05-06-2021 09:59 AM
بقلم : د. هايل ودعان الدعجة
كثيرة هي الاحداث التي شهدتها الساحة الاردنية مؤخرا ، وجميعها تقريبا كانت تبعث برسائل الى مطبخ القرار بضرورة تصويب المسار وتغيير النهج العقيم في اختيار من يتولون ادارة مؤسسات الدولة والشأن العام في ظل اصراره على البقاء في دائرة التعيينات الضيقة ، التي تسببت في الاوضاع السيئة التي يعاني منها بلدنا وكأن المناصب حكرا عليها ، وذلك بالرغم من عدم تمتع غالبيتها بالاهلية ولا بالشعبية ولا حتى بالاستعداد للدفاع عن الوطن في كثير من المحطات التي كانت تتطلب منها مجرد الدفاع عن قراراتها وسياساتها التي تقف خلف هذه المعاناة . وبالرغم ايضا من الظروف والتحديات الصعبة التي تفوق قدراتها وامكاناتها المتواضعة . بطريقة تجعلنا نتساءل عن اسباب عدم اجراء مسح شامل لكافة الجغرافيا الاردنية للوصول الى اصحاب الكفاءات والمؤهلات القادرة على تولي هذه المهمة القيادية الادارية .
ولعل من اغرب الحالات التي ساهم مطبخ القرار في تكريسها في مشهدنا الوطني ، انه ورغم اقراره بضرورة الاصلاح ، الا انه يأبى الا وان يجرده من ادواته التنفيذية الجادة والفاعلة والعملية ، ليتركه يراوح مكانه ، فيما مساحة الانتقاد والاحتجاج والاعتراض تتسع وتأخذ اشكالا تعبيرية رافضة وغاضبة تعكس حالة من عدم الرضا الشعبي عن ما يجري ، لتتسع معها فجوة عدم الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة . وتزداد الامور غموضا وضبابية في ظل هذا الاصرار على المضي في طريق التأزيم والتعقيد ، رغم وضوح مسار الانفراج والحل ، وكما اشرت الى ذلك الاوراق النقاشية التي نعول عليها في تجاوز ما يعتري مسيرتنا من مشاكل وصعوبات من خلال ترجمتها الى اجراءات وسياسات على ارض الواقع بعد ان جعلت من المشاركة الشعبية محور العملية الاصلاحية والتنموية ، وبطريقة ستجعل المواطن يشارك ويتحمل المسؤولية في ادارة شؤون الدولة من خلال اختيار من يمثله في مواقع صنع القرار ورسم السياسات ، بعيدا عن المحسوبية والشللية والحسابات الشخصية التي مثلت نقاط ضعف في جسم الوطن ، وحولت ساحته مرتعا لاحداث صادمة في بعض الحالات ، دون ان يرف لمخرجاتها من اصحاب الاجندات الخاصة جفن ، او نلحظ لهم رد فعل يجعلنا نشعر انهم معنيون ويتفاعلون مع هذه الاحداث التي تسببوا بها ، ولو من خلال ابداء الرأي وطرح وجهة نظر او تعليق على ما يحدث في ظل ما يمتلكونه من معلومات بحكم المناصب الوظيفية التي تقلدوها وما زالوا يتقلدونها . وبدا ان البلد بالنسبة لهم مجرد اللحظة التي يكونون فيها في المناصب ويتكسبون منها . الامر الذي يتطلب من مطبخ القرار التوقف عند هذه المواقف السلبية وتفسيرها وأخذ العبرة منها ، ليضع النقاط على الحروف ويعرف اين الخلل ، ولا يبقى يتحمل مسؤولية ما يحدث نيابة عن هؤلاء المجردين من الحس بالمسؤولية ، الذين لم يجرأوا على قول ولو كلمة واحدة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن ، تجعلنا نشعر انهم في صفه ، مع ان الواجب الوطني يحتم عليهم الوقوف الى جانبه في هكذا ظروف واجواء ساهموا بشحنها .
وربما نذهب الى ابعد من ذلك في تقيمنا وقراءتنا للامور ، للحد الذي يجعلنا نفترض انهم يميلوا للرهان على ازدياد المشهد تعقيدا وتأزيما ، تمهيدا للعودة الى المناصب ، ليمارسوا هواياتهم المفضلة في شحن الاجواء على وقع ادائهم السيء ، الذي لم يرتقي الى مستوى الطموحات والتطلعات الوطنية ، ودون ان يقترن ذلك بمساءلة او بمحاسبة ، بل على العكس من ذلك إذ تجدهم وقد اخذوا وحجزوا دورهم للعودة للمنصب مرة اخرى ومن موقع الواثق والمرحب به . فهل هناك من امل في ان يعيد مطبخ القرار الاردني حساباته في التعيينات في المواقع الحكومية والرسمية الهامة ، واختيار الافضل استنادا الى رؤية اصلاحية وطنية صحيحة يراعي بها مصالح الوطن اولا ، بعيدا عن الاجندات الخاصة التي وضعت بلدنا في مواقف محرجة وصعبة ، وحتى لا يبقى في الواجهة يدفع ثمن قراراته الخاطئة من خلال الدخول مع الشارع في صدامات هو بالغنى عنها ، لو انه احسن الاختار والسير في مسار الاصلاح الصحيح المقترن بارادة حقيقية لتفعيله وتطبيقه .