19-06-2021 09:22 AM
سرايا - قال رئيس هيئة الاستثمار السابق خالد الوزني، انه يجب على صُنّاع القرار الاقتصادي في الدول عليهم أن يتحولوا نحو مزيد من الإيجابية والانفتاح الاقتصادي، والعودة عن الإجراءات التقييدية الزائدة التي تم اتخاذها رُعباً من الوباء.
وتاليا نص ما نشره الوزني عبر صفحته على الفيس بوك:-
التوقعات الإيجابية لما بعد ذروة كورونا
يؤمن علم الاقتصاد بنظرية التوقعات في استقراء مستقبل المؤشرات الاقتصادية، ولعل أفضل التوقعات الاقتصادية تقوم على ما يسمى بمستوى توفر المعلومات الكلية. وفي ذلك فإن المخاطرة في التوقعات تكمن في مستوى حجب المعلومة أو عدم توفرها. بيد أن المهم في قضية نظرية التوقعات في أنها تقوم على مستوى ميول وتوجهات تلك الميول لدى جمهور الفاعلين الاقتصاديين. أي مستوى تأثر المستهلك و المُنتج، أو حتى الحكومات وصناع القرار، بالتوقعات سلبية أو الإيجابية والميول السلوكية لهؤلاء ضمن تلك التوقعات الاقتصادية، والتي على أساسها يقوم كل من هؤلاء الفاعلين الاقتصاديين باتخاذ قراره الاستهلاكي أو الإنتاجي في الاقتصاد المعني. فإن كانت التوقعات إيجابية مثلا، فإن المتوقع أن يزيد المستهلك من حجم إنفاقه، ويزيد المُنتج من مستوى انتاجه من السلع والخدمات، ويؤدي ذلك إلى توجه حكومي إيجابي في مجال الانفاق وفي مجال السياسات التوسعية الكلية. في إطار ذلك كله، فإن التوجهات العالمية اليوم، وبهدف الخروج من ضغوط وباء كوفيد-19، أو كورونا كما يتم تسميته، ترتكز على بث توقعات إيجابية، وذلك عبر تقارير متنوعة من كافة المؤسسات العالمية ومن كافة الجهات التي تُصدر تقارير دولية حول الوضع الاقتصادي العالمي. والملاحظ في هذا الإطار أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بثّا تقارير إيجابية متعددة منذ بداية العام، وأصدرا تقارير تُشير إلى توقعات إيجابية أفضل حتى مما توقعاه سابقا، وخاصة في مجال الأثار الاقتصادية للوباء على الاقتصاد العالمي. المحصلة اليوم أن الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الإقليمي، يشهدان توجهات وتوقعات إيجابية، انعكست في أسعار النفط الذي تجاوزت حاجز السبعين دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز العتبة التالية قبل نهاية العام، وكذلك الأسواق المالية للمنطقة والعالم. فالتوقعات الإيجابية انعكست في توجهات إيجابية واضحة في أهم أسواق المنطقة العربية، في مصر والسعودية والإمارات. الشاهد مما سبق جميعه هو أن صُنّاع القرار الاقتصادي في الدول عليهم أن يتحولوا نحو مزيد من الإيجابية والانفتاح الاقتصادي، والعودة عن الاجراءات التقييدية الزائدة التي تم اتخاذها رُعباً من الوباء، وعليهم تأهيل الاقتصاد لاستيعاب الشهية التي بدأت تنفتح بشكل كبير على الاستثمار في مجالات جديدة وواعدة، وخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات، والحلول الرقمية، والبيانات الكبرى، والصناعات الصحية والبيئية، والمستلزمات الطبية، وخدمات النقاهة، والخدمات الطبية المساندة، والتأهيل الطبي النفسي والجسدي، وغيرها من مجالات الاستثمار السياحي، والتأمين، والمالي، والنقل واللوجستيات المساندة للمواصلات والتوصيل، والتطبيقات الذكية. صانع القرار الرشيد سيقرأ المشهد بشكل ذكي، وسيعمل برشاقة ومرونة عالية اليوم. الانتظار سيجعل مسبار الاقتصاد العالمي ينطلق، في حين من من تجمد مرعوباً من إرهاصات كورونا، وتبعاتها السلبية، سيقف متفرجاً دون أن يراوح مكانه في عالم متناهي الرشاقة والمرونة والسرعة والتطور. وفي الختام، فإن مسبار التطور والتحديث والاستعداد الإيجابي برشاقة ومرونة انطلق في اقتصادات العالم، في بعض دول المنطقة، خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ولم يبقَ أحد يركز فقط على فتح وإغلاق القطاعات، او على العودة الأمنة، أو الاجراءات التشديدية، أو التهديد بالعودة إلى الإغلاق جزئياً كان أم كلياً. على صنّاع القرار، أن لا يتنازلوا عن مستويات الأمان والحماية الصحية، ولكن في الوقت نفسه أن يتحولوا إلى الرشاقة والمرونة الاقتصادية والتحول بإيجابية نحو سياسات تفتح المجال أمام كافة القطاعات للعمل والتوسع، سياسات تخفف الاجراءات والبيروقراطية الحكومية، وتخفف من القيود الضريبية والجمركية المالية وغير المالية، سياسات تستوعب أن المعضلة الكبرى الأرث الأكبر لهذا الوباء يكمن في البطالة وفي توقف عجلة الاقتصاد. التوقعات الإيجابية تتطلب قرارات إيجابية تُحرك القطاعات وتعيد الاقتصاد الى المسار السليم.