حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,15 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 6867

الوعي العربي المعزول

الوعي العربي المعزول

الوعي العربي المعزول

08-06-2021 02:08 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي

كل مراكز الابحاث والتصنيع على اختلاف تنوعها من حيث استخداماتها العسكرية او المدنية او في اي نشاط يُمارَس على هذه الارض تضم نخبة من العلماء والمفكرين العباقره ، وهولاء كلهم لديهم من الابداع اللامتناهي في مجال تخصصاتهم ، ودليل عبقريتهم هي نتائج اعمالهم التي اوصلتهم الى المريخ وما دونه او ما يشبهه من اماكن وصلوا اليها ، او منتجات على اختلاف مسمياتها واستعمالاتها التي ليس لها حصر ،
" والحديث هنا عن غير العرب "
وهذا دليل وعي هؤلاء لما يعملون ،


يُخبرك مَن تعايش مع هؤلاء العباقرة المبدعون وهم بلا شك النخبة من شعوبهم الأكثر ذكاء وفطنة واستيعاباً لعلومهم التخصصية ، حيث يقولون انك لو سألتهم خارج تخصصاتهم لسمعت العجب العجاب ، فربما لا يعرف احدهم رئيسه او ثلاثة من الصف الاول ممن يديرون شؤون بلاده ، ولا يقتصر الامر على السياسة فقط ، بل على معظم مناحي حياتهم وحياة الشعوب على هذه الارض بكامل سعادتها أو معاناتها ، فهذا خارجٌ تماما عن نطاق اهتمامهم ، ولا يضيرهم هذا ولا يقلقهم ، او بالاصح لا يعني لهم شيئا .

وهذا الحال ينطبق على السواد الاعظم من شعوب تلك الدول ، فكلهم منغمسون الى اعلى رؤوسهم كلٌ في مجال عمله ، حريصاً على استمرار دخله والبحث بكل الوسائل عن كيفية زيادة هذا الدخل او المحافظة عليه ما استطاع الى ذلك سبيلا ،
ودليل نجاحهم وتفوقهم هي النتائج ايضا التي
تدلك عليها تلك المنتجات من الصناعات الغذائية والدوائية والزراعية والعسكرية وتلك المصانع التي لا تتوقف عجلاتها عن الدوران.

" ومقالي هذا ليس للمفاضله وانما للمقارنه، فمن يُنتِج حبة الدواء يَشفى بها مريض ، لا شك افضل الف مرة ممن يعرف اسم مُنتِجها واسم مَنشئها ، خصوصا اذا كان باستطاعته ان ينتجها ولم يفعل "

وعندما تاتي الى الشعب العربي بعمومه فإنك تجده يعرف اسم ذلك العالِم الذي يعمل في تلك المحطة الفضائية او مركز الابحاث او ذاك المصنع الذي ينتج ما يستفيد منه الناس في انحاء المعمورة ، وتجده يعرف اسم بلده واسم رئيسه وعدد السكان في تلك البلد ويعرف رئيس وزرائها ويعرف حدودها الجغرافية والتركيبة الديمغرافية فيها ، ويعرف تفاصيل اجوائها الشتوية والصيفية ، وهذه الاجابات يعرفها العوام من الشعب العربي وليس شرطا ان يكون احدهم متخصصًا في علوم السياسة او الاجتماع ، ولا يشترط لها حد اعلى من الشهادات التحصيلية حتى تثق بان المعلومات التي يقولها تكاد تقترب من تمام المعرفة ، فلا البطالة المقنعة وغير المقنعة ولا الظروف تحت كل عناوين مسمياتها حالت دون هذه المعرفة وهذا الادراك .

كلمة الوعي مطلقة ، فهي ليست محصورة بمجال ما ، او معرفة بعلم محدد ، وانما هي من الشمولية بمكان ، حيث تجدها في احد معانيها " انها التفاعل ما بين الانسان بكامل احاسيسه ومشاعره وادراكه وبين الطبيعة بشكلها المطلق بما تحتويه من كامل الفعاليات والنشاطات التي تجري عليها "
كما انها تعني ايضا انسجام العقل وادراكه وقدرته على التواصل مع المحيط الخارجي .

ربما يكون صفاء الذهن والاستقرار المستمد من الامن والاطمئنان احد اسباب الوعي وربما يكون له الاثر السلبي بحيث يميل الانسان الى الخمول الفكري والى إراحة العقل والفكر بمعناه السلبي مما يؤدي الى نتائج سلبية لا تَقلْ بحال من الاحوال عن الجهل المُفضي الى اللاوعي الممقوت على كل مستويات ومناحي الحياة ، وتؤدي بالضرورة الى الخواء الذي يجعل كثير من الشعوب تصل الى مرحلة الجهل المُورثِ للإنقياد والانصياع الى فِكرٍ موجَّه يؤخذهم حيث يشاء ويجعلهم حبيسي رأي ، ونتائج حتمية ليس لهم يدٌ فيها .

وبدون فواصل ولا استحضار للذهن تجد نفسك امام سؤال كبير وكبير جداً وعميق
وهو ما يمثل نظرياً العامل الاكثر تاثيراً في النظام العالمي المتداخل جداً ، والسؤال
هو ماذا عن " الرأي العام " !!
فإذا كانت واذا صحَّ ثبوت اهتمام شعوب العالم اصحاب النفوذ المتحكم في مفاصل دول وانظمة العالم الآخر باجمعها انها شعوب ذات اهتمام بالدرجة الاولى والاخيرة فيما يتعلق بحياتهم المعيشية الشخصية جداً ، ولا اكتراث لما وراء ذلك لأي شيء ، فمَن يا تُرى صاحب الرأي العام ! وكيف يتم قياس ذلك الرأي ! حيث اننا نعلم ان الرأي العام له درجات قياس وله اساليب وانظمة وله معايير وادوات .

اهتمام تلك الشعوب تشير بالحتمية ان هناك من ينطق باسمها ويوجهها في لحظة او في مرحلةٍ ما الى القول والنداء بما يُملى عليهم من النخبة التي تتحدث باسمهم وتحت شعار الراي العام ، حيث ان الرأي العام هو
" مخرجات الاهتمامات " وهذه المخرجات غير متوافقة مع الاهتمامات ودليل ذلك ان هذا الرأي العام غير منسجم على الاطلاق مع الحَدَث حيثما وُجد ، ويظهر التناقض فيه بشكل واضح وصريح ،
ونتائج ما يسمى بالرأي العام هذا لا يُضير تلك الشعوب ولا يقلقها ، وليس بواردِ احد منهم ان يُدقِّق او يُكَذِّب او يُصدِّق ما يقوله الناطقون بلسانهم ، وليكن هذا الرأي تحت اي مسمى من المسميات ، فلا وزن له ولا التفات ، بشرط ان يكون بعيدا بأي حال من الاحوال عن حياتهم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية بالدرجة الاولى وبعدها ؛
" ليكن الطوفان "

بصورة محايدة جداً ، كل اصحاب الدراسات الاستقصائية وكل انواع البحوث العلمية بكامل تخصصاتها والبحوث التطبيقيه وكل الاستبيانات لديها نتائج ولو قُدِّر لنا معرفة نتائج هذه الابحاث والدراسات لوجدنا ان المعيق الاساسي والاكبر لدى الشعب العربي بمعظمه هو قلة الفرص وندرتها وعدم وجود الحاضنات التي تستوعب الوعي والادراك المتمثل في عقول ووجدان هؤلاء الشباب الذين تحصلوا على درجات علمية لا تقل اهميةً ودرجةً عن اولائك الذين هم في في الطرف الآخر من هذه المقارنه وهو ما يوفره العالم الاخر لطاقات شبابه كلٌ في مجال تخصصه واهتمامه واستيعابهم جميعا.

اما مخرجات ونتائج الوعي العربي فلست اعلم إن كانت تحظى باهتمام !
ولعل احد اهم اسباب عدم الاكتراث لهذا الوعي ربما انه غير مطلوب الآن ولا حاجة لأحد به ، او ربما لأنه بعيد جداً في تطلعاته وآماله في تحقيق نتائج واقعية وملموسة تنسجم مع هذا الوعي الناتج عن التفاعل المباشر مع الواقع المعاش حقيقة بكل تفاصيله المُفرِحة منها والمؤلمة ، وربما لأن هذه التطلعات نرجسية جدا وسقف سمائها عالية وبعيدة المدى وخيالية وتُحلِّق بعيداً بعيداً لدرجة انها لا تكاد تُرى فلا يُبنى عليها ،
" فتمَّ عزلها ".











طباعة
  • المشاهدات: 6867
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم