17-05-2021 10:16 AM
بقلم : نايف المصاروة
قال اهل اللغة.. مَسرَح: اسم مكان، الجمع : مَسارِحُ.
المَسْرَحُ: مكان تعرض عليه بعض الفنون المسرحية بشكل مباشر مع الجمهور، وخشبة المَسْرح: هي المنصّة التي يؤدِّي فوقها الممثِّلون أدوارَهم.
من مسميات المسرح ،مَسْرَح العرائس: مسرح خاصّ بعرض ألعاب الدّمى.
ومَسْرَح الجريمة/ مَسْرَح الحدث/ مَسْرح الحادثة: المكان الذي ارتكبت فيه.
ومَسْرح العمليَّات: منطقة واسعة تتمّ فيها العمليات العسكريَّة
وفي الاصطلاح قالوا.. المسرح... ظاهرة فنيّة قائمة في أساسها على لقاء واعٍ ومقصود بين الممثل والمُشاهِد، يكون في مكان وزمان مُحدَّدين، ويهدف هذا اللقاء إلى تجسيد نصّ أدبيّ ما، من قِبَل الممثل للمتفرّج، مستخدماً التعابير اللغويّة أو الجسديّة أو الاثنتين معاً؛ بهدف تحقيق متعة فكريّة وجماليّة.
قلت وبعضهم قالوا.. المسرح إما يكون مكان مولد انطلاقة الفنان وموهبته، إن هو أدى ذلك بشكل صحيح دون خوف او ارتجاف أو ارتجال وخروج عن النص ، وإما أن يكون مقبرة الفنان ومؤد فنه ومسيرته.
أما مسرحية العيال كبرت، فهي مسرحية مصرية كوميدية مشهورة، اشترك فيها نخبة من نجوم الفن والدراما والكوميديا والمسرح المصري، وهي من إخراج سمير العصفوري، وتأليف سمير خفاجي وبهجت قمر، وقد عرضت لأول مرة عام 1979.
خلال ايام عيد الفطر الحالي اعيد بث المسرحية ، وبشكل ملفت على كثير مت القنوات العربية، وبالتزامن مع شدة الأحداث على مسرح العمليات في كل فلسطين وفي غزة بالذات، ولا أدري إن كان بث المسرحية هو صدفة من باب الترفيه...، أم انه أمر مقصود، في إشارة الى أن العيال كبرت، وأن أطفال الأمس قد كبروا، ولم يعد ينطلي عليهم كذب بعض الممثلين السياسيين، وزيف قصة السلام ودهلزة الانتاج وسوء الإخراج والتخاذل العربي والعبث الدولي .
في مسرحية العيال كبرت... بعد ان اكتشف احد الابناء عن طريق الصدفة رسالة غرامية في حقيبة والده «رمضان السكري» يعلم فيها عن نيته الزواج بامرأة أخرى غير والدته وعزمه على الطلاق من والدته، فيقرر هو وأخوته الاجتماع للبحث في الأسباب التي دعت والدهم إلى ذلك، وإبعاده عن تلك الفكرة دون مواجهته بالحقيقة ودون علم والدتهم.
وقد اكتشفوا أن كل الاتصالات بالمعلم الحمصاني، هي كذب وزور، وانها كانت مع العشيقة، فيعملون جاهدين من أجل منع ذلك الزواج وبشتى الطرق، منها محاولة إظهار محاولة اختطاف عاطف حتى لا يترك والدهم البيت.
وبعد ذلك يحاسبون انفسهم، ليشخصوا عيوبهم ويقفوا عليها ، ليتخلص كل منهم من تلك العيوب التي يظنون أنها السبب في هجر والدهم البيت.
وفي النهاية لا يتحقق حلم والدهم بالزواح على والدتهم، وتجتمع الاسرة مجددا ولكن اقوى.
من مسرح الفنون والكوميديا، الى مسرح الحياة والواقع السياسي العربي المذل والمشين ، فمنذ عشرات السنين تم كتابة سيناريو مسرحية احتلال فلسطين من خلال وعد بلفور من قبل الصهاينة، وبإخراج وتواطئ عنصري أوروبي ودولي تزعمته بريطانيا ،ورغم تجدد محاولات اعادة كتابة ذلك السيناريوا عدة مرات، من خلال السلام، وبشكل خبيث وهزيل، غايته تفريغ فلسطين من اهلها بالمكر والخديعة دون اللجوء الى القتال والحروب، ولكن هيهات منا الذلة ، فالحق هو الحق، ولو حاول كل اهل الدنيا طمس معالمه.
من السيناريوا المشين للسلام المزعوم ،وما نسمعه عن تجددها في كل حين، وكلما دق الكوز بالجرة، أعادوا سيرتها الأولى، وفي واقع الأمر، أن البعض يريد استسلاما ولا يريد سلاما ،وفي كل مرة يتقدم المفاوض العربي او الفلسطيني خطوات باتجاه السلام، يتراجع المفاوض الصهيوني خطوات أكثر ، ليتقدم المفاوض العربي بالمزيد من التنازلات، وعلى ذلك المنوال، حتى وصل الامر الى احتلال اكثر من 75٪من مساحة الأراضي الفلسطينية، ولم يتحقق اي معنى للسلام المزعوم، وأصبح الصهاينة هم أهل الامر والنهي والقرار على كل ثرى فلسطين، وهم من يمنحون حتى تصاريح الصلاة في المسجد الأقصى.
