03-07-2021 01:19 AM
سرايا - تؤكد الاكتشافات الأثرية المتكررة في محافظة عجلون، إضافة إلى المواقع الأثرية الظاهرة منها للعيان، أن مناطق المحافظة كانت زاخرة بالاستيطان البشري المنتشر في كل مكان في التاريخ السحيق، وهو الأمر الذي دفع فاعليات مختلفة للدعوة إلى ضرورة استثمار تلك المواقع تنمويا وسياحيا لما تشكله من ثروة وطنية تضاف إلى جماليات المحافظة الطبيعية.
في الأثناء، تواصل كوادر مديرية الآثار في المحافظة أعمال التنقيب والصيانة للموقع الأثري الذي اكتشفته دائرة الآثار العامة في وادي زقيق ببلدة حلاوة.
ويبين مدير آثار المحافظة الدكتور إسماعيل ملحم أن أعمال التنقيب التي جرت مؤخرا، كشفت عن أحد أشكال البيوت الريفية من العصر البيزنطي في القرن السابع الميلادي، الذي رصفت أرضيته بالفسيفساء الملون ذي الأشكال المتنوعة، والذي أقيم على سفح الوادي، موضحا أن وادي زقيق يعد امتدادا طبيعيا لوادي الريان المعروف بخصوبته وينابيعه العديدة.
ويزيد أن محافظة عجلون غنية بالمواقع الأثرية، لافتا إلى أن المحافظة تتوفر على أكثر من 200 موقع أثري، فيما أكد أن دائرة الآثار تبذل جهودا استثنائية للحفاظ على هذه المواقع من العبث والخراب.
ويقول المواطن عامر الزغول إن منطقة وادي أبو محمود التابعة لمنطقة الساخنة في منطقة الصفا، والتي تضم قرى الساخنة والشكارة والفاخرة والصفصافة والسوق والجبل الأخضر والخشيبة، تزخر بعشرات القبور الصخرية التي تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية، لكنها ما تزال خارج الخريطة السياحية للمحافظة، مؤكدا أن عشرات المواقع الأثرية في المحافظة ما تزال تحتاج إلى الاهتمام بها وإبرازها كمعالم أثرية وسياحية، بحيث يمكن استثمار محيطها في مشاريع سياحية.
وتعد منطقة وادي أبو محمود من المناطق السياحية الجميلة، حيث تزخر بينابيع المياه، ويزورها آلاف السياح في فصلي الربيع والصيف للتمتع بأجواء الطبيعة الخلابة فيها، سيما وأن المنطقة غنية بأشجار اللزاب والصنوبر والسنديان والأشجار المثمرة، كأشجار الزيتون والعنب وغيرها.
ووفق خبير الآثار ومدير آثار عجلون الأسبق الدكتور محمد أبو عبيلة، فقد سكن المنطقة الرومان والبيزنطيون، لافتا إلى أن “الرانات” انتشرت في المنطقة ومناطق أخرى في جرش وعجلون؛ حيث كانت تستخدم في العصرين الروماني والبيزنطي كقبور صخرية، مؤكدا أن عادات الدفن كانت تجري على هذا الشكل في هذه العصور؛ حيث يتم حفر “الران” بالصخر حسب حجم المتوفى.
ويوضح أن القبور اتخذت نماذج متعددة، منها ما يكون على شكل بئر أسطوانية كما الحال في خربة أم زيتونة، مبينا أن بعض هذه “الرانات” قد يكون استخدم كمتاريس في الحروب التي كانت دائرة في تلك الأزمنة.
من جهته يطالب المواطن أحمد قريشات بإدراج منطقة وادي أبو محمود وقبوره الصخرية وعشرات المواقع الأثرية على الخريطة السياحية لمحافظة عجلون.
وعلى الرغم مما تتمتع به المحافظة من ميزات سياحية وانتشار للمواقع الأثرية، إلا أن حجم الموازنة العامة لا يسمح بمنح مخصصات كافية للآثار من “اللامركزية”، لا سيما مشاريع ترميم وصيانة مواقع رئيسة كقلعة عجلون، ما يستدعي توجيه الدعم الكافي إلى باقي المواقع.
