11-07-2021 01:30 PM
بقلم : المحامي. د.مهند صالح الطراونة
البرلمان هو حجر الزاوية في النظام البرلماني المحور الرئيسي للعملية الديمقراطية والاصلاحية ولا يمكن الحديث عن تحقيق اي إصلاح سياسي أو ديمقراطي بلا برلمان يمثل الإفراد ويعبر عن مصالحهم وتطلعاتهم تمثيلا حقيقيا ، وبذات الوقت لايمكن أن يكون هنالك برلمان قوي إلا إذا كان ممثلا حقيقيا للشعب نتيجة من خلال انتخابات حرة ونزيهة ،برلمانا واعيا لدوره بأنه يشكل احد أهم ركائز النظام وشريكا للسلطة التنفيذية في عملية الإصلاح و التنمية مثمنا لجهودها إن تحققت ، وكابحا لجماحها إذا تغولت في سلطاتها ،وبتالي إن الديمقراطية تهدف إلى إنشاء برلمان سليم ، كما إنها تعتمد بنفس الوقت على وجود برلمان قوي .
وتأسيسا على ماسبق أرى انه من الضروري ونحن بصدد اعداد منظومه شاملة للإصلاح السياسي والقانوني إفساح المجال للبرلمان لأخذ دوره الحقيقي والفاعل في النظام الديمقراطي ، و هذا الأمر لايتأتى إلا من خلال إيجاد استرتيجية عمل وخطط مستقبلة إصلاحية تشمل تعديل بعض التشريعات ذات العلاقة في البرلمان ، فكما هو معلوم إن للبرلمان دوران أساسيان الأول التعبير عن المصالح المجتمعية وهو مايمثل الشق النيابي ، وتجسيد تلك المصالح على شكل سياسات عامه ، ثم العمل على تطبيقها عن طريق السلطة التنفيذية ومراقبة أدائها في هذا المجال وهذا هو الدور الثاني وهو التشريع والرقابة ، ومن هنا نجد أن هذه السياسات هي محور حديثنا حول إصلاح العمل البرلماني ، حيث لاتقف مهمة عضو مجلس النواب على مناقشة القوانين أو اقتراحها فقط، وإنما حتى تكتمل هذه الحلقة لابد من إيجاد إستراتيجية عمل وأجندة مستقبلية تحدد الغرض السياسي من التشريع ومدى توافق هذا التشريع مع مصلحة الوطن والصالح العام ، وتأتي أهمية هذه الاستراتيجيات عندما يتم إصدار التشريع ويصبح نافذا ويلامس صداه الأفراد والجماعات في الدولة، واعتقد أن غياب هذه الاستراتيجيات يؤدي إلى تراجع دور البرلمان واخذ دوره الدستوري الحقيقي بالرقابة والتشريع .
وارى أن من أهم الدعامات الأساسية التي تقوم عليها عملية الاصلاح البرلماني هي تعزيز الثقافة التشريعية والقانونية لدى عضو مجلس النواب وخاصة حديثين العهد في العمل البرلماني أو التشريعي ، واعتقد أن من أهم الأمور التي يجب البدء بها من اجل تعزيز هذه الثقافة أن يكون هنالك أنشطة خاصة داخل البرلمان تسمح لأعضاء مجلس النواب بالإطلاع على تجارب الغير من الدول العريقة في العمل البرلماني ، وإعداد مجموعة من الكتيبات الاسترشادية في المجالات الفنية والتشريعية للبرلمان ، وأهمها التشريع ووسائل الرقابة البرلمانية مثل السؤال والاستجواب و الإطلاع على اللوائح الداخلية لعمل المجلس، وحقوق وواجبات الأعضاء وكيفية إعداد السياسات العامة في الدولة والية مناقشة الموازنة العامة ،وكذلك عقد الورش وإجراء اللقاءات الدورية مع المتخصصين البرلمانيين والقانونيين من أساتذة القانون أو رجال القضاء والمحامين . ولابد من الإشارة هنا إلى أهمية وضرورة دعم القدرة التشريعية لأعضاء مجلس النواب ، حيث لاتزال المبادرة التشريعية لأعضاء مجلس النواب عموما محدودة إذا ما قورنت هذه المبادرات بالتي يقدمها أعضاء السلطة التنفيذية، ويأتي اقترحنا في هذا الجانب بتعيين سكرتير فني لكل نائب من الباحثين القانونيين أو من أصحاب الخبرة القانونية ممن لهم احتكاك مباشر في العملية التشريعية والقانونية ، بحيث يكون لهم القدرة على إعداد المقترحات التشريعية ، أو مساعدة عضو مجلس النواب على طرح الأفكار بشأنها وصياغتها ، ومن باب حسن صياغة التشريع أرى أن يتم إنشاء مركز قانوني للدراسات القانونية المتخصصة داخل مجلس الأمة يتم تزويده في الخبراء القانونيين من أساتذة القانون في الجامعات ورجال القضاء والمحاميين ، وان تكون مهمة هذا المركز أيضا صياغة التشريعات واعدا د المقترحات بشأنها كرديف ومعاون لعمل ديوان التشريع والرأي التابع لرئاسة الوزراء ، وقد ينتقد البعض استحداث مثل هذا النوع من الكوادر لعجز الميزانية العامة المخصصة لمجلس النواب عن تغطية نفقات هذا النوع من الوظائف ، إلا أن تخفيض بعض الامتيازات المالية للنواب وبعض الحوافز الخاصة حل لمشكلة عجز الميزانية لان باعتقادي أن إيجاد مثل هذا النوع من المراكز والحرص على إخراج تشريعات عصرية أولى من بعض هذه الامتيازات .
ولا يفوتنا الذكر أيضا أن عملية التطوير البرلماني ترتبط ارتباطا مباشرا في الأنظمة الداخلية او اللوائح الداخلية التي يسير عليها البرلمان في عمله التشريعي ومن خلالها تسير العملية التشريعية داخلة، حيث تمثل هذه اللوائح أهمية كبرى للبرلمان من خلال تجسيدها للقواعد الإجرائية الهامة في أسس العمل البرلماني ، وفي تعبيرها عن منظومة الأفكار والبرامج داخل المجلس بكل يسر وشفافية مع المجتمع ، وارى بشأن ذلك انه أن الأوان لتعديل العديد من هذه اللوائح وخاصة مايتعلق منها بدور رئيس مجلس النواب وعلاقته في بقية الأعضاء، أو تلك التي تنظم عمل اللجان والية تشكيلها داخل المجلس ، وقد يتعلق البعض منها في نصوص دستورية تحتاج هي الأخرى للتعديل ،كتلك المتعلقة في مدد الدورات التشريعية لمجلس النواب ، ومن أهم الشروط التي يجب أن تحققها اللوائح الداخلية مراعاتها لمختلف اتجاهات الأعضاء الفكرية والحزبية بحيث تتيح للجميع حرية التفكير والرأي ، والأمر الأخر ضمانة الرقابة الفاعلة لعضو مجلس النواب على السلطة التنفيذية بحيث تسهل له بكل يسر وبدون اطاله في الإجراءات توجيه السؤال أو الاستجواب لعضو السلطة التنفيذية .
وأخيرا إن المرحلة القادمة ومقتضياتها تحتاج لعمل جاد وجهد مكثف حتى نكون بحجم رهان سد البلاد في تحديث منظومة الإصلاح الشامل التي تتولى رسم ملامحها سلطات الدولة و اللجنة الملكية .
Tarawneh.mohannad@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-07-2021 01:30 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |