14-07-2021 05:53 PM
بقلم : لورنس عواد
علينا من باب ما بقي لدينا من وطنية وحب الوطن اليوم، أن نفتح هذا الملف من دون أي تزييف أو خداع إننا اليوم أمام تحدٍّ أكبر من التحدي المالي والاقتصادي وحتى الوبائي وتحدي الوسائل والإمكانيات والموارد، هو تحدي الثقة الذي لا يريد الكثير ممن قادتهم مناوراتٌ عدة ليستفيدوا من مناصب عليا في الدولة الإعتراف به ومواجهته وعدم الخوف منه، لنطرح السؤال الكبير على أي مسؤول في أي منصب كان : هل تعتقد أنك محل ثقة الغالبية من الناس؟ هل يثق الناس فيك؟ .
وهل يمكن أن نعيد بناء الثقة العامة في المجتمع بنفسه اولاً وبالحكومة ثانياً، وما كل حديث خارج عن هذا الإطار سوى جعجعة بلا طحين وسير باتجاه المجهول، المسألة حقيقة ليست فيما نملك من قوة عسكرية ولا قوة مالية وإقتصادية وإنما فيما نملك من قوة في رصيد الثقة بيننا (الشعب والحكومة) . ذلك هو الضمان الوحيد لقدرتنا على إستعادة عافيتنا وإعادة بناء قوتنا في جميع المجالات وضمان قوتنا لأجيال قادمة ولكي نحقق عمليا ما نصت عليه الأوراق النقاشية وللوصول للمواطنة الإيجابية الفاعلة ، أما دون ذلك فليس أكثر من تضييع للمستقبل بعد أن بتنا على وشك تضييع الحاضر وفقدان مقومات ماضينا.
إن الثقة هي كلمة السر في انتقال المجتمعات من حال إلى حال وتطور الدول من وضعية إلى وضعية مغايرة ، فالثقة لها أثرها الإيجابي في تحقيق النمو والإزدهار في المجتمعات كما وتمثل قوة أساسية للثقافة في خلق مجتمع إقتصادي وسياسي متماسك ومتجانس فقدرة المجتمع على التعاون وتعزيز جوانب الثقة في ما بين أفراده من ناحية والحكومة من ناحية أخرى ، ويؤدي غياب الثقة والتضامن إلى فقدان فرص التقدم .
كيف نُعيد بناء الثقة في المجتمع بين مختلف فئاته ومؤسساته؟ كيف نصنع حالة من الثقة بيننا، وكيف نجعلها تنتشر وتنمو على أوسع نطاق وفي أقرب الآجال؟ ،ولماذا يحجم مَن يتحملون المسؤولية اليوم أو مَن يعتبرون أنفسهم اليوم مُمَثِّلين عن الشعب في مختلف المؤسسات عن طرح مثل هذه الأولوية على الرأي العام؟ .
فقد روى إبن كثير أن معاوية بن أبي سفيان لما زار المدينة المنورة لأول مرة بعد أن استقر له الملك في الشام "توجه إلى دار عثمان بن عفان، فلما دنا إلى باب الدار صاحت عائشة بنت عثمان وندبت أباها، فقال معاوية لمن معه: انصرفوا إلى منازلكم فإن لى حاجة فى هذه الدار، فانصرفوا ودخل، فسكن عائشةَ بنت عثمان، وأمرها بالكف، وقال لها: يا بنت أخى، إن الناس أعطونا سلطاننا، فأظهرنا لهم حلما تحته غضب، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد، فبعناهم هذا بهذا، وباعونا هذا بهذا، فإن أعطيناهم غير ما اشتروا منا شحوا علينا بحقنا، وغمطناهم بحقهم، ومع كل إنسان منهم شيعته، وهو يرى مكان شيعته، فإن نكثناهم نكثوا بنا ثم لا ندري أتكون لنا الدائرة أم علينا".
ويبقى السؤال الذي يجب البحث في إيجابته ، كيف يثق الشعب بسلوك ونهج الحكومة ؟ .