بقلم : الدكتور موفق الخالدي

انه تلوح في سماء خلجات أفكارنا ذكريات لا تنسى تدوم معنا حتى الممات، لا يندثر بريقها ولا يخفت ضوؤها، نتذكرها بابتسامة جميلة نابعة من تجاويف القلب.

وللذكريات تلك حكاية من نوع آخر عندما تكون طالب دراسات عليا لدرجة الدكتوراة في مصر الكنانة وتحديدا في جامعة عين شمس العريقة، مهد العلم والعلماء.

حكايتي تدور حول مكتبة دار عين شمس؛ حيث كان للاسم نصيب منها، أخذت من شمس دنيانا ضوءا ينير للباحثين طريق العلم والمعرفة، وذللت لهم معوقات وصعوبات الدراسة؛ فما أن يأخذك الطريق نحو ركن من أركان جامعة عين شمس، تنساب لك طمأنينة وشعور بالراحة قلما تجدها أثناء الدراسة، هذه الطمأنينة تأتي من خلال صوت قادم من داخل مكتبتنا العريقة، ( أهلا وسهلا دكتور نورت مصر بقدومك ... متى وصلت؟ ) .

ان صوت صديق الباحثين إنه الشاب المهذب أسامة صاحب أجمل إبتسامة، يستقبلك بحفاوة، يجلسك في مكانه ويقدم لك ما لذ وطاب من قهوة والشاي المصري المميز وبعض السكاكر والمكسرات وماء، وإن طال بك المكان هناك وجبة خفيفة.

وما هي إلا لحظات حتى يجتمع حشود من طلاب العلم، من بلاد العرب أوطاني، عندها يعود بك الزمن إلى سوق عكاظ، عندما كانوا ينشدون أجمل الأشعار. أما في مكتبة دار عين شمس حوارات ونقاشات ثقافية بإدارة مبدعة من صاحبها اسامة الطيب يعج بها المكان، يتعرف الباحثين على بعضهم من خلال أسامة الشهم، يتبادل فيها الباحثون ألوانا زاهية من الثقافة والأفكار والآراء، ينتعش معها العقل، فتشعر حينها أن هنالك همما عالية في شباب العرب أوطاني، يستطيعون حفر الصخر ورسم أعذب الألحان، يمتزج في هذه اللوحة أجمل الحكايات بألوان الربيع نسجت على سجادة بأياد ماهرة، نعم إنها مكتبة دار عين شمس مزهوة بشخص صاحبها أسامة الجمل، حوله شباب من اللون المغربي الزاهي، يعانقه هدير النيل الأزرق، يفوح منه عطر شآم المباركة، برائحة الهيل من حجاز الأصالة، ويمن المجد، وعراق التاريخ.