29-05-2021 01:05 PM
بقلم : رهف الرمحي
نقابة الصحفيين، ذلك المكان الذي نطمح جميعاً أن نكون اعضاءً فاعلين ومؤثرين فيه ؛ندخله بعد أن نمرّ بشعائر مقدسة نقسِم خلالها يميناً نتعهد خلالها أن نؤدي دورنا كسلطة رابعة ،تحاسب المسيء وتشد على يد كل من يحاول أن يبني لبنة ليرتقي بها هذا الوطن. نسلط الضوء بكل حيادية وموضوعية على كل الأحداث التي تؤثر في مجتمعنا مؤكدين ان الصحافة هي مهنة نبيلة وأن ثقة القراء والبحث عن الحقيقة والمعلومة الصادقة هي الغاية والهدف.
في ظل تراجع دور نقابة الصحفيين بين النقابات و انحدار مصداقية الصحف ، وفقدان تلك الاوراق ذات الرائحة المميزة والمحتوى النبيل هيبتها كان الأدعى أن نبحث حول من يمثلنا كصحفيين ،لسؤاله عما يحدث وكان لقاؤنا مع نقيب الصحفيين السابق الأستاذ راكان علي السعايدة .
حصل السعايدة على بكالوريوس في الصحافة والاعلام من جامعة اليرموك ،و شغل الكثير من المناصب التي كان ابرزها نقيب الصحفيين الأردنيين منذ عام 2017 حتى 2021 ورئيس تحريرصحيفة الرأي منذ عام 2019وحتى 2021 وكان نائباًلرئيس مجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لدورتين.
كان لا بد لنا إلقاء الضوء على هذه الشخصية و تتبع خطاها قدر الإمكان، فكانت البداية بجريدة الرأي حيث التقينا مهند القضاة.
قال القضاة ،مدير التوزيع في الرأي، إن جريدة الرأي لها رونقها بين الصحف ، لعراقتها و مكانتها في المملكة إلا أنها طُبِعت في مطابع جريدة الدستور في ظل رئاسة السعايدة وهذا الأمر غير مقبول لجريدة مرموقة كالرأي ، إضافة إلى أنه لم يتم استغلال الجريدة بالطريقة الأمثل في ظل ازمة كورونا مما اثر سلباً على عائداتها ،كما ان نسبة التعليقات السيئة حول محتوى الرأي زادت في السنتين الاخيرتينكثيراً.
وتعقيباً على ذلك قال السعايدة خلال لقائنا معه إن عدم قدرته على حل الازمة المالية التي مرت بها الرأي والتحديات التي تمر بها النقابة كانا من الاسباب الرئيسية لاستقالته ، إذ وجدأن بقاءه "عبث" فكان قرار الانسحاب من كلا المنصبين ،على امل ان يتغير شيء للافضل فيما بعد وأن يتم مراجعة متطلبات النقابة.
وصف الكثيرون ممن رفضوا ذكر اسمه شخصية السعايدة بالنرجسية و أنه كثيراً ما يضع نفسه أولاً وذكر البعض عبارة "هو غير مقبول لدى الوسط الصحفي"، و أن الكثير من الصحفيين في السنتين الاخيرتين "شحدوا" ولم يجدوا نقيباً ليطالب بحقوقهم!
وبدوره نفى السعايدة تلك الصفات مبرراً ذلك بأنه لم يستغل منصبه مطلقاً ، وأنه اذا كان فعلاً يهتم فقط لنفسه ما كان ليترك ذلك المنصب أبداً –للمصلحة العامة- فكان هدفه دائماً تمكين المؤسسات لتجاوز الازمات والسعي للتطور وكان المشروع التطبيقي لذلك "صندوق دعم الصحافة الوطني" إلا انه لم يكتمل تأسيسه وبقي قيد التأجيل.
وقال الدكتور زهير الطاهات ،رئيس قسم الصحافة في جامعة اليرموك، إنه عمل مع السعايدة في التغطيات الصحفية خلال عمله كصحفي بوكالة الانباء "بترا" وأن السعايدة يعتبر من الصحفيين الشباب الذين ساهموا في وضع اسس ومبادىء لمهنة الصحافة ويتمتع بالمهنية والحرفية والقدرة على الدفاع عن الحريات الصحفية في مختلف الميادين.
وأثنى على عمل السعايدة، قائلاً إنه كان مخلصًا لمهنته وفيًا لزملائه اعضاء النقابة ويتمتع بمصداقيةعاليةوجاهد جهادًا كبيرًا من اجل حماية جريدة الرأي والصحفيين في الرأي والدستور والعمل على تحصيل حقوق اعضاء النقابة في الاذاعة والتلفزيون ووكالة الانباء.
وذكر الطاهات دورالسعايدة كرئيس لمجلس النقابة في بذل جهود جبارة للافراج عن الزميل تيسير النجار الذي اعتقل في الاماراتإثر انتقاده مواقف أبوظبي من الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة عام 2014 ،فبعد أن سجن عام 2017 تم الافراج عنه بعد ثلاث سنين.
