20-06-2021 08:42 AM
بقلم : د. هايل ودعان الدعجة
لا اظن ان احدا يجهل او لا يعرف الكيفية التي يجب ان تكون عليها القوانين والتشريعات الناظمة للعملية السياسية في الاردن ، حتى تستقيم الامور ويتحقق الاصلاح الذي نريد ، بما في ذلك مطبخ القرار الاردني نفسه . في تأكيد على ان تطبيق الاصلاح المنشود مرهون بتوفر ارادة سياسية حقيقية . ولو طبقنا هذا الكلام على قانون الانتخاب وحده مثلا ، بوصفه مفتاح الاصلاح ومحوره وجوهره ، فلربما اكتشفنا او لاحظنا غياب مثل هذه الارادة من خلال طبيعة ونوعية القوانين الانتخابية التي اقرت وجرت على اساسها الانتخابات النيابية منذ مجلس النواب الثاني عشر ١٩٩٣ . وهي القوانين التي كرست كل شيء ليس له علاقة بالاصلاح ولا بتطوير الحياة النيابية وتفعيل دورها في المشهد السياسي والديمقراطي الوطني ، عندما انحرفت بها عن مسار الاصلاح الصحيح ، وجعلتها رهينة الاداء الفردي والمصلحي على حساب الاداء المؤسسي البرامجي الكفيل بانضاج هذا الاداء وتفعيله وتطويره ، وبالتالي تقوية المؤسسة التشريعية ، وتعزيز حضورها في الساحة السياسية الاردنية ، كمكون من مكونات النظام السياسي الاردني ، وكقاعدة دستورية يقوم عليها نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي في الاردن . لذلك فقد يكون من المستغرب تشكيل العديد من اللجان او ما هو على شاكلتها وبمسميات مختلفة باسم الاصلاح ، مع ان طريقه واضح ولا يحتاج الى كل هذه المحاولات والاجتهادات . وبما ان التحدي الاكبر الذي يواجه الدولة بمؤسساتها المختلفة يتمثل في زيادة هامش فقدان الثقة الشعبية بها ، فان منطق الامور يحتم عليها اشراك المواطن وادماجه بالعملية السياسية وادارة الشأن العام من خلال قنوات وادوات واضحة مثل الانتخابات ، وجعله يتحمل المسؤولية ، دون تدخلات او عبث بميوله وتوجهاته الانتخابية ، خاصة انها عاجزة عن تحقيق طموحاته وتطلعاته . فكلما زاد تفردها بادارة المشهد ، كلما اتسعت دائرة عدم الثقة الشعبية بها على وقع فشلها وعدم قدرتها على ادارته . اضافة الى امعانها في التمسك بعناصر وشخصيات معينة في مواقع المسؤولية ، رغم انها لا تحظى بالقبول الشعبي وتحوم حولها الشبهات ، لدرجة اقحام بعضها في منظومة الاصلاح نفسها . وعليه فلا بد من الاستئناس برأي المواطن والاخذ به ، والتعاطي معه كمرجعية عند اختيار المسؤولين ، الذين يفترض انهم يعملون على خدمته ومن اجل تحقيق مصالحه وتطلعاته ، وان من باب اولى ان تكون له كلمة في اختيار من يمثله وينوب عنه ويعمل من اجله ، خاصة وان لديه قاعدة معلومات عن معظم هؤلاء المسؤولين وقد خبرهم ويعرفهم ، ويستطيع ان يقيمهم ويحكم عليهم وعلى ادائهم ومدى اهليتهم لادارة المواقع التي يشغلونها ، والتي لها انعكاسا عليه كمواطن وفي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والصحية والتعليمية وغيرها . وبالتالي يصبح من المستهجن ان لا يتم مراعاة ذلك والاخذ برأيه واحترامه عند اختيار من يتولى شؤونه ومصالحه ، والضرب بها عرض الحائط من منطلق العناد او المجاكرة ، وان الدولة بمؤسساتها المختلفة لا تعمل تحت تأثير الضغوطات والمطالب الشعبية ولا تخضع لها . مع ان الاصل ان تنظر لها باعتبارها مسألة إصلاحية وديمقراطية اساسها وهدفها المشاركة الشعبية في العملية السياسية وصناعة القرار ومن منطلق ان الامة مصدر السلطات . وهذا يقودنا الى ضرورة اقتناع مطبخ القرار باهمية الاصلاح ومخرجاته ، وبانه يمثل مصلحة وطنية كفيلة بتقوية مؤسسات الدولة وبنظامها السياسي ، وان الاداة الانتخابية بوصفها احد اهم ادواته من شأنها رفد المشهد الوطني بعناصر جديدة اساسها الكفاءة والجدارة وتوسيع هامش الخيارات الكفيلة بادارة هذا المشهد بما يضمن تحقيق الصالح العام ، وسط حالة من الرضا الشعبي والثقة الشعبية بمؤسسات الدولة المختلفة