وطالب المعنيين بتفسير كامل وشامل عن أسباب الاطفاء "اليوم قبل الغد". كيف لمختص أن يفسر أمرا علميا دقيقا لغير مختص الا إن يضرب له مثال من الواقع و ان كان هذا التفسيرغيرمنسجم مع ما يجول في أنفسنا ومع ما نحمله من افكارنبدأ بصيغ الفكاهات.

وقال العواسا :"الإطفاء الشامل (Blackout) حدث و يحدث في أي نظام كهربائي في أي دولة في العالم : و اذكر منها على سبيل المثال الولايات المتحدة الامريكية و كندا و ايطاليا والهند واخرها حدث في شهر شباط 2021 في ولاية تكساس".

و أضاف أنه بشكل عام و علمي هناك عدة أسباب رئيسية لحدوث الاعطال الكهربائية و التي ممكن ان تؤدي الى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في الشبكات الكهربائية هي: الظروف الجوية أو الأشجار، كثرة الحمل/الطلب، حوادث المركبات، الانقطاعات المخطط لها، الخلل في المعدات أو الخطأ البشري والحيوانات وأسباب أخرى غير معروفة، اذ  لا يمكن لعطلِ واحدٍ منفردًا ان يتسبب باطفاء شامل و لكن تزامن حدوث عدة اعطال و متغيرات في وقت واحد و تتابعها ممكن ان يقود الى الاطفاء الشامل.

و استشهد بما حصل في كل من كندا وأمريكا في العام 2003، كان سببه الرئيسي "شجرة". نعم شجرة كانت تنمو بالقرب من خطوط الجهد العالي أدت الى حدث عطل (تفريغ كهربائي) تم عزل العطل وفصلت أحد الخطوط و لكن تتابعت الفصولات في المحطات الى ان إنتهت باطفاء شامل. هذه الشجرة لم يكتشفها لا الامريكييبن و لا الكندييين الا بعد أن تسببت في هذا الإطفاء. فيخرج من يصفها باستهزاء : "شجرة أدت الى فصل شامل، ما هذا و ايش هذا" و يتبعها بعبارات و كاركاتيرات فكاهية وغير فكاهية.

و أوضح أن تحليل مثل هذه الحوادث و ايجاد سببها الحقيقي لا يأتي بين عشية و ضحاها، فالامر يتطلب وقت ليس بقصير لتجميع البيانات والتسجيلات من جميع الاطراف المعنيين و ربط الاحداث وعقد جلسات تحليلية واستشارات للوقوف على الاسباب التي أدت الى هذا الانقطاع، مشيراً الى معلومة تتحدث بأن اعمال التحليل للإطفاء الشامل الذي حدث في الجزء الشرقي من كندا وأمريكا عام 2003 استغرقت اكثر من ستة شهور لوضع الصورة الكاملة عن الاطفاء و توضيح جميع الاسباب المتعلقة به.

ويوضح العواسا من من ناحية تحليلة علمية، فإنه ديناميكية واستقرارية الشبكات الكهربائية (Power system Dynamics and stability) و التي من احدى ظواهرها ظاهرة التذبذبات (Oscillations) من أعقد الظواهر التي يمكن فهمها وإيصالها الى الاخرين (حتى من قبلنا نحن أساتذة الجامعات) و لا يجيد تفسيرها و تحليلها بصورة كاملة الا المتخصص منّا. نلجأ لضرب الامثلة "من واقعنا" لنتمكن من ايصال التفسير الفيزيائي لطلبتنا، في حين أن ذكرنفس الامثله لغيرهم يمكن أن يفهم بطريقة خاطئة و يؤخذ بشكل هزلي فكاهي، ظهور التذبذبات/ الذبذبات الغير مستقرة (Unstable Oscillations) في الانظمة الكهربائية و التي تؤدي الى الاطفاء الشامل لا يسببه حدث واحد او عطل واحد. و لكن ممكن ان ينتج الاطفاء - من ناحية علمية - من تزامن حدوث عدة تغيرات في وقت واحد (كما انه لو اجتمع على الانسان في وقت واحد الفقروالجوع والتعب.هنا المثال للتوضيح فقط). لتفسيرها بشكل منطقي علمي لابد من فهم عميق لجميع المفاهيم و التشعبات المتعلقة بالديناميكية و الاستقرارية و اجراء النمذجة و المحاكاة ( Simulations) للوصول الى تفسير شامل و كامل لما حدث.

وبمجرد بدء هذه التذبذبات في النظام الكهربائي ،فانها تتسبب في تدفق الطاقة ذهابًا وإيابًا عبر النظام الكهربائي ( cause power to flow back and forth across the system). في اغلب الحالات يقوم النظام باخمادها ولكن هناك حالات (قد تكون نادرة و لكن ممكن ان تحدث) منها عند حدوث اضطرابات واسعة في النظام الكهربائي يحاول النظام ان يستعيد توازنه بسرعة، لكنه بعد ذلك يمكن أن تنمو الزيادات المفرطة (over-shoots) والتذبذبات ، مما تتسبب في عدم استقرارية على نطاق واسع في الشبكات الكهربائية (widespread instability) و تنتهي بتسلسل فصولات و باطفاء شامل.

هنا أذكر بعض مفردات التذبذبات و التي يمكن ان تظهر في اي من متغيرات النظام الكهربائي و من اعقدها هي التي تظهر بانماط غير متجانسة و غير متماثلة مجتمعة في الجهد (Voltage oscillation) و التردد (Frequency oscillations ) و الطاقة بنوعيها (Active/Reactive power oscillations ).

من وجهة نظري العلمية البحثية، الاطفاء الشامل عندما يحدث يكون نتيجة تفاعل (interaction) بين العديد من المتغيرات في الانظمة الكهربائية و يساهم فيها العديد من العوامل منها :

Oscillation modes, damping ratio, inertia response, primary frequency control, spinning reserve, dynamic reactive power reserves, voltage control response, system nonlinearity, load dynamics, …etc.

وقدم العواسا شكره وتقديره لمهندسي النظام الكهربائي (مركزالمراقبة والتحكم و محطات التحويل) على جهودهم في إرجاع التيار الكهربائي بوقتٍ قياسي (أغلب مناطق المملكة عادت اليها الكهرباء باقل من ساعتين). نعم هذا الوقت قياسي لمن يعلم تفاصيل علم الطاقة الكهربائية و كيفيات تشغيل الأنظمة الكهربائية في مثل هذه الظروف.

و أكد ان هناك كفاءات و قدرات في شركة الكهرباء الوطنية لديها من العلم والمعرفة ما يجعلهم قادرين على تحليل ما حدث والخروج بالتوصيات المناسبه، و لكن لا يوجد ما يمنع من استشارة خبير دولي ( لارتباط الموضع بخط الربط مع الشقيقة مصر) و لا مانع من دعوة المختصيين الاكاديميين للمشاركة واضافة الصيغة العلمية البحثية في التحليل.

وختم قائلاً: "لن أتحدث عن تفاصيل التوصيات المطلوبة لتفادي عدم تكرار مثل هذه الحوادث فهي سابقة لأوانها ولكن لا بد من المضي سريعاً في توسيع تطبيقات الشبكات الذكية (Smart Grid Applications) ومن أبرزها زيادة وحدات الـPMUs في الشبكة الوطنية و التي تم تأسيس نواتها من خلال التعاون البحثي التطبيقي بين جامعة مؤته و شركة الكهرباء الوطنية ، حيث تم تركيب وحدات قياس الطور (PMUs) في بعض المحطات بمشروع مدعوم من صندوق البحث العلمي والابتكار. وتعد وحدات (PMUs) العنصر الرئيسي في نظام (WAMs) حيث تعطي هذه الوحدات صورة واضحة للتغييرات و التذبذبات التي تحدث في الشبكات الكهربائية".