26-05-2021 09:39 AM
بقلم : خالد العلاونة
تابعت احتفالية تكريم رجالات ونساء الاردن في الذكرى الخامسه والسبعين للاستقلال فرأيت أن البعض من المكرمين قدموا للوطن الكثير من خلال جهودهم الشخصيه وأعمالهم الخاصة دون أن يكون لهم أي علاقة أو ارتباط بالمناصب والمكاتب وهؤلاء ترفع لهم القبعة احتراما واجلالا
بالمقابل رأيت الكثير من المكرمين ارتبط عملهم بمناصبهم ومكاتبهم وكانوا قد نهلوا أو نهبوا من الوطن الكثير وجيروا مناصبهم ومكاتبهم لخدمة أبنائهم واحفادهم من بعدهم ومكثو على صدور الاردنيين ردحا من الزمن امتد لأكثر من نصف قرن من الزمان لبعضهم وتدوروا هم وأبنائهم وزوجاتهم على المناصب والمكاتب .ونهلوا أو نهبوا الكثير من المكاسب .اي أنهم أخذوا أكثر بكثير مما قدموا وأعطوا .. وكرموا أنفسهم من خلال مناصبهم بما هو أثمن من وسام يحتفظون به في خزائنهم .
تبادر إلى ذهني تساؤل حق .لماذا لم يكرموا ابي ؟
قد يسأل البعض ولماذا اباك
كان أبي أردنيا مخلصا عمل موظفا بسيطا في سلك الدوله لمدة تقارب الثلاثين عاما ..كان أبي آذن مدرسه يتوجه إلى عمله صباحا وقبل الهيئة التدريسية والطلاب بساعة يفتح الصفوف ويهيء البيئة النظيفه والمناسبه للطلاب حتى يتلقوا تعليمهم بكل اريحيه ثم يقدم للهيئة الإدارية والتدريسية ما يحفزهم لتقديم الأفضل والاكمل لطلابهم ثم يكون هو آخر المغادرين يتفقد الصفوف والمكاتب وينظفها ويهيئها لاستقبال يوم جديد
كان أبي طاهر اليد واللسان والفرج لم تمتد يده للعبث بمقدرات الوطن ويكتفي براتبه البسيط القليل ..قانعا حامدا شاكرا ..
لماذا ابي ؟
لأن ابي لم يختلف حسه الوطني عن حسه الوظيفي .. ففي عام ١٩٧٠ وفي خضم أحداث أيلول كانت مدينة اربد قد سقطت في أيدي بعض التنظيمات الفلسطينيه وكان لا بد من إحضار الكتب المدرسيه للمدرسة التي يعمل بها ابي وذلك تجهيزا للعام الدراسي ..فاصر ابي على التوجه إلى مدينة اربد لإحضار الكتب في موقف وطني بامتياز وحرصا على تأمين الكتب للطلاب ورغم كل. النصائح لابي بعدم الذهاب بسبب المخاطر التي قد تحيط به إلا أنه أصر على الذهاب .. وفي الطريق وعلى إحد الحواجز التي نصبها عناصر بعض التنظيمات تم ايقاف السياره التي يركب بها والدي وانزلوه من السياره واقتادوه مقيدا ومربوط العينين إلى جهة غير معلومه ليس لأنه اصر على إحضار الكتب ..بل لأنه رفض التعامل مع التنظيمات وكان منخرطا فيما يسمى المقاومة الشعبيه آنذاك واستمر اختفاؤه وتغييبه لأكثر من شهر ... وبعد جهود مضنية من أهله تم الوصول إلى مكانه وتحريره فتبين أنه قد تلقى صنوفا من التعذيب والضرب كانت كفيله بأن تدب الرعب في قلوبنا ونحن في سن الطفوله ونرفض الاقتراب منه خوفا من منظره المخيف .. منتفخ الوجه والعينين منهك القوى لا يستطيع الحراك .. وظلت آثار التعذيب مرافقة له لسنوات طويله حتى توفاه الله وهو على رأس عمله
لم يفعل ابي ذلك من أجل منصب أو مكتب او مكسب إنما كان من باب الاحساس بالواجب الوطني
كان أبي وطنيا بامتياز
فلماذا لم يكرموا ابي ؟