريع التي تستوعب الايدي العاطلة عن العمل لمحاربة ظاهرة البطالة والتي تجاوزت 30% في بداية هذا العام مع تفشي جائحة كورونا في البلاد وهم ما يؤثر على التوازن المجتمعي والترابط الاسري..
ختاما ... على مجلس النواب أن يسهم في الحراك نحو الديمقراطية من خلال تقديم أداء أكثر نضجاً ومؤسسية وإقناعاً. وفي النهاية، يبقى الحكم للشعب الذي سيسائل النواب حين يذهب الى صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة..
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com