14-06-2021 09:37 AM
سرايا - تناولت صحيفة القدس العربي اللندنية في مقالاً لها، كواليس تشكيل لجنة الحوار الملكية، و قضية عدم اختيار شريحة كبرى من ممثلي العشار، و تالياً نص المقال:
مجدداً وكما يحصل في العادة، وقع الطاقم الاستشاري والحكومي في "فخ التمثيل" مع أن المهمة كانت لا تحتاج أكثر من لجنة خبراء وطنية من أصحاب الرأي والمهنة، ويمكنه المناورة والمناولة تحت عنوان تحديث ثلاثة تشريعات ناظمة للحياة السياسية في الأردن.
الجدل واسع وأكبر من جسم لجنة الحوار الوطني الملكي الجديدة، التي تضم 92 شخصاً على الأقل، وهو عدد كمي ليس بالضرورة أن يكون نوعياً وبحجم يمكن مبكراً توقع أن يعيق حركة ومناورة رجل دولة من وزن الرئيس سمير الرفاعي، الذي كلف بإدارة الحوار مع عدد كبير في تجربة غير مألوفة وغير مسبوقة.
خضع العدد لرفع خلف الستارة والكواليس في ساعة تشكيل اللجنة الأخيرة، فقد كان الحديث عن لجنة تضم 70 شخصاً تنبثق إلى ثلاث لجان رشيقة، تتولى واحدة المسألة السياسية، وثانية الاقتصادية، وثالثة الإدارية.
وقد لمست مصادر مقربة من رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة قبل أسابيع تصوراً منطقياً بهذه الصيغة، لكن ظروفاً غامضة و»قد تجلب الشبهة» السياسية وتثير الدستورية، بدلت في الصيغة والمقترح فتشكلت لجنة بعدد كبير.
في كل حال، ثمة لجنة وطنية بغطاء ملكي هذه المرة، وحسب نائب رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، وفي تشخيص مباشر، تلك لجنة تزرع الأمل بين الأردنيين، وخطوتها مثمنة، والمبادرة طبعاً ملكية، لكن الواجب على الجميع في التفاصيل.
سأل مبكراً الصفدي وغيره من غالبية الفاعلين في المشهد السياسي الأردني: كيف يمكن إدارة حوار فني تشريعي إصلاحي يخص ثلاثة قوانين حصراً بسقف يصل إلى أربعة أشهر و جسم قوامه 92 شخصاً متحاوراً؟
الجدل واسع وأكبر من "جسم" لجنة الحوار الوطني الجديدة، طبعاً تلك أحد التحديات الأساسية في حضن الرفاعي، وقدرته على التمرير و الإدارة خارج نطاق الشكل و التردد، إضافة إلى جملته النقدية العامة لأداء بعض الحكومات في السنوات الأخيرة وعلى أكثر من صعيد.
شبح التشكيل
لكن فخ التشكيل يحوم بشبحه مجدداً، فعدد أعضاء اللجنة ضخم وكبير، وقد يعيق الزحام - كما يقدر الناشط النقابي أحمد أبو غنيمة- الحركة الجوهرية.
وكانت الفكرة توسيع إطار التمثيل الاجتماعي وعلى أساس التكوينات و الجغرافيا و المناطق.
وهنا التقاط رسالة غير مفهومة سياسياً في الواقع؛ فاللجنة فيها من المحاصصة الكثير، و إحدى أهم وظائفها الوطنية أصلاً الانقضاض على تقنيات و آليات المحاصصة التي ضربت منذ سنين طويلة قيمة المهنية، وراكمت في الكم على حساب النوع، وهي ملاحظة سبق أن تم مناقشتها إعلامياً مطولاً أصلاً مع عضو اللجنة الحالي الوزير والبرلماني السابق الجنرال مازن القاضي.
الهدف كان «مرصوداً» وهو توسيع قاعدة التمثيل في لجنة الرفاعي بهدف حماية منتجها لاحقاً في الخارج والداخل.
لكن ثلاثة أيام بعد التشكيل، رسمت اللجنة لوحة اجتماعية سياسية تفيد بأن أسس الاختيار التي قام بها موظفون في أجهزة الدولة بالنتيجة لم تحقق الهدف المرصود، فعدد الغاضبين من خارج اللجنة أكثر بكثير من عدد الذين يعتقدون بأن تمثيلهم تم.
