18-05-2021 09:45 AM
سرايا - أحمد الجراح - بدأ الاحتلال الصهيوني التضييق الأمني والاقتصادي على قطاع غزة منذ العام 1967، بعد خضوعه للاحتلال، ولكن الحصار اشتدّ خناقه على غزة وأهلها في النصف الأول من عام 2006.
وكانت أسباب شن الحصار سياسية بحتة؛ حيث بدأ الاحتلال معاقبة قطاع غزة على انتخابهم "حماس" في الانتخابات التشريعية المنظمة في يناير/كانون الأول2006؛ مما أعطاها أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، ليبسط بعد ذلك نفوذه السياسي والعسكري على القطاع في حزيران 2007.
ومن هنا بدأ الاحتلال حملته الانتقامية من أهل غزة بعدة طرق وأساليب نفسية بحتة، حيث أغلق في وجهه جميع المنافذ والمعابر الحدودية برا وجوا وبحرا، لتصبح غزة زنزانة فردية للغزاويين، يعانون بين جدرانها الأمرين، عداك عن الحروب التي شنها الاحتلال الغاشم على القطاع، استخدم بها القوة المفرطة لإخضاع غزة، إلا أن صمود شعبها غدا عنوانا للكرامة والصمود.
وشن الاحتلال أول حروبه على القطاع في 27 ديسمبر/كانون الأول، لعام 2008، بحرب اسماها الاحتلال
"الرصاص المصبوب"، فيما أطلقت عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسم "حرب الفرقان"، استمرت لـ21 يوما، ثم حرب الـ 2012، ثم إلى حرب الـ 2014، إلى الحرب التي تخوضها غزة الآن بقوة عسكرية جديدة طورتها المقامومة الإسلامية"حماس" بصواريخ صدمت الاحتلال من ناحية الدقة والعمق وسعة دائرة الاستهداف، ليكون الرد من جانب الاحتلال قاسيا، مستهدفا عدة مواقع استراتيجية أهمها "الأبراج" التي يرتئي الاحتلال أنها ذات أهمية بالنسبة للغزاويين.
وجاء استهداف الاحتلال لأبراج غزة لما بها من خدمات متعددة لشباب غزة تحديدا، الذي ينظر لهذه الأبراج كمتنفس وفسحة يهرب إليها للخروج من طقوس الاحتلال وآثار الحرب التي تهشم وجه غزة، سواء على الشاطئ أو الأسواق وغيرها من ملامح القطاع.
وتحتوي هذه الأبراج على المقاهي التي تتواجد في طوابق علوية تتعدى الـ18 طابق، تعطي الشباب فسحة للتنفس والأمل والإحساس بالعيش بشكل طبيعي، بمكان لا تشوبه ملامح الحرب والمأساة، إضافة إلى المراكز التعليمية والتدريبية التي يستنشق بها الغزاوين الأمل للتطور كباقي الشعوب ومواكبتها، سواء بتعلم اللغات الأخرى، أو اكتساب المهارات، أو مهن يمارسونها داخل القطاع لاكتساب لقمة العيش، أو اللجوء لمراكز البعثات الدراسية والهجرة.
كل ذلك كان بالنسبة للغزاويين بابا يخرجهم من دائرة الحرب والحصار إلى فضاء الأمل والانطلاق، الذي نسفه الاحتلال خلال 9 أيام، بشكل مدروس، سعيا لتحطيم هذا الفسحة المتبقية لشعب يقبع داخل رقعة أرضية تبلغ مساحتها 360كم مربع، محاطة بالنار والحصار ، يبحث قاطنيها على شعلة أمل يستأنسون بها، ويستمدون من خلالها الصمود في وجه الاحتلال الغاشم.
وختاما، نؤكد أن هذا الشعب الذي صمد أمام أحدث الآلات العسكرية، خلال حرب استمرت عقودا، ولا يزال يستقبل الشهداء بالزغاريد والورد والابتسامة، شعب لا يُكسر ولا يهزم، وحتما سيخضع أمام إرادته الحديد والنار، ويرتدي ثوب الحرية رغما عن أنوف المحتلين والمغتصبين، وإن غدا لناظره قريب.