29-05-2021 01:28 PM
بقلم : رهف الرمحي
"كلي يقين بأن الكون كله ما بين ارادةٍ لمخلوق ومشيئةٍ لخالق"هذا ما قاله الاعلامي حامد عزالدين عندما وصف رحلته في الحياة بمحطاتها المختلفة.
وبيّن أن ايمانه بهذه العبارة هو ما جعله يسعى لتحقيق ما يريد ولكنه كان يعلم ان تنفيذ الارداةوهو المشيئة لا يملكه الا الله سبحانه وتعالى " وما تشاؤؤن إلا أن يشاء الله ".
إنه صاحب اول تجربة من نوعها لانشاء اول وكالة اخبار عربية تلفزيونية تقوم بنقل الاحداث صوتاً وصورة وتوزع نتاجها على المحطات المختلفة.
كما أنه يعتز للغاية لانه اصدر صحيفة الدستور الكويتية عن مجلس الأمة الكويتي في العام 1997 والتي تصدر الى الاّن اسبوعياً ،وجاءت لتتعامل مع المواطن العادي وتقدم له ما يحصل داخل البرلمان ويؤثر في حياته اليوميةبعدما كان مجرد مؤسسة تحدث ضجيجا دون أن أن يعرف المواطن قيمة ما يدور داخله .
الاعلامي حامد عزالدين هو اعلامي مصري نشأ وترعرع بمدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية،حيث كان الكثيرون من مشاهير الأدب والفن والدعوة الاسلامية " أنيس منصور وأم كلثوم والشيخ محمد متولي الشعراوي " . ، حصل على درجة الماجستير في الصحافة من باريس بعد حصوله على البكالوريوس في الصحافة من كلية الاعلام بجامعة القاهرة.
وهو عضو في اتحاد الصحافيين العرب واتحاد الصحافة الدولية وهو مُعلّق إذاعي وتلفزيوني على الأحداث السياسيةفي العديد من القنوات التليفزيونية العربية والاجنبية ،منها بالطبع محطات التلفزة في مصر وسوريا والكويت وغيرها .
النشأة
كان طفلاً قارئاً مثقفاً شغوفاً بالمسرح، يذهب لشراء الصحيفة لوالده - من منطقة بعيدة - فيغيب ساعاتِ طويلة؛يجلس فيها على جانب الطريق ليتصفح اكبر قدر ممكن من الاخبار والمقالات وغيرها لأنه يعلم أن والده إن امسك تلك الاوراق لن يتركها أبداً،وكان يعيد الكرة كل يوم حتى غدا يقرأ شتى الكتب ووجد نفسه وقد وقع في حب الحروف والكلمات منذ كان في السابعة فقط من عمره .
كل هذا وهو في هذه السن الصغيرة وما يذكره ان هذا تزامن مع خروج الكاتب الشهير الراحل مصطفى امين من السجنوبداية كتابته لقصة متسلسلة في صحيفة أخبار اليوم عن سنوات سجنه والأحداث التي تخللت تلك الفترة، مما جعل الطفل عزالدين ينتظر كل حلقة من هذه الذكريات التي تنشر كل أسبوع على أحر من الجمر .
الطفل عزالدين كان يكره اللعب كالاطفال الاخرين و كان يفضل ان يقضي يومه يقرأ تحت السرير وعزى ذلك الى والده الراحل الذي كان يدعمه دائماًوهو الذي شكّل شخصيته و كان السبب الرئيس لعشقه للغة العربية والصحافة واعطائه فكرا دينيًا منفتحًا مختلفًا يدعو الى التدبر في المعاني القرآنية .
وكان لوفاة والده وهو لم يتخطَ بعد سن الخامسة عشرة وقع الصدمة اذ لم يصدق الخبر واصابته وعكة صحية دخل اثرها غيبوبة لأكثر من اسبوع ،وربما كان غياب والده الذي تأثر به كثيرا وهو في هذه السن احد الدوافع الخفية التي جعلته رغمًا عنه يصبح أكثر اعتمادًا على ذاته من مختلف جوانبهاوذلك بعدما غاب مرشده الأول والأخير بعد سنوات ثلاث فحسب على رحيل أمه , لكن الصفات المغروسة بعمق في داخله تحولت إلى قبس يهيده في أوقات يصبح الاختيار محتمًا .