الادهى انه وبعد الإعتراف الأمريكي مؤخراً بالقدس بشقيها الشرقية والغربية كعاصمة للصهاينة، وقد سبق ذلك الترويج لما يسمى بصفقة القرن، واقرار ما يسمى بيهودية الدولة،إزداد إرهاب عصابة الاحتلال الصهيوني، وفتحت شهيتهم على هضم وإحتلال المزيد من الحقوق الفلسطينية، كالاراضي وهدم المساكن والمساجد، لإقامة المزيد من المستعمرات والمستوطنات، وطرد السكان العرب الفلسطينيين من منازلهم، وتسليمها للمحتلين من الصهاينة سطوا وغصبا بالقوة ، وتحت دعاوى ومسميات وإفتراءات ملفقة وكاذبة خبيثة، غايتها تحقيق حلم تهويد كل فلسطين، وأن لا يبقى فيها إسم عربي أو حتى أي اشارة الى التاريخ أنى كان مصدره، باستثناء تاريخهم المزور والمكذوب.
أعود لأذكر ان الجيل الذي ولد منذ النكبة وما بعدها ،وخلال الثلاثين عاما الماضية، وتفتحت أعينهم على واقع الاحتلال وويلاته ومقاصده وغاياته، وترعرعوا على مشاهد الذل والهوان والاحتلال، أيقنوا تماما، أن الحق أحق أن يكون ويتبع، وأن الباطل هو الباطل ولو ظهر وانتفش، ولو كان يؤيده كل اهل الدنيا، فهل يعقل أن تمسي مالكا للحق في أرض أو منزل، وتصبح تتنازع ملكيتهما مع محتل صهيوني؟
وهل من الحق والعدل أن تقتل ظلما، ويعتدى عليك زورا، لأنك تطالب بحريتك في حياتك وتسعى لمستقبل اسرتك؟
وهل من الحق والعقل أن الصلاة في المسجد الاقصى، اولى القبلتين وثالث الحرمين، تحتاج الى تصريح، ومن اليهود المحتلين... ولماذا !
وأين ذلك من حرية التعبد والاعتقاد التي تنص عليها كل الاديان والمعاهدات الدولية؟
من كتب سيناريوا مسرحية إحتلال فلسطين سابقا، ومن أعادوا ويعيدون ترميم كتابة كل سيناريوهات اتفاقيات السلام بكل مسمياته، هم واهمون ،لأن الصهاينة بالذات هم دون، ودونا عن كل بني البشر، لا يلتزمون بالاتفاقيات ، ولا يراعون شأنا لكل المواثيق والمعاهدات، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، فهم نقضة العهود كابرا عن كابر، وهذا طبعهم وفي سبيل ذلك يقتلون ويدمرون كل شيء، فهذا دينهم وديدنهم فهم قتلة الانبياء والمرسلين والصالحين.
وقد ثبت ذلك من خلال نقضهم لكل اتفاقيات السلام مع مصر والاردن، والدور قادم على من طبعوا حديثا، من جماعة السلام الإبراهيمي، ممن رضي بعضهم ان تكون بلادهم قبلة للخنا والدعارة، ولكن ما نقول.. النار تخلف رماد!
الحرب التي دارت وتدور رحاها على ثرى فلسطين سابقا واليوم ولاحقا، ستبقى لأن الإحتلال فعل مرفوض، ولو جمله البعض بزخارف التطبيع والسلام الابراهيمي وغيرها من المسميات،وستبقى الحروب ولن يكون هناك أي نوع من الإستقرار، إلا أن تعاد كل الحقوق لأصحابها كاملة غير منقوصة، فلا ينام أحد عن حقه، حتى البهائم والسباع والطيور، فكيف ببني البشر!
وقد كشف الإجرام الصهيوني، في كل حروبه وتكرار إعتداءاته على اهل فلسطين، في القدس ونابلس والخليل واللد ويافا وغزة وغيرها، بأنهم لا يجاورون، ولا يؤمن لهم جانب، ولا يؤتمنون على عهد او حق او ميثاق، وأن حل الدولتين ضرب من الخيال، وان لا سلام مع الصهاينة، وأنه كلما اذعن بعض من جيل وسلموا به، أتى من بينهم او من بعدهم اجيال ورفضوه، وخير شاهد ما يجري على ثرى كل فلسطين منذ أيام،فهل كان ساسة الصهاينة ومعهم بعض اذنابهم من الأعراب، يتوقعون أن ينتفض أهل الداخل الفلسطيني ويشعلون نيران الثورة ضد الوجود الصهيوني لتمتد على كل ثرى فلسطين ؟
والى المتخاذلين.. في الداخل والخارج اقول... استحوا..
