24-06-2021 09:47 AM
بقلم : فداء المرايات
ولأننا دولة القانون ، ونستمد كل معاملاتنا وتعاملاتنا الرسمية بموجب دستور مقدس يحتكم إليه أردننا الغالي بكافة أطيافه ، حيث ورد في نص المادة السادسة من الدستور مايلي :
" المادة 6
- الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين .
- تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمانينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين "
الأردنيون أمام القانون سواء ولا تمييز في الحقوق والواجبات ، وفي شق آخر للمادة نفسها تكفل لنا الدولة التعليم والطمأنينة وتكافؤ الفرص ، ومن فحوى هذه المادة المتأصلة في الدستور الأردني ونصها الصريح الواضح والعادل ننطلق برفع مظلمة طلبة الدراسات العليا ، ونوصل صوتنا إلى الجهات المعنية ، وتحديدا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، التي جاءت بقرار لا يحقق المساواة بين المواطنين وبشكل خاص الطلبة ، فإن كان القانون يكفل لي حق المساواة ، فلماذا تأتي القرارات على صيغ استثنائية ، تقصي فئة دون غيرها من حق التعلم والطمأنينة والسلامة المجتمعية ؟ ..
نعم وبكل وضوح ، نواجه إشكالية كبرى في تلقي قرارات ، تفرض على فئة ( طلبة الدراسات العليا ) دون غيرها ، بالتوجه للحرم الجامعي في الفصل الدراسي الصيفي المقبل ، وتمتع فئة ( طلبة البكالوريس ) بحق السلامة وتحقيق الامن المجتمعي وتهميش طلبة الدراسات العليا واقصائهم من هذا الحق ..
فلماذا هذه التفرقة ؟ ولماذا ما زالت هذه الفئة تحديدا هي من ستدفع ثمن فاتورة فتح القطاعات ، على حساب صحتها وتعريضها للخطر ؟ فالتوجه للجامعات يكون للجميع والتعليم عن بعد للجميع فليس هنالك من يحظى بأفضلية البقاء والعيش والأمان على حساب آخر .. هذا ما لا يمكن للعقل ولا العدل تقبله
مع الأسف الشديد تأتي القرارات متأخرة ، او تصاغ من جديد ، بعد الإعلان عنها بفترة متباعدة ، فقد صدر القرار أولا بأن يكون الفصل الدراسي الصيفي عن بعد ، ثم فوجىء الطلبة بتغيير القرار أو تفنيده ، واقصاءهم من قرار الدراسة عن بعد كزملائهم في درجة البكالوريس ، وهذا ما نذكره مرارا وتكرارا بأنه محرك اساسي للإرباك ، فهناك من سجل ودفع الرسوم بناء على القرار الأول ، وهناك من رتب أوراقه المعيشية من عمل وسكن كما هي قائمة الآن استكمالا للفصل الدراسي الثاني ، فجاء هذا القرار المعدل او المفند ، ليربك الطلاب جميعهم بلا استثناء ، ويصنع اهتزازات في مواعيدهم وحياتهم - ناهيك عن خطر الاصابة السبب الرئيسي - بعد ان قاموا بالتسجيل للفصل الصيفي ودفع الرسوم ، واضافة المواد ارتكازا الى القرار الصادر عن الوزارة ...
هذا الإرباك وحده ليس المعضلة ، فالمعضلة تكمن في عدم تحقيق المساواة بين الطلاب ، الطلبة من هم خارج المملكة ( من مواطنين / وافدين ) سيحظون بفرصة التعليم عن بعد ، والطلبة داخل المملكة من مريضين وعاملين وغيرهم سيقع عليهم الظلم ، ناهيك عن التفرقة الأساسية بين الدرجتين ( البكالوريس والدراسات العليا ) ، فكيف هذا ولا فرق بين مواطن وآخر ، ولا طالب وآخر ، وحق لي ولجميع زملائي من كافة الدرجات ، أن نحظى بمعاملة متساوية على أساس العدالة والمساواة ، وصون حياتنا وعدم تعريضها للخطر الوبائي الذي يحيط بنا من كل صوب ..
إن أطروحة الصيف الآمن تستحق التجربة بكل تأكيد ، فهي مبنية على الأمل والشجاعة والعمل الجماعي الجاد وبرنامج التطعيم الوطني ، ولأن ديدن الحياة بالتفاعل ولأن فكرة أن نبقى قابعين في الإغلاقات ، فكرة تبعث على الكسل ، وعدم انتعاش القطاع الاقتصادي ، الذي يعاني من قبل الأزمة الوبائية من مشاكل عدة ، لكن كأي فكرة واطروحة ومشروع جديد ، هناك يكمن عامل الخطورة ، ونقاط التحدي ، وهو بالتحديد ما يحدث لجزئية الجامعات واكتظاظها بالطلاب ، فالأولى فتح القطاعات التجارية كمرحلة اولى لإسعاف الاقتصاد ، وحين تلتمس الجهات المختصة مؤشرات واقعية ومعدلات انخفاض واضحة وثابتة بالاصابات ، تصار الدراسات والمؤشرات الى قرارات متوزانة ومتكافئة كمرحلة ثانية ، لا تنتقص من حق فئة او تعلي من فئة على حساب أخرى ، وبمعنى أدق ، الأجدر أن يتم استحداث منظومة متكاملة من الأسس في مطلع العام الدراسي القادم الجديد ، تحاكي كل الاحتمالات ، والحالات ، والخيارات
فعلى سبيل المثال وليس الحصر ، المطعوم المقدم على اختلاف أنواعه ، لن يستطيع تلقيه فئة محددة من أصحاب الأمراض المزمنة استنادا الى قرارات الأطباء ، فماذا لو كان الطالب من هذه الفئة ، فما هي الآلية ؟ ، ثم أن الواقع كما هو واضح ومتجل ٍ للجميع عالميا لا يؤكد انحسار الوباء في القريب العاجل بل سيحتاج الأمر الى المزيد من الوقت لحين انتهاء عمليات التلقيح لأكبر قدر ممكن من سكان الدولة الواحدة ، وحتى ذلك الوقت ؛ سنظل ندور في دورق الفتح والإغلاق ، والتقارب والتباعد ، والدوام والإجازة ، والوجاهي وعن بعد ، حفظا للمجتمع ، وللنظام الصحي والاقتصادي وغيرهما ، ومن هنا بات مؤكدا أن العالم لن يتخلى - بسبب هذه التجربة المريرة وخوفا من تكرارها في وباء آخر لا قدر الله - عن نظام التعليم المدمج ، المواكب للظروف العالمية الجديدة ؛ والمثبط لانتشار الأوبئة العابرة للحدود والقارات ، والموفر للوقت والمجهود ، والمحاكي لما توصل إليه الانسان المخترع على هذه البسيطة من تقدم وحضارة وازدهار ..
لذا فإن الاولى والأجدر بوضع نظام واضح المعالم بالتزامن مع بداية العام الدراسي الجديد مطلع أيلول القادم ، والمتضمن لكافة الفئات ، ممن هم تلقوا المطعوم ، وممن لا يمكنهم تلقيه لأسباب مرضية قاهرة ، وممن هم مصابين ، وهناك أيضا الحوامل ، لتكون اللوحة بأكملها ترتكز الى الحكمة والعدالة والتوازن ، أما القرارات الحالية المصاغة والمعلنة بصورة فجائية ، فهي تمنح الحق لمن هو خارج الاردن بالدراسة بكل مرونة ، وتجبر الطالب المريض بالتوجه الى الجامعة ، وزميلهم الثالث البعيد بالقدوم من القرية ، والبحث في الوقت بدل الضائع عن ترتيبات جديدة لعمله وسكنه بعد ان رتبها بناء على القرار الأول ..
وعليه فإننا نحن طلبة الدراسات العليا ، نطالب وزارة التعليم العالي ، بعدم التمييز وتحقيق العدالة لنا ولعائلاتنا ، وأن تلتزم كجهة صانعة للقرار بما ورد بالدستور بكفالة التعليم وتحقيق الطمأنينة ، وأن تدرك أن الدستور أيضا ركز على أن الأردنيين أمام القانون متساوون في الحقوق والواجبات ، وهذا الذي نطالبه اليوم هو حق أصيل لنا ، فالمرحلة مازالت محيطة بالغموض والرهانات ، وتعدد الاحتمالات ، ولن نكون الضحية .
كما وننتظر من وزارة التعليم العالي في مطلع العام الدراسي الجديد ، مخطط واضح لسيرة العملية التعليمية لنا ولزملائنا بشكل مفصل على اختلاف ظروفهم او مواقعهم ، وبأسس دقيقة في مدماك العدالة لكل الأطراف ، كما وسيكون القرار - اعتباريا - نافذا ومقنعا لأننا نتحدث في عام جديد بالكامل ، حيث سيكون الطالب مدركا أنه عام دراسي جديد ( ينضوي تحت مظلته من الطلبة من هم المستجدين ، والقدامى ) وحيث القرارات الجديدة والعميقة اكثر ، والذي سيتزامن الفصل مع انحسار الصيف ، وانخفاض التزاحم والأزمات ، واستكمال تغطية أكبر قدر ممكن لأعداد متلقي اللقاح ، أي أن الاستثناءات ستقل ، والمخاطر ستتبدد تدريجيا أو على الأقل ستكون أكثر وضوحا من اللحظة ، وسيكون هناك متسع لفهم ظروف كل فئة ، وبناء منظومة تدعم التعليم المدمج استنادا الى الظروف الراهنة ، فلو تم الابقاء على التعليم عن بعد ، أن لا ننسى المرضى والمصابين وذوي الاحتياجات الخاصة في كل الدرجات ..
وفي الختام ، نؤكد ونشدد على أهمية حقنا نحن طلبة الدراسات العليا ، والذين لا يمكننا الذهاب الى الجامعات بناء على هذا التعديل المتأخر للقرار ، وبعد أن رتب كل طالب برنامجه الدراسي وظروفه بالتوازي مع قراركم الاول ، كما وان الفصل الدراسي الصيفي ليس يوما واحدا لكل مادة بل هو عديد الأيام ، الامر الذي يثبط مشروع الصيف الآمن برفع اعداد الاصابات جراء تكرار الذهاب وتقارب الطلاب ، ورفع وتيرة الازمات والتنقل ، وزيادة الاختلاط ، ناهيك عن فئة طلابية ما زالت متموضعة في خندق الوباء والظلم على حد سواء ، فئة أصحاب الامراض المزمنة من مرضى المناعة وغيرهم وأنا واحدة منهم ، والذين لا يمكننا الذهاب والاحتكاك او حتى التواجد بالاماكن المكتظة لخطورة الاصابة بهذا المرض المميت لهذه الفئة من البشر دون غيرها ..
طالب الدراسات العليا مواطن بشكل خاص وانسان بالمفهوم المطلق وحقه لا يقل عن حق طالب البكالوريس في الحياة والسلامة ، وعلى اثر ما جاء من قرار الوزارة نرفع صوتنا الى وزير التعليم العالي مطالبين بإنصافنا ورفع الظلم الواقع علينا ..
فداء المرايات
كاتبة وباحثة سياسية
ناشطة قي مجال حقوق الانسان
طالبة ماجستير