وفي هذا الصدد، يؤكد المواطن عكرمة القضاة أن قطاع السياحة يحتاج إلى مزيد من المخصصات لتطوير بناه التحتية، لا سيما وأن المحافظة مقبلة على عدد من المشاريع التنموية السياحية، ومن أبرزها مشروع التلفريك، مؤكدا أن محدودية الموازنة سيؤثر سلبيا في تنفيذ العديد من المشاريع الأثرية، فيما يستهجن تخفيض المخصصات المتعلقة بالآثار إلى مبلغ 60 ألف دينار للعام الحالي، ما يعني تجاهل أهمية المحافظة السياحية، وتلبية بعض متطلباتها، وسينعكس ذلك ضعفا في جاهزية المواقع الأثرية التاريخية من ناحية الصيانة والترميم.
بدوره، يقول المواطن منذر الزغول، إنه رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها مديرية آثار عجلون ومديرية الآثار العامة لإجراء أعمال ترميم وصيانة متكررة في القلعة، إلا أنها ما تزال بحاجة ماسة لكثير من أعمال الصيانة، وخاصة في بعض أجزائها التي لم تشهد أي أعمال صيانة منذ فترة طويلة.
ويؤكد أن القلعة تحظى باهتمام كبير من وزارة السياحة والآثار ومديرية الآثار، وأن مستوى النظافة والخدمات العامة بشكل عام في القلعة “ممتاز”، إلا أن هناك مناطق وأجزاء في القلعة تحتاج الى تدخل سريع وإجراء أعمال صيانة وترميم شاملة.
ويتابع أن المئات من المواقع الأثرية في المحافظة تنتظر إبرازها وترميمها وتأهيلها، واستملاكها لاستثمارها سياحيا؛ كمواقع البدية والمقاطع الأثرية، وتوفير الحراسة الكافية لضمان عدم العبث بها.
ووفق أرقام مديريتي السياحة والآثار، فإن المحافظة تضم 250 موقعا أثريا أبرزها قلعة عجلون، وتصنف تلك المواقع إلى أربعة أنماط حسب أنواعها السياحية، وهي “بيئية” و”طبيعية” و”مغامرة” و”نمط ديني وآخر تاريخي أثري إضافة الى التراثي”، مع وجود 13 مسارا سياحيا.
بدوره يؤكد رئيس مجلس محافظة عجلون عمر المومني أنه، وبسبب ظروف “كورونا” وتخفيض موازنات مجالس المحافظات بشكل عام العام الماضي، فقد انخفضت موازنة مديرية آثار عجلون للعام 2021 إلى 50 ألف دينار مخصصة لإجراء أعمال صيانة وترميم لسائر المواقع الأثرية في المحافظة.
ويبين أن قلعة عجلون وقطاع الآثار بشكل عام يستحق أكثر من هذا المبلغ بكثير، لافتا إلى أن انخفاض موازنة المجلس إلى أقل من النصف أسهم بخفض موازنة القطاعات المختلفة ومنها قطاعا الآثار والسياحة.
يشار إلى أن أعداد زوار قلعة عجلون ومار الياس خلال الشهر الماضي بلغت زهاء 14 ألف زائر، وهو مؤشر إيجابي على عودة الحركة السياحية الداخلية بشكل ملحوظ.
إلى ذلك يؤكد مدير آثار المحافظة الدكتور ملحم، مواصلة فرق العمل في المديرية عملها في مشاريع تأهيل عدد من المواقع الأثرية في المحافظة، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار على مستوى محافظات المملكة، مشيرا إلى أن المديرية نفذت أعمال تعشيب وتنظيف وصيانة في مواقع قلعة عجلون ومحيطها، وموقع البدية في بلدة عنجرة وموقع مار الياس وخربة الوهادنة، إضافة إلى حفريات أثرية في وادي زقيق ببلدة حلاوة، حيث تم تشغيل نحو 200 شخص من أبناء المجتمع المحلي في هذه المشاريع ضمن المرحلة الأولى، من بينهم حملة شهادات علمية.
ويضيف أنه سيتبع ذلك توسع في العمل في الشهر الحالي ليشمل مواقع خربة المقاطع في بلدة عبين وخربة الهيدموس في بلدة اشتفينا، وخربة عصيم في بلدة عرجان، ما يسهم في تخفيف جزئي لمشكلة البطالة وتدريب الطاقات الشابة على أعمال الصيانة، واستدامة الحفاظ على المواقع الأثرية وإبرازها واستثمارها سياحيا. (الغد)