21-04-2021 09:16 PM
سرايا - كتب رايق المجالي - كنت وأياه دفعة واحدة في مؤتة الجامعة برغم أنه يكبرني بسنوات فقد تخرج من معهد البوليتكنك وعمل في وزارة الإتصالات حينها لكن طموحه لم يكن يقف عند حد ولم يكن يعترف وينصاع للظروف وكان دائما مؤمنا بأن قدر الإنسان يصنعه بتوفيق الله وبمثابرته.
أمضينا سنوات الجامعة وكان على مدى أيامها أكثرنا حركة ونشاطا وأكثرنا نضوجا وحكمة فكان كهلا في مقتبل عمره يوجعنا كالضمير كلما مارسنا طيش الشباب حتى أنني كنت أوصى أقربائي أن يكتموا عنه نوايانا بالقيام بأي مشاجرة أو الدخول في أي معركة من معارك طيشنا حتى لا يمنعنا لكنني كنت احرص على توليه زمام الأمور عندما ننتهي لأنه الأقدر على حل أي مشكلة بحكمة وعقلانية وهو أيضا الأوسع علاقات مع الجميع فكان الشيخ العاقل الذي يجبر الكسر ويصلح ما أفسده الطيش والرعونة.
كان (حازم) منذ تلك الأيام يكفي ان تذكر إسمه الأول ليعرف دون أن تنسبه لعشيرة أو منطقة وكان الذي لا يهدأ ليلا نهارا في تواصله مع كل بشر فالناس بالنسبة له بشر لا تحدد علاقاته بهم أسمائهم أو عشائرهم أو مناطقهم أو أعمارهم أو وظائفهم.
كان (حازم) في تفاصيلنا اليومية أيام الجامعة وفي تفاصيل كل من إرتادوا الجامعة طلابا ومدرسين وموظفين كما كان في تفاصيل كل الكرك لعمله في الإتصالات ولما لديه من جلد على متابعة تفاصيل المعارف فيخدم من أراد خدمة ويجامل من لديه مناسبة أينما كان.
تخرج قبلي وأبتعد في أشغاله حتى حطت رحاله في العقبة مديرا للإتصالات وكان فيها من يومه الأول الحاضر في تفاصيلها وفي كل حركة وعمل رسميا وإجتماعيا حتى دارت الأيام لنلتقي زملاء عمل في سلطة منطقة العقبة وعاد مجددا في تفاصيل أيامي وكان كما كان قبل أن تتباعد بيننا مساراتنا وعاد (حازم) ذلك الكهل والشيخ وذلك الضمير الذي يؤنبني ويؤنب غيري عند كل حدث أو حادثة لم يرى فيها صوابا ولكن هذه المرة كان كلما إلتقينا يصارحني أكثر ويمازحني أكثر ويشرح وجهة نظره وما عمل وماذا سيعمل.
عرفت عنه كل ما عرفه أهل العقبة لكنني زدت عليهم بأن عرفت أشياء لم يكن ليصرح بها حتى لا يضيع الأجر.
كنت أرى من يختلفون معه وعليه في تبدل سريع ودائم من كارهين ومتصادمين معه إلى متفقين معه وعليه وعرفت أيضا من غضبوا منه ومن إحتجوا عليه ومن لاموه ولكن حتى هؤولاء لم يقولوا في غيبته إلا ما فيه من خصال ولم ينكروا عليه إلتزامه الديني وخلقه الرفيع ولم يكذبوا أفعاله وسعيه مع الناس وللناس فكنت أرى الغضب يتلاشى تدريجيا والإحتجاج يتوقف ويتبدد عنه كل كلام غير طيب إلا من أكل قلوبهم - لما كان عليه - الحسد.
(حازم).. إستحق كل ما حاز وفاز في كل معاركه في هذه الحياة لأنه مقاتل لا يشق له غبار ولأن سلاحه لا ينكسر (تقوى الله والسير في دروب الخير) فصنع من إسمه حالة لا يملك حتى من حسدوه إلا أن يقفوا لها إحتراما.
رحمك الله يا أبا سارة وغفر لك فقد سطرت صفحة ناصعة لن نطويها وسنقرأ ومعنا أجيال فيها وعنها.
إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم إغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأدخله فسيح جناتك يارب العالمين.