وعلى الرغم من ذكر بعض الصحفيين أن السعايدة لم يكن له دور في الدفاع عن الصحفيين ،وأن الفترة التي كان بها نقيباً هي اكثر الفترات التي تدخلت بها مكافحة الفساد والحكومة في العمل الصحفي إلا أن الطاهات قال:"إن السعايدة كان من اشد المعارضين لتفتيش الصحفيين في جريدة الرأي وظل يدافع حتى ضحّى بمستقبله الصحفي وفي كل المناصب التي كان يشغلها احتجاجًا على عدم تلبية طلباته بعدم الاستغناء عن الصحفيين وعدم دعم الحكومة للصحف".
وفي سؤالنا للدكتور الطاهات عن الصفات التي يجب أن تتوافر في أي نقيب اجاب : الموضوعية والعدالة في التعامل مع كل قضايا الصحفيينوأن عليه أن ياخذ النقابة الى مكان الصدارة بين النقابات وان تاخذ دورها في التفاعل مع كل قضايا الحريات الصحفية والانسانية على المستوى المحلي والاقليمي والدوليوأن يعلو صوت النقابة على كل الاصوات وأن تكون العنود لتقود كل النقابات لا أن تكون في ذيل النقابات.
وذكر محاولة السعايدة لتحقيق ذلك لكن خذله اعضاء النقابة الذين لم يتفاعلوا مع اي حراك قام به، حتى على مستوى اجتماعات الهيئة العامة في قرارات مصيرية كان عدد الحضور لا يتجاوز اصابع اليد وأكد قائلاً"انا شاهد على ذلك".
واثناء بحثنا حول الموضوع وجدنا أن الصحفيين بالفعل تغيبوا عن عدة اجتماعات للنقابلة و عزىعدد من الزملاء الصحفيين في محافظة الزرقاء عدم حضور أغلبيتهم للقاء السعايدة -الذي كان في ذلك الحين مرشح لمنصب النقيب لدورة ثانية - لعدة أسباب منها عدم تواصله مع الهيئة العامة طيلة ثلاث سنوات وهي عمر المجلس المنتهي ولايته وعدم تجاوبه مع اتصالات الزملاء الهاتفية بالمطلق.
بالاضافة لرفض النقيب التجاوب مع مذكرة تم إرسالها لمجلس النقابة تتضمن عدد من مطالب الزملاء في قضاياهم وطالب الزملاء آنذاك مجلس نقابة الصحفيين بفتح مقر للجنة في الزرقاء علما بان الزملاء تعهدوا بتوفير المكان المناسب ورغم ذلك لم يعر المجلس طلبهم اي اهتمام لا بالرفض ولا القبول مما يعني الاستهتار بمطالب الزملاء في هذه المحافظة وآخيراًعدم توفر انجازات حقيقية للمجلس إلا بما يتعلق بفصل أعضاء النقابة وإتباع سياسة تصفية الحسابات وإلحاق الضرر بالصحفيين.
وأضافوا في تصريحهم أن من أسباب تغيبهم أيضاًتراجع الحريات الصحفية وعدم وقوف المجلس إلى جانب زملائهم الصحفيين الذين تم توقيفهم وحجب جائزة الحسين للإبداع الممنوحة للمصورين الصحفيين ووعود المجلس بتحسين الاستثمار وعمل جمعيات إسكانية وتحسين أوضاع الزملاء العاملين في الصحف والإعلام الرسمي التي تم التخلف عنها.
وفيما يخص مشاريع الاسكان قال السعايدة إن مشروع الغباوي في الزرقاء كان من المشاريع الاسكانية التي تم استكمالها في عهده فهو مشروع إسكان للصحفيين في الغباوي تم العمل على بنيتهالتحتيةمن طرق وكوابل كهرباء وخطوط مياه وصرف صحي مما جعله مشروع اسكاني مكتمل.
وذكر انجازات اخرى منها رفع سعر الاعلان الحكومي بنسبة 120% مما ساهم في زيادة التدفق المالي للصحف و تنظيم الاعلان القضائي الذي كان يقتصر فقط على جريدتي الغد والرأي فشمل عشرين جريدة اخرى منها الدستور، ورفع علاوة الصحفيين فاصبحت علاوتهم بنسق علاوة النقابات الاخرى.
كما اضاف إعادة بعثات الحج للاعلان الخاص و إلغاء إعتبار الصحافة "مهنة منزلية " حيث وصف ذلك القرار باحد منشوراته على الفيسبوك بأنه "مسمار في جسم قطاع الصحافة والاعلام" ،و عمل على التعليم الصحي تحت ولاية شركة تأمين خاصة مما جعل تسبب في مرونة عالية في تغطية تأمين الزملاء.
ورغم شبه الإجماع على أن السعايدة لم يكن خير ممثل للصحفيين إلا انه لابد لنا أن نذكر أنه انسان يخطئ ويصيب له محبوه ومبغضوه على الصعيدين الشخصي والعملي، فعل ما رآه مناسباً اثناء توليه لتلك المناصب وكل ذلك كان تحت هدف واحد وهو تأدية وظيفته كصحفي أولاً.
لذا يجب علينا جميعاً أن نتحرَ الدقة في إعطاء اصواتنا التي هي أمانة لمن نختاره ممثلاً لنا ليكون حامينا ومحامينا وأن نختاره بناءً على قدراته ومؤهلاته وإمكانية تمثيله السلطة الرابعة لا بناءً على اي اعتبارات اخرى ؛لأننا بذلك نحن من سيقرر إما أن نعيد مهنتنا للقمة أو أن نساهم في وصولها للقاع.