26-06-2021 08:49 AM
سرايا - وقف الوزير السابق والمتخصص في شؤون البلديات وليد المصري، وبصفته هذه المرة رئيساً للجنة التي تتولى الملف ضمن موسم الإصلاح الأردني، أمام مفارقة الوقت و التنظيم والإدارة مجدداً، في دلالة على حجم التعقيدات التي يمكن أن تنتج عن عدد أعضاء ضخم كلف بلجنة ملكية بمهام إصلاحية.
لاحظ أعضاء في اللجنة بأن الوقت قد يمضي دون إنتاجية حقيقية إذا ما قرر رئيسها الوزير المصري التعليق بوقت فائض على كل مداخلة للأعضاء.
ترنح فكرة
صعب جداً بل معقد سياسياً إقناع «صاحب خبرة» بأن خبرته تحديداً قد لا تكون مطلوبة على طاولة حوار إصلاحي يريد أن يقفز بالدولة إلى مئويتها الثانية، بل إن خبرته في الإدارة وتمكين الأعضاء من العصف الذهني هي المطلوبة.
لو كانت خبرة أي وزير سابق في الأردن هي الهدف لما شكلت لجنة أصلاً عدد أعضائها مبالغ فيه وقوامها 92 شخصاً تم توزيعهم على لجان دون الحاجة إليها.
فكرة تمكين أصحاب الرأي الآخر أو المستقل أو المهني من رئاسة اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الأم، سقطت تحت وطأة سعي أصحاب الألقاب للمزاحمة على مواقع المكتب التنفيذي.
في مهامسة، شبّه أحد الوزراء ما جرى من تزاحم على رئاسة اللجان بما كان يجري في العمل النقابي أيام الحراك الشبابي، متسائلاً: أين نُضج الخبرة في لجنة نوعية من هذا النوع؟ فكرة اختيار وجوه شابة وحيوية وتمكينها من الجلوس في مقعد رئاسة لجنة تخطط لمستقبل، ترنحت هي الأخرى تحت وطأة الزحام نفسه.
فقط عضو اللجنة النائب السابق خالد بكار، فرض إيقاعه وبصمته وتمكن من خطف رئاسة لجنة أساسية، وبعض الوزراء عتبوا أو غضبوا، وإن كان البكار يرد ضمنياً بحراكه النشط داخل لجنة الإصلاح على تلك الهندسة الانتخابية التي أطاحت بفرصته في انتخابات 2020 خلافاً لأن بعض الخصوم يعتبرونه مخططاً جيداً لـ»رئاسة مجلس النواب المقبل».
ترنحت أيضاً فكرة الاستثمار في ثقل نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، وتمكينه من رئاسة اللجنة، في رسالة لو نضجت لدلّت سياسياً على الكثير، خصوصاً أن النقيب سمارة قيل له في بداية المشوار إن سقف وترتيب اللجنة يختلف تماماً عن ما شاهده بعد أول اجتماع.
لا أحد يعرف بعد ما الذي يفعله وزراء سابقون في لجنة عريضة المنكبين شكلاً، الهدف من وجودها أصلاً تصويب وإصلاح الأعطاب التي تسببت بها حكومات الماضي.
لكن المحاصصة في الصدارة وقبل أي اعتبار مهني وفني بالمشهد السياسي الأردني، وهي نفسها على الأرجح المحاصصة التي نتج عنها توسيع إطار العضوية في لجنة كان يمكن أن يقوم بعملها -وهو «فني وتقني»
بالمناسبة، الآن، وليس سياسياً- خلايا عمل خبراء صغيرة أعرضها من خمسة أشخاص.
حصل ما حصل عند التركيب، والهدف السياسي غير المعلن حتى في ذهن عدد كبير من الأعضاء قد يكون حمل الشكل والإطار فقط إلى واشنطن، حتى لا تباغت حكومة عمان بشعارات ملف الحريات والإصلاح.
بسبب ضخامة عدد أعضاء اللجنة، اضطر رئيسها سمير الرفاعي للانشغال بـ»هندسة الإدارة واحتواء المخاطر» فالرجل يتجول بين اللجان نهاراً ويقرأ ويدير الكواليس ليلاً، ويدخل لضبط الإيقاع حتى على مجموعة «واتس أب» التي خصصت لأعمال اللجنة، وبدأت تحديداً العناصر الإعلامية فيها باستخدامها لتصفية حسابات مهنية شخصية.
أحد الإعلاميين، وبعد حصوله على الإرادة الملكية لعضوية اللجنة، شغل الناس بقصة «قبيضة عوض الله»، وآخر عُين عضواً، وهو خارج البلاد ولم يحضر الاجتماعات الأولى على الأقل، لكنه منشغل بتصنيف الناس ويبلغ كل من يسأله بأنه استقطب ومن دولة خليجية، ورفض للتو عرضاً مغرياً بوظيفة عليا.
ثالث من أعضاء اللجنة يترك التشريعات والمنظومة السياسية ويسأل الرفاق عن تعليقاتهم على مختاراته من الصحافة.
في كل حال، عضو اللجنة الناشطة والبرلمانية السابقة وفاء بني مصطفى، تظهر مشتبكة على شاشة إحدى الفضائيات، ويلاحظ كل من يتابعها كيف تتجاوز بدلوماسية محنكة ترديد كلمة مواطنة، وزميل لها يهتف على نفس الشاشة متعهداً وعلناً بأن لا تتمكن لجنة ملكية من تخصيص مقاعد في البرلمان على أساس الديموغرافية.
بني مصطفى لها خبرة واسعة في «التشريع وتعديلات الدستور» وسجلها في الخدمة العامة يدفعها للاشتباك، لكنها تحت الأضواء خصوصاً أنها محسوبة على التيار الداعي لتحديث الدولة، وتؤكد في تصريحاتها لصحفية بأن الجدية في الإصلاح هي الأساس، و المهمة يتوجب أن تنجح.
وفيما اللجنة منعقدة في تأسيس المستقبل، تنشر دراسة مثيرة باسم مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، فيما تقام ندوات في الأثناء بصيغة لا يمكن فهم مقاصدها عن العلاقات الأردنية الفلسطينية.
ويؤكد عضو اللجنة المشرف على النشاطَين، وهو الأكاديمي المقاتل الدكتور زيد عيادات، في تعليق إعلامي عدم وجود «صلة» مع فعاليات وحوارات اللجنة التي ينبغي لها أن تستفيد من كل الطروحات.
لاحقاً، يترك الجميع ما يجري داخل اللجنة ويركز على ما ورد في مقال لعضوها عريب الرنتاوي، حول معركة الكرامة، فتشتعل سموم التنميط المكوناتي مجدداً وتنتقل مثل الفيروس إلى بنية نقاشات اللجنة واحترازاتها.
في الأروقة والكواليس، تحاول الوزيرة السابقة ريم أبو حسان، الاستفسار بانفعال من الرفاعي ورفاقها عن الأسباب التي أدت إلى خسارتها لموقع رئاسة اللجنة لصالح سمر أبو الحاج، التي لم يعرف عنها سابقاً بالمقابل الاشتباك السياسي.
عصف ذهني
وفي المكان، يوفر طاقم الديوان الملكي كل ما يمكن أن يحتاجه مواطن طلب منه المشاركة بعصف ذهني، فيما يرفع الناطق باسم اللجنة الدكتور مهند مبيضين سقف توقعات الجمهور قصداً وأملاً في الحفاظ على شرعية لجنة اكتشف القوم لاحقاً بأن فيها «ثلثاً معطلاً».
يفترض المراقبون بأن اللجان «الأقل حظاً» مثل المرأة والشباب، قد تنتهي قبل غيرها من واجبها، وبالتالي سيتم توزيع الأعضاء على اللجان الأكثر حظاً.
والكواليس تكشف بأن قائمة تشكيل لجنة الحوار الوطني تغيرت خلف الستارة خمس مرات على الأقل، أما من له رأي في الملفات الأساسية مثل الأحزاب والانتخابات من أعضاء خارج اللجنة الفرعية، فخيارهم واضح اليوم.
وهو كتابة ما يريدون فيما يسمى أو سمي «ورقة بيضاء» والافتراض بأن هذه الورقة ستتلى على جمهور اللجنة الأم وسيقرأها صاحب القرار أو سترسل للحكومة، وبالتالي على الأرجح تنضم إلى المتحف الورقي الكلاسيكي القديم رغم أن جمهور الأعضاء غير موحد في فهم الفكرة.
"القدس العربي"