في شبابه الأول وفي مرحلة الثانوية العامة تحديدًا لم يكن لديه هدف جامعي محدد بعد،لكن كل ما كان يعرفه هو كرهه للارقام وكرهها له، فدخل التخصص الادبي وحصل فيه على معدلٍ عالٍ،مما فتح أمامه كل ابواب التخصصات المختلفة والذي اختار أكثرها شهرة آنذاك فالتحق بكلية "الاقتصاد والعلوم السياسية" بجامعة القاهرة العريقة .
وأضاف انه كان يعمل في تلك المدة كمدرس خصوصي لعدد كبير من الطلبة،وذلك كان كان أحد الاسباب التي مهدت له الطريق ليلتقي بزوجته الحالية ورزقا لاحقاً بثلاثة ابناء وهم وهند التي تحمل درجة الدكتوراه في الشعر الانجليزي،واسامة الذي صار مصرفيًا كبيرًا يعمل بالبنك التجاري الدولي وهاني الذي يعمل مديراً للتسويق لاحدى الشركات التجارية الشهيرة .
ويعود عزالدين مجددًا الى قدَريته التي يرى أنها جمعته في أولى محاضراته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مع الارقام – للاسف –فقد كانت المحاضرة الاولى في علم الاحصاء .
ركض خارجاً بعيدًا عن علم لا يفهمه , وجمعته الأقدار في تلك اللحظة ذاتها بعميد كلية الاعلام د. عبد الملك عودة – أستاذ السياسة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- التي يجمعها مع كلية الاعلام مبنى واحد.
وبمجرد ان شرح موقفه للأستاذ أخذه من يده وأمر المسؤولين بكلية الاعلام أن يسجلوا عزالدين طالبًا في كلية الاعلامإلى حين إنهاء الأوراق الرسمية من ملف الطالب من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية . وهكذا شاء القدر ان يعود عزالدين لدراسة شغفه الأول وهو علوم الاعلام المختلفة .
وهكذا نفسه يدرس ما يحب من كل فروع الاعلام في العامين الأولين من صحافة وإذاعة وتلفزيون وعلاقات عامة وإعلان،قبل أن يتخصص في الصحافة في السنة الدراسية الثالثة . وأتاحت له الأنشطة الطلابية في الاعلام كذلك توظيف شغفه بالمسرح، فصار من مشاهير الممثلين في المسرح الجامعي , حتى انه التحق بمعهد الفنون المسرحية وهو في السنة الثانية من دراسته بالاعلام .
وبدأت علاقته العملية بالعمل الصحفي وهو لا يزال طالبا في السنة الثانية بالاعلام في صحيفة الطلاب التي كانت تصدر عن اتحاد طلاب الجامعات .إضافة الى التدريب العملي بصيفة "صوت الجامعة " التي كانت تصدر أسبوعية عن قسم الصحافة بكلية الاعلام جامعة القاهرة .
وبيّن ان الصحفي الشهير الراحل جلال الدين الحمامصي أحد رؤساء تحرير صحيفة "الأخبار " اليومية المصرية وقتذاك،وهو في الوقت ذاته أستاذ الصحافة في كلية الاعلام كان من اكثر الاشخاص الذين تأثر بهم وبأسلوبهم،فكان هو الطريق أمام مزيد من العشق للعمل الصحفي .
حياته العملية
عمل عز الدين في مجلة "اكتوبر" برئاسة تحرير الصحفي والأديب الشهير وقتذاك أنيس منصور وهو لا يزال على مقاعد الدراسة .
وبعد ذلك عمل في اول صحيفة معارضة "جريدة الاحرار" التي تصدر عن حزب الاحرار الاشتراكي مع عودة الحياة الحزبية في مصر،وبسبب هوايته اختار العمل في القسم الفني فيها واصبح اسمه معروفًا في السوق الصحفي من خلالها .
ونظراً لاجادته اللغتين الانجليزية و الفرنسية التحق – بصدفة قدرية كذلك – بمؤسسة أخبار اليوم الصحفية العملاقة وتحديدًا في قسم الشؤون الخارجية بها ،والذي يعتمد على وكالات الانباء العالمية والصحف والمجلات الأجنبية كمصادر أساسية لعمل التغطيات الأخبارية السياسية لصحف ومجلات مؤسسة أخبار اليوم المختلفة .
وعن أول موضوع صحفي نشر باسمه في صحيفة "الأخبار " اليومية يتذكر عزالدين أنه كان موضوعا أعده لصفحة السينما،حيث تصادف ورود خبر وفاة نجمة السينما الأميركية "أودري هايبورن" في وقت متأخر ليلة عمله في "الدورة المسائية " لقسم الشؤون الخارجية .
وقتها طلب منه رئيس قسم السينما الصحفي والسيناريست الراحل أحمد صالح،ان يكتب تقريرًا عن هايبورن للنشر في الصفحة المتخصصة في السينما التي يشرف عليها .
وكان ظهور الصحيفة وهي تحمل موضوع يحمل اسم عزالدين سببًا في سعادة غيرمسبوقة ؛أن صحيفة بحجم "الأخبار " نشرت موضوعًا له باسمه .
بعدها لمع اسم عزالدين سواء في قسم الشؤون الخارجية , أو في صفحة المسرح , أو في الترجمات المختلفة للكتب العالمية في مجلة "آخر ساعة " التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم .
ثم انضم الى مجلة الأهلي رائدة الصحف الأسبوعية الرياضية التي تصدر عن النادي الأهلي الرياضيحتى أصبح مديرًا لتحرير مجلة الأهلي قبل ان يتولى منصب رئيس قسم الشؤون الخارجية ثم مساعدًا لرئيس تحرير الأخبار .
وفي نهاية الثمانينات من القرن الماضي وتحديدًا في العام 1988 , كانت صدفة قدرية تلك التي ساعدته في الحصول على منحة صحفية في مؤسسة "صحفيون في أوروبا "التابعة للمجموعة الأوروبية ومقرها العاصمة الفرنسية باريس . وكانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة حامد عزالدين أضافت له الكثير من الخبرات بزيارة العديد من الدول الأوروبية،وعمل تقارير بوجهة نظر مختلفة عن القضايا التي تشغل الأوروبيين بعين صحفي عربي شرق أوسطي , واجراء حوارات مع العديد من السياسيين الأوروبيين .
وخلال هذه الفترة كان عضواً في مجلس تحرير مجلة Europe التي تصدر باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية،كما شارك في ذلك الوقت في اصدار مجلة "الحوار " التي كانت تصدر بالفرنسية والعربية من باريس . وانتهت المنحة في نهاية العام 1989 .
وبعد العودة من فرنسا بشهور قليلة انتقل عزالدين للعمل مديرًا لتحرير صحيفة الشرق القطرية , وكان أصغر من يتولى مهمة صحيفة يومية سياسية في الشرق الأوسطحيث لم يكن قد اكمل 34 عاما من عمره ,وظل فيها لثلاث سنوات.
وكان يعتز بأنه نقل الصحيفة من أسلوب التجهيز والطباعة التقليدي الى جعلها بالكامل يتم تنفيذها بالحواسب الآلية تحريرا وتنفيذًا وإخراجًا،وبعد نهاية سنواته " الناجحة " في "الشرق" القطرية , انضم عزالدين للعمل مديرا لتحرير صحيفة السياسة اليومية في الكويت في العام 1994وظل فيها لعامين ثم عاد الى القاهرة ليشارك في تأسيس صحيفة الميدان اليومية وكانت الصحيفة رياضية سياسية وذلك للمرة الأولى في تاريخ الصحافة المصرية .
وعمل مستشارًا لتحرير الصحيفة , التي تحولت الى أسبوعية , ثم أصبحت صحيفة اليكترونية حتى اليوم .
وأضاف عزالدين انه سرعان ما عاد الى الكويت في أبريل من العام 1997 , حيث تولى منصب المستشار الإعلامي لمجلس الأمة الكويتي،وأنشأ اول صحيفة برلمانية هي صحيفة "الدستور " الأسبوعية عن مجلس الأمة الكويتي وهي احدى أهم التجارب الصحفية في حياته من وجهة نظره .
ثم عمل مديرًا لتحرير صحيفة "الأنباء " اليومية الكويتية في نهاية العام 2003 حتى بداية عام 2004 , قبل أن يعود الى مجلس الأمة الكويتي كمستشار اعلامي مجددًا حتى أغسطس من العام 2005 .
واعتبارًا من نهاية العام 2005 , كان قيامه بتأسيس "وكالة الأخبار العربية "كأول وكالة اخبار تلفزيونية عربية بالشرق الاوسط التي يعتبرها من اهم انجازاته الاعلامية على الاطلاق .
حيث تولي مشروع تأسيس هذه الوكالة الأولى فنيًا واعلاميًا وتسويقيًا كوكالة أخبار مصورة من اكثر من 40 دولة وبالرغم من المنافسة الشديدة من الوكالات الاجنبية ، الا ان تغطية الحرب اللبنانية الاسرائيلية كانت نقطة تحول للوكالة واصبحت مصدرًا مهمًا لاعداد التقارير التلفزيونية للعديد من القنوات التلفزيونية العربية والاجنبية .
ويرى عزالدين أن أهمية هذا المشروع انه كان الأول الذي ينبه التلفزيونات العربية الى افتقارها لوكالة عربية تلفزيونية،واعتمادها فقط على الوكالات الأجنبية المصروة مثل وكالة اسوشيتدبرس التلفزيونية, ووكالة رويترز ,كذلك وكالة الأنباء الفرنسية .
وفي العام 2013 , اضطر الى ترك المشروع لأسباب صحية , ولا تزال الوكالة مستمرة بالعمل في ظل ملكية مختلفة , لكن كوكالة لتوفير الخدمات التلفزيونية مثل كاميرات التصوير واجهزة البث الفضائي وغيرها .
ما يجعل عزالدين مختلفًا – من وجهة نظره –أنه عمل في موقع المسؤول الأول في الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي والاليكتروني .
وهناك على مدى عمله في الاعلام قام بالعديد من التغطيات لأحداث كبيرة مثل القمم العربية المختلفة , كما حقق اكثر من سبق صحفي وهو يغطي مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط .
كما أجرى عشرات الحوارات الصحفية المهمة سواء مع رؤساء ورؤساء حكومات أوروبية , لكنه عدّ حواره مع كل منالمستشار النمساوي وأمين عام الأمم المتحدة الأسبوق كورت فالدهايم والرئيس السوري حافظ الأسد , ونجم الدين أربكان مؤسس حزب الرفاه الاسلامي في تركيا , من اهم اللقاءات التي اجراها.
ألّف عزالدين عشرة كتب في السياسة والفن والرياضة و ترجم مايزيد عن 150 كتاب باللغتين الانجليزية والفرنسية ولكنه طبع 30 منها فقط،وبين ان كتاب "كاميليا السادات" وكتاب "الذين عاشوا الموت" اثارا ضجة كبيرة عندما ترجمهما ونشرهما على شكل حلقات في الصحف.
وكان لا بد لنا من المرور على ما اصطلح بـ"الربيع العربي"فقال عزالدين انه استنكر الاحداث المحيطة وذكر انه كان يظهر على الشاشات التلفزيونية العربية والمصرية؛ليوضح ان ما يحدث كان مؤامرة وانها "تدمير خلّاق" كما وصفها ولم ينكر انه كان مخدوعاً بالشعارات والتغيير الموهوم وانه استقبل ما حصل في مصر و تونس بروح ايجابية في البدايةلكن ناتج ما جرى من فوضى في العالم العربي أكد أن الفوضى الخلاقة التي اعلنتها الولايات المتحدة عنوان للربيع العربي "الموهوم ",كانت في الحقيقة مخططًا للتدمير ,ولا تزال الشعوب العربية تدفع ثمنًا ثقيلًا له " من الخراب " في سوريا وليبيا واليمن وتونس والسودان والصومال وغيرها ،وقال:"الحمد لله أن مصر نجت من المخطط بفضل شعبها" .
واختتم عزالدين بقوله :"قل دوماً ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن".وعلى رغم تقاعده رسميًا منذ ثلاث سنوات لا يزال الاعلامي حامد عزالدين يكتب في العديد من الصحف.