حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,18 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4762

بالصور .. مسار وادي الشام ومطل الأرز

بالصور .. مسار وادي الشام ومطل الأرز

بالصور  ..  مسار وادي الشام ومطل الأرز

10-04-2021 01:53 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - مسار جمع مابين البساتين وأشجار الحراج بشذى الياسمين ورائحة الشام والغروب بين أشجار الأرز على سفوح دبين.

اخترنا مسارًا استجمامياً بمستوى سهل لا يحتاج لمعدات وأدوات مساعدة أو الكثير من الماء، كان الانطلاق من أمام محمية الغزلان التي استانست وجود البشر مطعمينها من خلف الشباك بين أحراش دبين بمحافظة جرش، ومنها اتجهنا نحو التل متوجهين نزولاً إلى بداية الوادي الواقع ضمن مسار واضح المعالم قليل العوائق، متخللاً بدايتة بساتين اللوز، التي أرخت أغصانها على الطريق وحسب العرف بين أهل القرى والفلاحين ما خرج عن السور فهو للعابرين وما داخله يستوجب الإذن وأهل الكرم دوماً يجيدوا بكرم ضيافتهم.

شذى الأزهار والعطريات ينعش القلب ويجدد الروح، فكل مكان له رائحته، هنا ليمون وهناك صنوبر وزيتون وزعتر، كل شيء في الربيع له نكهته حتى الخرفيش ذو الشكل الشوكي القاسي له طعم خاص قبل أن تلوحه حرارة الشمس، قلب ساقه الرطب مصدر تجديد لما يحتاجه عشاق المسير الطويل من معادن وأملاح، فهو مطهر للأمعاء ومكسر لما ترسب في الكبد من سموم وعلاجٌ نوعي لمدمني الكحول.

وبين أشجار الصنوبر الحلبي كان لنا نصيب بخبز الراعي الأخضر الطيب الذي لا يدوم ربيعه طويلاً متخفياً بصغر حجمه بين الحشائش، والدحنون الذي أخذ يودع موسمه منهيا ً حكاية الحب والموت وفي أسطورة حبيبة ادونس سيدة الحسن والجمال فينوس الذي اختلط دمه بالأرض لينبت ورداً كل عام، ومثله النعمان ابن المنذر بن ماء السماء الذي اصحبت الأزهار شقائق له.

قادنا الدرب طوعاً إلى طريق تراجان المرصوف من بصرى الشام حتى ميناء آيلا بخليج العقبة، 111 ميلادي، متخللاً مدن الديكابولس العشرة وسبعة منها في الأردن، الطريق الذي عبرت مواكب الملوك وعربات القادة وخيول الجند والحكماء، وقوافل التجار محملة بما غلا وطاب من بخور وكافور وحرير، وعليه كانت استراحتنا الأولى مشرفين على تل عويمر في الأفق وظهر المنارة وفنجان قهوة مع هدوء وصمت المكان إلا ما تخلله من زقزقة عصافير وصوت حجل، وفي محيطنا وعلى جنبات الطريق الملوكي ترك أهالي جراسيا خرب خدموا فيها العابرين بخربة السوق والساخنة ونجدة والفوارة.

استكملنا الطريق غرباً حتى مشارف بلدة الصفصاف بمحافظة عجلون ولنعود إلى نفس الوادي بين أشجار البلوط والملول والقيقب الذي يتجدد لحاء ساقه ويتلون مع كل فصل، وكان لنا إلهام لمجموعة فوتوغرافية تنادي لحماية البيئة والمحافظة على المساحات الخضراء الحرجية، ومن القيقب الكثير من الفصائل منها الأحمر والامرد والتركماني وقيقب جبل الشيخ وكذلك والشيطاني والدلبي وغيرها الكثير حتى تجاوزت المئة وخمسين صنف ومن أندرها ما هو في بلاد الشام وقد تفتحت أجراس أزهاره معلنة لموسم العسل، ولمرونة خشبه وقوته صنعت منه أجود أقواس رمي السهام، ومن لذيذ ثماره التي تنضج مع بداية الشتاء هناك دبس خاص عرفته جداتنا وأوصى به اشهر الطهاة، فما اجملها من طبيعة إنْ عرفت أسرارها وقعت أسير تفاصيلها.

وإنْ أصابك شد عضلي من طول المسير فعليك بالصوفان والمعروف بالقدحة ذات الأطراف الناعمة التي تشتعل بشرارة واحدة أو أدنى حرارة احتكاك، ومثلها العفص الذي يطحن ويخلط مع زيت السيرج وتدهن به العضلات المتصلبة، ولكن حذاري فهو موطن للدبابير كما له استخدام في تلوين الجلود وصباغتها وما زالت تستخدمه أفخر بيوت التصميم العالمية لثبات مادته وتجانسها.

أكملنا المسير حتى وصلنا مبتغانا شجر الأرز ضمن محيط المحمية، وقلة من الناس الذين اتاحوا لأنفسهم البحث عنه وهو قريب على قمة جبال دبين بمنظر بنوراميٍ مطلٍ حتى مشارف عمان، منهين بذلك ستة عشرة كيلو متر، ومن يكون في جرش لا يعود إلا محملاً بمنتجات أجبان محلية ولبنة جرشية محفوظة في زيتون بلدي.

"عبدالرحيم العرجان "











طباعة
  • المشاهدات: 4762

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم