29-05-2021 01:24 PM
بقلم : رهف الرمحي
البسطات ؛ تلك الرقع الخشبية التي لا يتعدى طولها المترين في أحسن الأحوال أو تلك المكونة من مجموعة من "البُكَس" التي يصنعها البعض و يضعون عليها ما خفّ ورخُص ثمنه من البضائع التي يستدينون ثمنها غالباً، والتي يعتبر أصحابها أنها مصدر رزقهم الوحيد لهم ولعائلاتهم الممتدة نظراً لحالة الركود الاقتصادي والبطالة التي تشكّل نسبة عالية في الاردن.
البسطات وأصحابها الذين تعتبرهم أمانة عمان مظهر غير حضاري و تعمل جاهدة لإزالتها و إتلاف محتوياتها برغم التوسلات الحارّة التي يطلقها أصحاب هذه البضائع.
في خبر تداولته معظم مواقع التواصل الاجتماعي و بعض المواقع الإخبارية بإن حملة تشنها أمانة عمان الكبرى لإزالة البسطات أينما وجدت وبكل "همجية" وبأسلوب خالي من الإنسانية -كما وصفها البعض- فكان لابد لنا من وقفة للإطلاع على حقيقة ما يجري.
كان لابد لنا لتتبع الحقائق أن نذهب لوسط البلد في عمان للتحدث مع أصحاب هذه البسطات ، الأمر الذي قوبل بكثير من الرفض خوفاً أو غضباً أو ربما سخطاً على هذا الوضع.
والجدير بالذكر أن مجموعة من موظفي الأمانة يرافقهم مجموعة من رجال الأمن العام قد بدأوا بحملة جديدة أثناء تواجدي للتكلم مع أصحاب البسطات مما جعل الباعة يعبرون عن رأيهم لي صراحةً.
قال خلدون أبو معمر ،بائع بسطة، إن الأمانة تمارس تلك التدابير –القسرية- بشكل شبه يومي ، و زعم أن هناك الكثير من الأقاويل حول البضاعة المصادرة وكونها توزع بين موظفي الأمانة ؛ فلم تصادر الامانة أي بضاعة لمدة يومين متتاليين بعد أن تم تداول تلك الأشاعة وأكد انه لا يعلم مدى صحتها.
و وضح أبو معمر الأسباب التي جعلته يسلك طريق هذه المهنة وعلى رأسها كونه "غزاوي" فلا يستطيع أن يعمل كموظف أو في عمل رسمي حكومي لأن جنسيته تمنعه ، فقد امتهن البيع على البسطات لمدة 35 سنة، وطوال تلك المدة بقيت تصرفات الأمانة على نفس النسق.
أما مجاهد التميمي فقد كانت قصته مختلفة قليلاً ، إذ انه امتلك محال جارية لفترات متقطعة وكان في كل مرة تسوء فيها امور البيع يضطر للعودة لعمل البسطات .
وذكر التميمي عدة محطات في حياته عمل فيها على البسطات منذ ست وعشرين سنة مضت ، والتي كان فيها الكثير من الوعود من قبل الحكومات و الامانة والكثير من الاجراءات الحكومية الغير منتهية فآلت بهم لنفس الاحوال حتى بعد عقدين من الزمن.
واستنكر احمد الزغبي ،تاجر احذية، أفعال اصحاب البسطات ، فقد بيّن تأذيه من أماكن بيعهم التي تعيق الحركة المرورية والتجارية لأصحاب المحال المجاورة ، وعلى الرغم من ذلك إلا انه يتعاطف معهم ؛ لأن أغلبهم لا يملكون خياراً آخر لكسب قوتهم.
وقال بائع رفض ذكر اسمه:" إن الذي حدث قبل عدة أيام كان اسوء من هذا بكثير –واشار الى الشرطة- قاموا بتكسير بضاعتنا و صادروها ولم يتركوا لنا سبوبة رزق ولم يبقَ معنا من المال قرش لنشتري به خبزاً لأولادنا الجياع".
أما فراس الزعبي،بائع بسطةسبعيني، فقد تضاربت إفاداته بتدخل ابناءه ،إذ وصف الحملة التي تقوم بها الأمانة وازالتهم للبسطات بأنها عملية "تنظيف شوارع"مما جعلابنه يهب قائلاً :"هم قطعوا رزقنا ، دمرونا ، فرجيهم تقاريرك يابا وادويتك اللي مش عارف تشتريهم " ، وبالفعل كان له نصيب الأسد من الضرر الذي لحق به وبأبناءه ، وحتى صحته!
كما ذكر الكثيرون من اصحاب البسطات في وسط البلد أن الأمانة تقوم في كثير من الاحيان بعمل اماكن محددة للبيع لاصحاب البسطات لكن "المثير للسخرية" كما وصفه البعض هو ان الذين يبيعون في تلك المناطق ليسوا اصحاب بسطات بل أصحاب محال أو موظفين في الامانة نفسها و إن كانوا من الباعة المتجولين فهم يأخذون هذا المكان بناءً على المعرفة "الواسطة" وليس لأنهم قدموا اوراقهم او طالبوا بذلك.
وعلى الرغم من ان اصحاب البسطات في وسط البلد قاموا بعدة وقفات سلمية اعتصامية ليطالبوا بحقوقهم والتي كانت احدثها قبل خمسة اشهرإلا ان المعاملة لا تزال كما وهي و ربما اسوء مع اختلاف مواسم البيع –كالعيد مثلاً يكون التدقيق بشكل أكبر-كما صرح البعض.
وفي سياق متصل رفض موظفو أمانة عمان الادلاء بأي تصريح حول الموضوع ، وحتى الموظفين الذين تواجدوا في مكان الحدث أنكروا رؤيتهم لأي من تلك الأفعال المذكورة.
ورغم محاولاتنا للاتصال بأحد مسؤولي الأمانة لأخذ بيان حول ما يحدث إلا أن أحد منهم لم يقبل الادلاء بأي تصريح.
ومن الملفت تواجد عامود مخصص ل "البسطات" في موقع رؤيا الالكتروني ، مما يؤكد أزلية هذه القضية التي لم يتواجدلها حلول مطبقة او حقيقية، فقط أجندات مؤجلة أو وعود مزخرفة .
في الختام ،لم ينكر أصحاب البسطات أن تواجدهم في الطرق مؤذِ أحياناً، إلا أنهم يتأملون و ينتظرون تواجد حلول تضمن لهم العيش الكريم وتكفيهم شر "الحاجة".
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا