21-06-2021 12:23 AM
سرايا - للعام الثاني على التوالي يُحرم الأردنيون من تأدية مناسك الحج جراء المخاوف المتعلقة بفيروس «كورونا» المستجد، واستمرار تطوراته، حيث اقتصر «موسم الحج» هذا العام، على عدد محدود ممن يقطنون المملكة العربية السعودية
ونظرا لأهمية الموسم (دينيا واجتماعيا واقتصاديا)، وارتباطه بعدة قطاعات، فإن منعه جراء الاجراءات الاحترازية المتعلقة بالجائحة لمدة عامين متتاليين، وفق مسؤولين ومختصين تحدثوا «للرأي»، انعكس بشكل او باخر على تلك القطاعات، وخلف وراءه خسائر كبيرة تصل لعشرات الملايين، ناهيك عن فقدان البعض لروحانيات الفريضة
ونادوا بأهمية دعم القطاعات المتضررة اقتصاديا والتي تحاول ان تصمد رغم تعطلها، وعلى الجانب الديني والاجتماعي، محاولة الاجتهاد لفتح أبواب أخرى من العبادات توازي الفريضة، كالتوسع بإقامة (سنة الأضحية) وإطعام الفقراء، كنوع من التكافل الاجتماعي والشعور بالاخر
وأعلنت السلطات السعودية سابقا، ان «الحج» لهذا العام سيقتصر على 60 الفا من سكان المملكة (الملقحين) ضد الفيروس، في ظل ما يشهده العالم من ظهور «تحورات» جديدة له
وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية السابق الدكتور عبد الناصر ابو البصل، أكد ان «المواطن الذي لم يستطع الذهاب الى الحج، نظرا لوجود عوائق في الاجراءات او الأوبئة ليس مؤاخذا شرعا، وعليه ان يدخر المال المخصص لأداء فريضة الحج للسنوات القادمة أو التصدق به، فأبواب الخير مفتوحة على مدار الساعة»
واضاف: ان منع الحج خلال الجائحة، قدرته السلطات السعودية ذات الاختصاص، وبالتالي فإن المسلم ليس عليه وزر او اثم لعدم قدرته على الذهاب للحج، الا ان الحظر يرفع عنه مراعاة للمصلحة التي قدرتها تلك السلطات، للحد من انتشار الوباء
وتابع: روحانيا ودينيا فإن أوقات الحج لها ميقات زمني يستطيع المسلم ان يستفيد منها، خصوصا خلال العشر الأواخر من ذي الحجة، والاهتمام بالشعائر المصاحبة للمناسك في كل عام، كالتوسع في إقامة سنة الأضحية بشكل أكبر، وإطعام الفقراء والمحتاجين، والتصدق والإكثار من الذكر، والصيام خاصة يوم عرفة»
وعدم قدرة المواطنين الذهاب الى الحج وفق ابو البصل، لا يمنعهم من عمل برنامج يؤدون فيها العبادات الأخرى سواء ذهب للحج ام لم يذهب، لأن اعمال البر والخير تكون في كل الأوقات، ومن الممكن اذا استطاع الشخص ان يذهب للصلاة في المسجد الأقصى، لاستشعار شعائر الحج هناك
أما على الصعيد الاقتصادي وما رافقه من اثار إلغاء موسم الحج للأردنيين للعام الثاني على التوالي، بين أمن سر غرفة تجارة عمان وعضو غرفة تجارة الأردن بهجت حمدان، ان مجموع خسائر قطاع الحج والعمرة والنقل السياحي بكافة أشكاله، نتيجة الغاء الموسم، وصل لعشرات الملايين، وهي خسائر فادحة تكبدها القطاع
ويصل عدد الحجاج الأردنيين كل عام كما أوضح حمدان الى «15 الف حاج، بالإضافة الى 5 الاف اخرين يأتون عن طريق السلطة الفلسطينية و(عرب الداخل الفلسطيني اراضي العام 1948)»، لافتا الى ان «70% من الحجاج في الأردن يذهبون عن طريق الحافلات، إضافة الى اخرين يستخدمون طائرات الخطوط الجوية الرسمية
واشار الى ان القطاعات العاملة بموسم الحج والعمرة، تضررت بشكل كبير، حيث يوجد في المملكة نحو 200 شركة أردنية تعمل بهذا المجال، وتضم 3 الاف عامل تعطلت بالكامل لمدة عامين، ولم يقدم لهم أي دعم باستثناء برامج الضمان الاجتماعي المساندة
وفيما يتعلق بعدد المكاتب التي أغلقت في هذا القطاع، قال حمدان انها تقدر بحوالي 20%، إذ تم الإبقاء على المكاتب الرئيسية والاستغناء عن الفرعية، او اغلاقها بشكل كامل والبحث عن اعمال أخرى خارج القطاع كله، لافتا الى ان العاملين تعطلوا بشكل كامل، ولم يكن لديهم الا خيارين، اما البحث عن عمل اخر، او محاولة الصمود والانتظار لما ستؤول اليه الأمور
ودعا الجهات المختصة بضرورة تحمل مسؤوليتها للوقوف مع القطاعات الموقوفة حكما بسبب ظروف الجائحة، وإمدادهم بالقروض الحسنة والمساعدات الحقيقية، لأن هذا القطاع الذي صمد عاما ونصف ومازال يحاول الصمود، سيلفظ انفاسه قريبا اذا لم يتم دعمه
من جهتها رأت أستاذة علم الاجتماع الدكتورة نسرين البحري: ان الجائحة كانت لها اثارا نفسية واجتماعية واقتصادية، وكانت من ضمن التداعيات والتبعات، القضايا الدينية والروحانية، فقد حرم المواطنين خلال عامين مثلا من تأدية صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك، وتأدية مناسك العمرة والحج، وذلك للحد من انتشار الوباء
وأضافت انه من المعروف ان موسم الحج يشهد ازدحاما واختلاطا شديدا من كل دول العالم، وبالتالي فإن فرصة انتشار الوباء كبيرة جدا، ناهيك عن الازدحام في اماكن السكن والفناق والخيم، وبما ان طقوس الحج تستدعي الاختلاط فقد تم الاقتصار على عدد محدد من الذين تلقوا لقاح (كورونا)، علما ان معظم من يؤدون الحج هم من كبار السن وفرصة تعرضهم للفيروس والاصابة به او الوفاة تكون اكبر
ومن المعلوم ان موسم الحج حسب البحري له روحانيات خاصة، لكن اذا لم يستطع الشخص الذهاب بسبب الاجراءات الاحترازية المرتبطة بالجائحة، يستطيع الاجتهاد لايجاد ابواب اخرى للإنفاق والعبادة والوصول للتكافل الاجتماعي، بحيث يشعر من خلالها انه ادى شعائر موازية للحج، منها الانفاق على الفقراء، والأسر العفيفة، ومساعدة طلاب العلم او الشباب المقبلين على الزوج، او من تعطلت اعمالهم، فمنع الذهاب للحج لا يشكل عائقا نفسيا او اجتماعيا، وربما يكون فرصة لأن يرى ثمرة عطاءه امامه على حد قولها