واللافت هنا أن هذا الاعتقاد أفقي و لا علاقة له بمكونات اجتماعية فقط، فنشطاء الحراك الشعبي في منطقتين على الأقل، هما ناعور جنوب عمان، حيث قصة النائب المفصول أسامة العجارمة لا تزال طرية، وبلدة ذيبان أصدروا بيانات مسبقة تتبرأ من اللجنة ونتاجها قبل حتى اجتماع التعارف الأول بين أعضائها.
ووزير الإعلام الأسبق طاهر العدوان، قالها بوضوح في تغريده علنية، مشيراً إلى أن اللجنة بتركيبتها لا تحقق المعيار الملكي العلني القائل بــ"جلوس الجميع على الطاولة."
وأفاد العدوان أيضاً بأن الأحزاب الأساسية خارج التمثيل في لجنة هدفها المعلن مراجعة تشريعات المنظومة الحزبية والسياسية.
القطب البرلماني صالح العرموطي سجل ملاحظة تستحق التأمل؛ فأعرض لجنة ملكية وطنية في تاريخ الدولة الأردنية لمراجعة تشريعات وقوانين، لا يوجد فيها مقعد لنقابة المحامين، في الأثناء، لاحظ الجميع بأن رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب وطبعاً جميع النواب، هم خارج التشكيل، فيما بعض أعضاء مجلس الأعيان داخله وبقوة.
مفارقات في التركيب غير مفهومة بعد، ويمكنها أن تشوش على نبل الفكرة الملكية، الأمر الذي يحصل الآن في مسألة يتحمل مسؤوليتها موظفون ومستشارون في كل الأحوال، ويمكن في حال تفاعلها لاحقاً أن تنزع الدسم من لجنة أرادت لها القيادة وعلناً أن تكون بمثابة الخطوة الأولى نحو مئوية الدولة.
مسألتان
مسألتان خلال ثلاثة أيام فقط برزتا بعد تشكيل اللجنة من الصعب إنكارهما وإسقاطهما من تقاطعات الحساب السياسي:
المسألة الأولى أن عودة لاعب محترف من طبقة رجال الدولة الأقوياء مثل الرئيس الرفاعي، لم تعد ترتبط باللجنة وسقفها وبرنامجها فقط.
الانطباع يزيد بأن اللجنة التي شكلت مؤخراً ستعمّر من حيث كوادرها طويلاً في المشهد، وبأن الرفاعي سيرث الحكومة لاحقاً لأغراض التنفيذ، مما يغذي سيناريوهات وتوقعات ستصبح بالضرورة -إذا لم تحسم مرجعياً وبسرعة- عبئاً على اللجنة ورئيسها وأعمالها.
المسألة الثانية رصدت بالغمز والهمز واللمز داخل سلطتي التنفيذ والتشريع، فمجلس النواب بكتله وقواه «حائر الآن ويتلاوم».
والشعور يزيد في كواليس النواب بأن مخرجات اللجنة ستقصف عمر المجلس التاسع عشر الحالي، والفكرة التلاومية أن رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات تأخر في الاستجابة لدعوات قيادة الحوار أصلاً، وبالتالي اضطرت المراجع إلى تشكيل لجنة وطنية بغطاء سياسي وملكي عابر للمجلس وللحكومة أيضاً.
وقد تدفع الحكومة لاحقاً، وإن كانت ساهمت في الإطار والمضمون واختيار عدد كبير من الأعضاء، ثمن موسم اللجنة على نحو أو آخر، خصوصاً أن الالتزام الملكي في الرسالة الموجهة للرفاعي واضح بلا التباس، فغير معروف الآن فيما إذا كانت الحكومة التي ستلتزم بتنفيذ مخرجات اللجنة هي أصلاً الحكومة الحالية.
بمعنى آخر ألمح إليه الناشط النقابي كمال الساري، يبدو أن ولادة وبروز الجسم السياسي الممثل للجنة قد يعني لاحقاً تدشين مراسم إعلان أو إصدار شهادة وفاة ناعمة قليلاً، وقد تكون متأخرة، لمجلسي الوزراء والنواب الحاليين.
ذلك أيضاً عبء على الرفاعي ورفاقه نتج عن تكرار «أخطاء التشكيل» ولا تتحمل مسؤوليته لا اللجنة ولا رئيسها، خصوصاً أن الانطباع بعد صحوة التحليل والتكهن وامتصاص المفاجأة والصدمة إثر ثلاثة أيام من حوارات ما بعد تشكيل اللجنة، بدا يتشكل بأن مجلس النواب الحالي ومعه الحكومة يجلسان تلقائياً الآن في غرفة «العناية التلطيفية».
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا