حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,25 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2593

العجارمة يكتب: "يا خَفقَةَ السِّلاحِ والقَلَم" ..

العجارمة يكتب: "يا خَفقَةَ السِّلاحِ والقَلَم" ..

العجارمة يكتب: "يا خَفقَةَ السِّلاحِ والقَلَم"  ..

16-04-2021 12:58 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نوّاف العجارمة

كتب أمين عام وزارة التربية و التعليم، الدكتور نواف العجارمة، مقالا حول يوم العلم الاردني الذي يصادف اليوم، وتاليا ما كتبه:

لمْ تكنْ يومًا قطعةً منْ قماشٍ، ولوْ كانَتْ مِنْ إستبرقِ الجنانِ وسندسِها، أوْ منْ حريرِ القزِّ، ولا قطعةً منَ القلبِ، أوْ مساحةً شاسعةً متراميةَ الأطرافِ منَ الرّوحِ، ولا أنتَ سوادُ العينِ وإنسانُها، أنتَ القلبُ بحجراتِهِ الأربعِ، تنبضُ فينا مؤشِّرَ حياةٍ، وتضخُّ في عروقِنا العزَّةَ والكرامةَ والإباءَ، مخضّبةً بالمسكِ والحنّاءِ. تضيقُ الرّوحُ إنْ لمْ تُحلِّقْ بجناحيْها ما بينَ أخضرِكِ وأسودِكَ حرّةً عصماءَ، ويرتدُّ سوادُ العينِ حزينًا إنْ لمْ يأنسْ بخفقِكَ عاليًا، ولم يكتحلْ بألوانِكَ ساطعةً، تلوِّنُ المدى بهويّتِكِ، وتنازعُ الفضاءَ اتّساعَهُ وامتدادَهُ.
كلُّنا في عشقكَ جعفر، الهاشميُّ الطّيّارُ ابنُ أبي طالبٍ، إذْ ضحّى يومَ مؤتةَ في جنوبِنا العزيزِ الأشمِّ بيمينِهِ، وهيَ تحملُ الرّايةَ، فالتقفَتْها يسارُهُ، فضحّى بيسارِهِ دونَها، فاحتضنَها بعَضُدَيْهِ، وقدَّمَ في سبيلِ رفعتِها روحَهُ الشّريفةَ الّتي سكنَتْ كلَّ الأردنيّينَ وهجًا منْ بطولةٍ خالدةٍ، تمورُ في قلوبِهم بركانًا، كلَّما رمقوكَ بعينِ العاشقِ، وأنتَ ترفرفُ في سماءِ عزِّكَ حُرًّا نبيلًا شامخًا.
منْ منَّا سبقَ الآخرَ في عشقِهِ؟ أأنتَ حينَ كُنْتَ ظلَّنا في كلِّ قيظٍ، وغِطاءَنا في كلِّ زمهريرٍ، وفُسْحةَ الحياةِ في كلِّ ضيقٍ، وسندَنا في كلِّ أمرٍ عسيرٍ؟ أمْ نحنُ حينَ كنّا نراكَ تتوسّدُ صدورَ النّشامى الأوائلِ، وتلتمعُ في عيونِهم أملًا ووجعًا لا يفارقُ أهدابَهمِ، ولوْ ساوَرَها الوَسَنُ بُرهةً في غمرةِ السُّهْدِ في عشقِك المحفورِ خشونةً في زنودِهم، المصِبوغِ سُمرةً على جباهِهمُ الأبيّةِ، وحينَ كُنّا نُنشدُكُ لحنًا عذبًا شجيًّا، يستمدُّ أنغامَهُ منْ حناجرِ أطفالٍ جاؤوا ليتسلَّحوا بالعلمِ للذَّوْدِ عنْ حماكَ، فاستهلّوا صباحاتِهم بالعباراتِ الخالدةِ فيكَ:
خافقٌ في المعالي والمنى ... عربيَّ الظّلالِ والسّنا
في الذُّرا والأعالي ... فوقَ هامِ الرِّجال ... زاهيًا زاهيًا أهيبا
حيِّهِ في الصَّباحِ والسُّرى ... في ابتسامِ الأقاحِ والشَّذا
يا شعارَ الجلالِ ... والتماعَ الجمالِ ... والإبا والإبا في الرُّبا
وحينَ كُنّا نرسمُكَ في دفاترِنا أطفالًا، يخلطونَ بينَ ترتيبِ ألوانِكَ، ولا يُخطئونَ في حبِّك أبدًا، يتحاورونَ كيفَ يجعلونكَ تبدو خفّاقًا فوقَ الورقِ، مثلَما أنَّكَ خفّاقٌ في الصُّدورِ.
فيكَ ما يُشبهُنا، وفينا ما يُشبهُكَ؛ فقد تقاسَمْنا الأملَ، فرسمْناهُ سطرَكَ الأخضرَ، وتقاسَمْنا التّضحياتِ، نقطفُ بها نجمةً سباعيّةً لكَ منْ أعالي السّماءِ، ونرويها بدماءِ التّضحياتِ، متوشِّحينَ بالصّبرِ في كلِّ دهماءَ مرَّت بليلِكَ؛ لنبقى على عهدِ الأوائلِ في عمقِ بياضِك.
ها نحنُ في خندقِ السّلاحِ والقلمِ، نتقاسمُ عشقَكَ الأبديَّ جنودًا ومعلِّمينَ، بادلوكَ الإخلاصَ بإخلاصٍ، وتفانَوا في الذَّودِ عن حماكَ في سمائِكَ، وفي الصّدور والضّمائرِ؛ لتظلَّ خالدًا ممجَّدًا، ساميًا في علاكَ، ما نَكَّسوكَ أبدًا، ولا خَذلوكَ. أرواحُهم ساريتُكَ، وأجسادُهم سياجُكَ المنيعُ الحصينُ.
كلُّ عامٍ وأنتَ العزيزُ، وأردنُّنا عزيزٌ تحتَ ظلِكَ الوارفِ، وسيّدُنا -أوَّلَ العاشقينَ لكَ- قريرُ العينِ، وكلُّ عامٍ وجنودُكَ حولَكَ، منْ حاملي همِّ الدّفاعِ عنْ حياضِكَ في جيشِكَ الأبيّ المغوارِ ، ومنَ المعلِّمينَ القابضينَ على جمرِ رسالةِ التّعليمِ، الشّركاءِ في حبِّكَ، يقتبسونَ من عزّتِكَ ما يمكّنُهم منْ مواصلةِ المسيرِ، ويُقيلُهم كلّما تعثّروا بحجارةِ الطّريقِ.











طباعة
  • المشاهدات: 2593
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم