18-04-2021 12:23 PM
سرايا - يحمل شارع الملك طلال ذكريات الفرح الرمضانية منذ بواكير تاريخ العاصمة عمان، المتزينة بمعالم حضارية وتجارية ما زالت تعانق عبق الماضي وذكرياته رغم الحداثة التي دخلت المدينة بسكانها الذين يمثلون فسيفساء للأردن الزاخر بمكوناته وتعدد الثقافات.
فمن محلات بيع الملابس التراثية وما يميزها من عراقة تحاكي تراث الاردنيين الأوائل وما يحمله من أصالة وروحانية تعكس موروثات الاجداد الذين ظلت أذواقهم تكرس ثقافة راقية باختيار نوع اللباس كدلالة على التفرد والتميز في اطار هوية ثقافة خاصة، الى الثوب المطرز والعباءات المقصبة ومنديل الاردن المهدب، والذي ظل حاضرا في الاغنية الشعبية الاردنية.
وثمة ادوات ظل يستخدمها الاردنيون الى يومنا هذا في اعداد القهوة العربية "السادة" تمثلت بـ (النجر والدلة والمحماسة والمهباش) وكلها أدوات لها ارتباطات بشهر رمضان الفضيل وما يحمله من روحانية، وما تضفيه من فرح ظل مرتبطا بدق المهباش وصوت النجر ورائحة القهوة التي تملأ المكان. ومن ذاكرة رمضان هناك ما يعبر عن موروثات أصيلة وما تختزنه ذاكرة الأردني، ويقتنيها واقعا تتمثل بسروج الخيل والاسلحة التراثية من الخناجر والشباري، تعبيرا عن الاستعداد للشهر الفضيل وبشاراته.
واليوم في وسط البلد يستهويك منظر الحلويات الرمضانية ومذاق العوامة وكرابيج حلب والسلفانة والكيعكبان والراحة الشامية والسمسم والجوز، يتجاذب اليها ساكنو عمان الغربية والشرقية بجبالها السبعة للتسوق منها ومعها السلع ذات الطابع الرمضاني والمشاريب الخاصة بمختلف انواعها ومنها التمر الهندي وعرق سوس.
يقول الحاج عوض، اعتدت زيارة هذا الشارع مذ كنت طفلا في كنف والدي وكان كلامه يلامس مني السمع عن شارع الملك طلال حيث يجد فيه راحة خاصة دون غيره من الاماكن، فيما يخبر عن ابيه الذي ينقل له الاشعاع الذي يمثله الشارع بطابعه الذي جمع بين السياسة والتجارة والثقافة، إذ لم ينزع عنه رداء الشعبوية النظيفة والتي كانت تعج رقيا وثقافة.
وفي هذا الصدد يتحدث الحاج عوض فيما يرويه عن والده حين كانا يشاهدان جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن الحسين والسادة الامراء والاشراف بين الفينة والفينة في هذا الشارع وبين الجماهير، الى جانب نخب عمان من شيوخ ومخاتير المملكة كافة، يجمعهم كلهم عامل التسوق، لتوفر ما يبتغونه.
الطالبة نورعلي تقول، ان شارع الملك طلال رغم اغترابها للدراسة في المملكة البريطانية إلا أنه يشكل لها حالة من الجذب والانتماء الى تاريخ عريق ارتبط بروعة المكان وروحانية ما يزخر به من تنوع في طريقة العمارة، وما يطرح من سلع وتحف شرقية مثل الزي الاردني التراثي للفتاة الاردنية الذي كثيرا ما يرغب به زملاؤها بالجامعة.
الشيخ ابوراشد احد مرتادي وسط البلد يؤكد ان الشارع يذكره بوالده حين كان طفلا يركض الى جانبه، وتتفاوت رغبته بالتسوق في كل مرة.
اما رجل الاعمال فيصل عطية فيقول، تستبد بي الرغبة دائما في قيادة المركبة في المناطق المزدحمة وعلى وجه الخصوص شارع الملك طلال، وهو الامر الذي يضفي في وجداني شيئا من عبق الماضي ورائحة الأحباب.
علي العدوان - (بترا)