اما سمعتم بالامثال... الدم ما بصير ميه، والعود يحن الى اصله، وانا واخي على ابن عمي، وانا واخي وابن عمي '' ومعنا كل الجن الازرق على الغريب''، وأكثر غريب مرفوض في شرقنا العربي هم الصهاينة، ولو تزينوا ولو تجملوا ولو وضعوا كل انواع العطور التي في كل الدنيا، فإن رائحة نتنهم وخبثهم ومكرهم وخداعهم تطغى على ما سواها.
مسرحية السلام، التي مع الاسف يروجها ويرضاها بعض القادة والسادة والساسة، من دعاة التطبيع والاستسلام،
وترفضها الأجيال التي كبرت، وترفض معها كل أشكال الذل والهوان والخنوع والانهزام.
قبل الختام... لقد كشفت الحرب على مسرح العمليات، في كل فلسطين، وفي القدس وغزة بالذات، أن هناك جيلا يصنع من المستحيل مشكاة للامل والمستقبل، وقد ظهر ذلك من خلال العزم والصمود والتحدي، ونوعية المقاومة والتصنيع العسكري الذي دك العمق الصهيوني وأدمع وأوجع،وإن اختلاف الرد عن ما عرفه العدو سابقا، شكل صدمة ونكسة، وجن جنونهم، فصبوا جام غضبهم، بالتدمير والمزيد من الإرهاب الأعمى.
وهنا اسأل عن المنظمات الحقوقية، والهيئات الأممية والدولية، فأين هي، ومتى تظهر وما دورها، إذا كان المجرم الصهيوني المعتدي يرتكب كل المحضورات والمحرمات، وهي في سبات، فمتى تتم المحاسبة؟
ثم أسال القادة والسادة والساسة في عالمنا العربي والإسلامي، الى متى السكوت على جرائم الصهاينة بحق شعب فلسطين؟
وأسال أين الشعوب الإنسانية، واين إنسانيتها، وبالذات.. اين الشعوب العربية والإسلامية، واين حميتها وغيرتها على الدم والعرض، واين نخوتها تجاه الأخوة والعروبة والإسلام، واين هي من أن المسلم اخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه؟
وأقول للسادة من القادة والساسة، ملوك الطوائف، وامراء الدويلات والحارات والصحاري ، إن كان القصد في تأخركم عن انقاذ غزة بالذات، هو تمسكهم بنهج الإسلام والمقاومة لإعادة الحقوق، والدفاع عن الشرف والكرامة، التي يفتقدها بعضكم، فأبشركم...أن منهج الفداء والجهاد وحب الاستشهاد، قد تولد في الأمة أكثر مما تتوقعون، والدليل، صحوة الداخل الفلسطيني، ومحاولات خرق الحدود من الاردن ولبنان، والجماهير في الساحات في الكثير من الأوطان، وما خفي أعظم، سترونه بأم أعينكم، إن استمر العدوان على الأحرار في القدس وغزة.
وأقول ايضا.. أن مسرح العمليات على ثرى فلسطين، وما جرى ويجري في القدس وغزة، قد عرى وافشل الممثلين من كل السياسيين، ونزل بهم الى الحضيض، وإلى أدنى درجات الذل والمهانة، فإن قالوا لاحقا لا يسمع لقولهم، ولو حاولوا وحاولوا.. وأذكرهم بأن السلام الذي يسعون نحوه قد هدمت أركانه، وأذكرهم.. بقصة الذئب والراعي الكاذب، واذكرهم.. بأكلت يوم اكل الثور الابيض إن كانوا يذكرون.
وختاما.. رغم كل الفواجع التي ارتكبها الصهاينة في غزة، من هدم للمساكن والابراج، وتدمير لكل البنية التحتية،وهنا اسال صناع السياسة ودعاة السلام في عالمنا العربي، هل بنك الاهداف التي أعلنها جيش الاحتلال الصهيوني، وصناع السياسة من الصهاينة هي في التدمير وهدم المساكن على ساكنيها؟
فاين انتم من استشهاد اكثر من 155شهيدا،منهم اكثر من 50طفلا، ومنهم اكثر من 30 امراة؟
واين أنتم عن أكثر من 1100 جريح؟
واين انتم من الاعتداء على النساء في القدس... وما هي ردودكم ؟
وهل ماتت الغيرة.. عندكم.. ؟
ألا تبا وتبا ثم تفا.. ولكني اقول لكم، رغم كل ذلك، فإن العزم من الاحرار على الثأر باق ولا ولن يتراجع، وأسأل الجميع... هل تتوقعون ممن فقد ابناءه بين الركام أن ينسى؟
وهل تتوقعون ممن دمر منزله وهجر وبات في العراء ان ينسى؟
كلا والله والف كلا.. أنكم بصمتكم على جرائم الاحتلال، تخلقون جيلا.. يتفجر من بين الركام، يؤمن بأن الحق أبلج، وأن نور التحرير ستنبثق قريبا مع زوال ظلمة الاختلال والاحتلال، وأن العزم والتصميم على قتال الصهيوني وكل معتدي قد بات منهجا تتدارسه ووتوارثه الاجيال.
فانتظروا... ما هو قادم.. وتذكروا.. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".