حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2285

غزة وتداعياتها

غزة وتداعياتها

غزة وتداعياتها

26-05-2021 09:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : العميد الركن حكمت نواش القاضي

استمرار تداعيات الحرب المحدودة في كافة ارجاء فلسطين المحتلة وبالاخص قطاع غزة لمدة أحد عشر يوماً بالرغم من وقف اطلاق النار ، بما يتعدى أبعاد أرض المعركة الجغرافية وما يحيط بها.

ان السمات الجديدة التي ابرزتها هذه الحرب وما تلاها تتجاوز الجوانب الإنسانية والأمنية والتكنولوجية التي غالباً ما تكون هي حجر الزاوية والأساس في لجم صوت المعارك والتوصل إلى هدنة(هشة ) ما تلبث أن يتم خرقها بفعل التعنت الإسرائيلي وكذلك التعامي والتغاضي الدولي الذي يشجعها على الإستمرار بانتهاكاتها وخرقها لمباديء القانون الولي وحقوق الانسان.

وليست المقارنة هنا من قبيل الدخول في نظرية السيناريوهات المعدة مسبقاً ، بل من قبيل تطور عناصر الصراع وظروف الخصوم والتغير في ميزان القوى الذي يبدو ملزماً لترسيخ قواعد جديدة يمكن أن تقود إلى وضع جديد طال انتظاره.

لقد برز انكفاء إيران عن المشاركة في الحرب على المستوى التعبوي أو اللوجستي ، لصالح التشجيع على القتال أو التلويح بالرد في أماكن أخرى ، بدا خارجاً عن المألوف في ظروف ومواقف مشابهة . المظاهرات الشعبية بالقرب من الحدود وإطلاق صواريخ مجهولة الهوية من لبنان وسوريا ، والمكالمات الهاتفية بين قائد فيلق القدس (إسماعيل قآني) ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة ورسائل الشكر لإيران من حركة حماس وغيرها من الفصائل لم تستطع تبديل المشهد.

انعكاسات أجواء مفاوضات فيينا الدقيقة والانخراط الدولي في متابعة الوضع الفلسطيني حددا مجال المناورة الإيرانية ووضعا قيوداً على أي محاولة للتدخل أو العبث في الملف الفلسطيني.

هنالك العديد من العناصر التي جعلت الحذر الإيراني سلوكاً له ما يبرره ، فتعاظم التركيز الدولي غير المسبوق على النشاطات غير المشروعة لإيران ومؤيديها في بحر العرب لغايات تهريب الأسلحة والمخدرات والخطر الذي تشكله على الملاحة الدولية في البحر الأحمر ، هذا بالإضافة إلى الصعوبات التي تفرضها الولايات المتّحدة في فيينا والتي أرهقت طهران وأخرجتها مراراً عن اتّزانها وثباتها المعهود . هذا بالإضافة إلى تصاعد المواجهات مع الميليشيات الإيرانية في العراق والحملات التي يطلقها رئيسا الجمهورية والحكومة والداعية إلى التحقيق في الفساد واستعادة الأموال العامة المنهوبة في اتهام مباشر لطهران

سمة أخرى لا بدّ من الإشارة إليها لدلالاتها التي تتجاوز تثبيت وقف النار وهي انضباط التدخل العربي تحت مظلة جمهورية مصر العربية حيث ان تعويم حلّ الدولتين بشكل واضح من قِبل الرئيس الأمريكي وزيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمصر والسلطة الفلسطينية والأردن وإسرائيل ، يرسلان أكثر من إشارة تفضي لإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية.

الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتوانَ يوماً عن الاعلان والمجاهرة بحصريّة الدور المصري في التواصل مع كافة الاطراف للإشراف على الهدنة لم يأتِ من فراغ وإنما أتى نتيجة تراكم للثقة حققته الدبلوماسية المصرية بثبات الموقف والنفس الطويل والقدرة على التواصل والتفاوض الهادئ مع الجهات الإقليمية كافة وخصوصا الاردن، وإتقان السير على حافة الهاوية بالرغم من التّحديات وتقلب الظروف والاوضاع الاقتصادية وحساسية الموقف في الشرق الاوسط .

هذا ما أظهرته الدبلوماسية المصرية في ذروة التأزم مع تركيا على خلفية موضوع المرتزقة في ليبيا، ومع قطر في ملف الإخوان المسلمين، وما تكرّس وتمخض في المفاوضات مع أثيوبيا في ملف سدّ النهضة. تستشعر واشنطن اليوم الحاجة إلى شريك إقليمي يعتمد عليه ويركن إليه وقد أرادت تكريس اعتراف دولي بدور مصر ليس على غزة التي تشكّل جزءاً من الأمن القومي المصري، بل في الداخل الإسرائيلي أيضاً.

نجاح مصر في التوصّل إلى هدنة طويلة والتأسيس لعملية سياسية، إلى جانب الإلتزامات الدولية والإقليمية التي تعنى بالقضية الفلسطينية من موقع مختلف، يشكّل عنواناً جديداً لشراكة أميركية عربية، وقد يمنح اتّفاقات أبراهام فرصة للحياة بعد أن أظهرت أحداث غزة أنّ قابليتها للحياة غير ممكنة من دون حلّ للقضية الفلسطينية.

ترسم صعوبة الظروف التي تمرّ بها طهران في ميادين نجاحاتها المألوفة مشهداً متكرراً. حيث لا يختلف انسداد الأفق أمام طهران وربما لاحقاً إخفاقها في سوريا عنه في العراق، أو في اليمن أو في لبنان مع اختلاف ظروف كلّ منها. القاسم المشترك بين كلّ الساحات هو تحقق طهران أنّ ميليشياتها التي نجحت في تعميم ظاهرة الفوضى والإخفاق السياسي حيث حلّت، أخفقت في تصدير الثورة. والأخطر من ذلك أنّ هذه الميليشيات وبحكم تطورها و تمويلها وتنوّع البيئات المجتمعية التي انبثقت منها أصبحت خارج السيطرة المركزية، وهذا ما ظهر جليّاً بعد اغتيال قائد فيّلق القدس قاسم سليماني.

ما حدث في غزة وصعود مصر كقوة إقليمية يعتمد عليها أضاف درساً جديدا لإيران ، والتي يبدو أنها ذاهبة لمراجعة استراتيجياتها للتعامل مع الاحداث والملفات في المنطقة.








طباعة
  • المشاهدات: 2285
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم