07-06-2021 11:42 AM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
كتبت في الكثير من مقالاتي عن " كُلفة الإصلاح "، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في سبيل وقف عجلته من قوى تملك النفوذ وفق قواعد المعادلة الحالية وتخشى خسارته إذا تغيرت القواعد.
ولا شكّ بأن الجميع لا يرغبون بسماع أية ملاحظات تشعرهم بأن مسيرة الدولة تحت المجهر والضغط سواء كانت مصادر الضغط والمناوئة تلك خارجية أو داخلية، لكن هذا جزء من الحكاية لا ينفصل عنها والتاريخ هو البرهان، وقد يأتي ذلك الشد العكسي على صورة أحداث متلاحقة بلا مقدمات وبزخمٍ يخلق التشويش المقصود.
فنحن اليوم إذ ننتظر الدخان الأبيض لإنطلاق قاطرة الإصلاح بشهيّة وترقُّب، هناك من يتابعها بقلق خوفاً على مكتسباته وأسباب نفوذه والتي يخشى سحب البساط وخسارتها في حال دشّنّا إصلاحاً عصريّاً حقيقيّا.
فمشكلات الوطن جميعها أيّا كان نوعها ومصدرها هي نتيجة تلقائية لعوامل ثلاث، الفساد والمحسوبية وإحتكار النفوذ.
وإن إحتكار النفوذ يتخذ العديد من الصور، بعضها نخبوي وآخر قَبَليّ، ومنه الإقتصاديّ، وإنّ أي تغيير في قواعد اللعبة سيؤدي بالمحصلة إلى إعادة صياغة معادلة القوى وتوزيع أدوارها ومكتسباتها، فالعدالة تعني الشمول والإتساع والمساواة.
المطلوب اليوم هو معاينة محركات التشكيك، فبعضها شعبيٌّ طبيعيّ غير منظّم يشبه جهاز المناعة، والآخر الأخطر منظّمٌ عالي السقف قد يبذل كل ما في وسعه لمنع حدوث التغيير، ثم يستلزم منا ذلك الإدراك أن نترك العربة تمُرّ دون إستباق للأحداث، والمشاركة الحقيقية كلٌّ من موقعه في المسيرة الوشيكة.
وفي الختام، سأكتفي بضرب مثال واحد من واقع شعبيّ يدلّل على سلامة ما تمت الإشارة إليه، فنائب الرقابة والتشريع مثالاً وحتى الوزير المُسيَّس لا يبحثان عن صفقة تنتهي بغضّ الطَّرف عن الأداء بمقابل قائمة تعيينات لا تُراعى فيها العدالة ويُظلَم فيها أصحاب الكفاءة والأولوية الحقيقية تزيد مستحقّي الحقوق حنقاً وإحتقاناً وتؤدي لوصول الشخص غير المناسب لموقع المسؤولية، وإنّ العلاقة الصّحّية بينهما هي الضامن لتجويد أداء عمل الحكومات بتقديم برامج فعالة وتنفيذها بشفافية وهي التي تضمن للنائب حفاظه على مقعده وتأسيس قاعدة رقابة شعبية تحسب لها الحكومات حسابا فينعكس ذلك على الشرائح جميعها بلا إستثناء أو تفضيل وتجويد العمل العام سياسة وخدمات.
وإذا عدنا لكل أسباب التراجع سنجدها تصبّ في هذا العلاقة، وهي التي يجب أن يطالها العمل والتغيير عبر تشريعات عصرية تعبّر عن نبض الشارع وتلبّي طموحاته، وهي بالمقابل أساس إفساد المسيرة، فإذا غابت الخبرة عن المشرّع إنحرفت القوانين عن أهدافها، وإذا تكسر ذراع الرقابة الدستورية لم يتبقى ضابط أو ضامن يصون الحقوق ويحرس الواجبات.
الإنتباه الإنتباه.
والله من وراء القصد
حمى الله الأردن قيادة وشعباً