12-04-2021 09:33 PM
بقلم : أحمد الطراونة
لم أمدح وزيرا عاملا في حياتي، لكنني وجدت نفسي امام حالة وطنية استثنائية، وزير يمسك بزمام الفعل بصورة لافتة، ويقدم نموذجا أردنيا خالصا في التنظير لمشروعه الإداري لحالة زراعية كنا قد وصلنا لمرحلة من اليأس في أن يعاد لهاالحياة.
قبل أيام استمعت جيدا لوزير الزراعة المهندس خالد حنيفات في لقاء واسع على قناة المملكة مع الإعلامي عامر الرجوب، وكان اللقاء عاليا في الطرح وناضجا ومكتملا وشاملا في الاحاطة بالمشروع الزراعي الوطني وما تقوم به وزارة الزراعة وما كانت تقوم به، وما يخطط له الآن فيأروقة هذه الوزارة للنهوض بهذا القطاع الذي يعد واحد من أهم القطاعات الحيوية في الدولة ورافدا مهما من روافد الموازنة العامة ومحركا مهما من محركات الحياة في المجتمع.
ما دفعني للكتابة هو طريقة الوزير في تناول بنود خطته، وقدرته على الدفاع عن كل بند من بنودها، والرد الواضح على الانتقادات التي توجه للوزارة، وهو بذلك يطرح نموذجا وطنيا مهما في الحوار الناضج، والذي يعيد للناس الثقة بالأداء الحكومي عندما يتسلّم أصحاب الخبرة والتجربة زمام الامور، ويعملون من أجل تقديم ما يمكث في الأرض بعيدا عن زوايا الإعلام البرّاقة التي تكرس الأسماء غير المنتجة، وتقصي أصحاب الفعل الحقيقي.
طرح الحنيفات مشاريع مهمة، وهي استراتيجية حقيقية إذا ما تم تنفيذها، وإذا ما اعطي الفرصة اللازمة لإنجازها، وما ادهشني كغيري ممن تابعوا اللقاء هو ما كان عليه الحنيفات من ثقة بما يطرح، ونتساءل أيضا لماذا مثل هذا الوزير لا يعطى الفرصة الكافية لإنجاز خطته؟.
الخطة التي طرحها حنيفات والتي تكونت من سبع محاور تستهدف الانتقال بالقطاع الزراعي من الريع إلى الانتاج، وترفع العبء الذي يرزح تحته المزارعون من خلال تركيزها على مدخلات الإنتاج، والإقراض الزراعي، والتصنيع الغذائي وامتصاص الفائض، والتسويق، والمشاتل، والرقابة على الحراج، وصندوق المخاطر.
فسّر الحنيفات باستفاضة محاور خطته، فأكد على ان الوزارة تدرس كلف مدخلات الإنتاج على غرار مؤسسة الغذاء والدواء، للعمل على توفير تلك المدخلات بأسعار معقولة بالنسبة لمصدرها وأسعارها في دول الاقليم. اضافة تأكيده على ان الوزارة تعمل على توفير تمويل للمشاريع التكنولوجية والعمالة المحلية ومحاصيل النقص، اضافة الى انها ستوفر قروض بقيمة 35 مليون دينار، دون فوائد، وتوفير مبلغ 200 دينار كراتب شهري من قبل الوزارة لكل أردني يعمل في مزرعة تمتلك حق استقدام عمالة وافدة، في سياق التقليل من العمالة الوافدة، كما تستهدف الوزارة تحريج الطرق الصحراوية ومداخل المحافظات، ما يوفر 3 آلاف فرصة عمل لمدة 6 أشهر براتب 260 ديناراً، وان الوزارة ستعلن عن منطقة تنموية في منطقة الأغوار الجنوبية، هدفها توفير بنية تحتية للصناعات الغذائية، وهي رُب البندورة والتجفيف والتفريز، وأن الوزارة بصدد تأسيس مركز بالشراكة مع القطاع الخاص لتعبئة والتدريج تستهدف اسواق الخليج والاسواق المحلية.
عناوين كثيرة كانت تطرح باستفاضة ووعي بحالة زراعية لم تعد تسر الخاطر في الأردن، حالة تحتاج إلى وزير جريء وقادر على اتخاذ القرار، ولعل حنيفات ضالة القطاع الزراعي بشهادة أبناء الميدان الذين يدينون له بالكثير من القرارات التي كانت ستنقذ القطاع لولا قصتنا مع التعديل والتشكيل الذي يقتل احيانا أكثر مما ينقذ.
ولا أعتقد أن حنيفات بهذا الاندفاع وهذه القدرة العالية على الغوص في تفاصيل المشهد الزراعي سيغيب عنه ما تعاني وزارة الزراعة من ترهل أداري كان سببا في ما وصل اليه القطاع، لذلك سنرى قريبا خطة الاصلاح الإداري في وزارة الزراعة والتي تهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة للمزارعين والمستثمرين موضع التنفيذ. وسنرى ان التشريعات أيضا ستكون موضع النظر والمراجعة وبما يحقق تبسيط وتسهيل الاجراءات ويواكب التطورات والتغيرات المتسارعة وتذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه المستثمرين في قطاع الزراعة.
بقي أن نقول: المرتجفون لا يتخذون قرارا، واعتقد أن يد خالد لم تكن مرتجفة يوما من الأيام، واعرف أنه صاحب قرار، ونعلم جميعا أن هنالك قوى للشد العكسي يضرها ما ينفذ الآن في وزارة الزراعة، وان هنالك من يريد ليّ ذراع الحنيفات بالتهديد والتشهير لكننا ندرك جميعا نظافة يده وقدرته على اتخاذ القرار..
إن تتم السيطرة على الأسواق والأسعار بهذه الطريقة المنهجية العلمية والوطنية، يعني أننا أمام أفق متفائل للقطاع الذي كان يئن تحت وطأة المتنفذين والذين استغلّوا أوضاع السوق ولعبوا بالأسعار كما يريدون، أما اليوم فالسوق واضح، واللعب أصبح مكشوفا أمام إرادة صلبة في الأخذ على يد كل متكسّب على حساب الوطن.
اعتقد جازما أننا في عهد وزير الزراعة الحالي المهندس خالد حنيفات، سنشهد نقلة نوعية في هذا القطاع، وستسهم في انتشاله من واقع مؤلم.