19-07-2021 01:54 PM
سرايا - كشفت صحيفة “الغارديان” مع 16 صحيفة ووسيلة إعلام دولية عن عملية اختراق واسعة لهواتف وأجهزة أندرويد صحافيين وأكاديميين وناشطين وأشخاص مثار اهتمام حول العالم، وفي مركز عملية الاختراق تطبيق بيغاسوس البرنامج الخبيث الذي طورته شركة تكنولوجيا صهيونية (أن أس أو غروب) والتي زعمت أنه لملاحقة الإرهاب والمجرمين، لكنه ساعد الدول القمعية حول العالم على ملاحقة وإسكات المعارضين.
ويقترح التحقيق الذي قامت به الصحيفة ووسائل الإعلام الأخرى عملية استخدام واسعة ومستمرة لبيغاسوس الذي تصر الشركة على أنه مصمم لمهاجمة هواتف المجرمين والإرهابيين. وشمل التسريب على 50 ألف رقم تم تحديد أصحابها بأنهم من الأشخاص الذين يعتبرون مهمة لزبائن “أن أس أو غروب” ومنذ عام 2016. وحصل موقع “فوربدن ستوريز” (قصص محظورة) ومنظمة أمنستي انترناشونال على التسريبات وشاركت فيها الصحف كجزء من تحالف “مشروع بيغاسوس”.
ولا يعني وجود رقم الهاتف في قائمة البيانات أن الجهاز مخترق من بيغاسوس أو أنه كان هدفا لعملية اختراق، لكن التحالف يعتقد أن البيانات هي إشارة عن أنها هدف محتمل حددته الدول المتعاملة مع “أن أس أو غروب” تم تجديدها مقدما في محاولات رقابة ممكنة.
وكشف التحليل الجنائي لعدد من الهواتف التي ظهرت في التسريبات أنها حملت آثارا من بيغاسوس. وستكشف الغارديان والصحف الأخرى عن أسماء الصحافيين الذين وردت أسماؤهم في التسريبات، وتضم مئات مدراء الشركات والرموز الدينية والأكاديميين وعاملين في منظمات غير حكومية ومسؤولين في نقابات ومسؤولين في الحكومة بمن فيهم وزراء حكومات ورؤساء وزراء ورؤساء دول.
وتضم القائمة أسماء أفراد عائلة حاكم بلد، مما يقترح أن الحاكم أمر الأجهزة الأمنية بالبحث عن طرق للتجسس على هواتف عائلته. وبدأ الكشف يوم الأحد بالكشف عن هواتف أكثر من 180 صحافيا وردت أسماؤهم في البيانات المسربة وتضم صحافيين ومدراء في فايننشال تايمز و”سي إن إن” ونيويورك تايمز وفرانس24 وإيكونوميست وأسوسيتد برس ورويترز.
وعثر على هاتف الصحافي المكسيكي سيسلو بينيدا على القائمة كشخص مثير للاهتمام وقبل أسابيع من مقتله، وعندما استطاع قاتله تحديد مكانه وقتله في سيارته. ولم يتم العثور على هاتفه ولهذا لم يجر أي تحليل جنائي للكشف عن اختراقه بالفيروس أم لا.
وأصرت شركة “أن أس أو غروب” أن استهداف تلفون بينيدا لا يعني أن البيانات التي تم الحصول عليها منه كانت سببا في مقتله، لأن الحكومات كانت ستجد طرقا للعثور عليه. وكان واحدا من 25 صحافيا تم اختيارهم للرقابة على مدى عامين. وتم تحديد 10 دول تعاملت مع أن أس أو والتي كانت تدخل أرقام الهواتف في النظام وهي أذربيجان والبحرين وكازاخستان والمكسيك والمغرب ورواندا والسعودية والإمارات العربية المتحدة وهنغاريا والهند. وكانت المكسيك هي الدولة الأكثر التي اختارت أرقاما للرقابة وعددها 15 ألف رقم، فيما اختارت كل من المغرب والإمارات 10 آلاف رقم. وتوزعت الأرقام التي اختيرت قبل الهجوم على 45 دولة منها ألف رقم هاتف في أوروبا.
ونفت المغرب ورواند والهند وهنغاريا استخدام بيغاسوس للقرصنة على هواتف أفراد في القائمة. ولم ترد حكومات البحرين وأذربيجان والسعودية والمكسيك والإمارات.
وكشف “مشروع بيغاسوس” أن حكومة الرئيس الهنغاري فيكتور أربان استخدمت الفيروس في الحرب التي أطلقتها ضد الإعلام واستهدفت فيها الصحافيين الاستقصائيين في البلد وكذا الدائرة الصغيرة من مدراء وسائل الإعلام المستقلة.
وتكشف البيانات المسربة أن بيغاسوس قد استخدمته السعودية وحليفتها الإمارات للتجسس على المقربين من الصحافي جمال خاشقجي، الكاتب في “واشنطن بوست” في الأشهر التي أعقبت مقتله. وكان محقق النيابة التركي مرشحا للتجسس عليه. وبدون فحص جنائي فمن الصعب التأكد أن الهواتف تعرضت للهجوم أو محاولة الهجوم عبر فيروس بيغاسوس.
وأكدت الشركة أنها لا “تدير الأنظمة التي تبيعها لزبائن يختارون بعد التدقيق ولا تقوم بالحصول على بيانات زبائنها”. وفي بيان عبر محاميها أنكرت أنها “ارتكبت خطأ” بسبب نشاطات عملائها ولكنها “ستواصل التحقيق في المزاعم الموثوقة حول إساءة استخدامه وتتخذ الإجراءات المناسبة”. وقالت إن القائمة ليست قائمة استهدفت الحكومات باستخدام بيغاسوس وأن رقم 50 ألف مبالغ فيه.
وتبيع الشركة برامجها لقوات حفظ النظام والمخابرات والجيش في 40 دولة لم تكشف عنها. وقالت إنها تقوم بفحص سجل الزبون في مجال حقوق الإنسان قبل بيعها البرنامج له. وتقوم وزارة الدفاع الصهيونية بتنظيم عمليات البيع والموافقة عليها، وأصدرت الشركة في الشهر الماضي تقريرا حول معايير الشفافية ومدخلها الرائد في مجال حقوق الإنسان ونشرت أجزاء من عقودها مع زبائن وتأكيدها على ضرورة استخدام منتجها لمحاربة الجريمة والإرهاب.
ولا يوجد ما يقترح أن الحكومات لم تستخدم بيغاسوس لمكافحة الجريمة والإرهاب، ووجد التحالف أسماء لأشخاص يشتبه بإجرامهم. لكن وجود عدد كبير من الأسماء التي لا علاقة لها بالإجرام يقترح أن الزبائن خرقوا عقودهم مع الشركة من خلال التجسس على الجماعات المؤيدة للديمقراطية والصحافيين والذين يحققون في الفساد وكذلك المعارضين السياسيين ونقاد الحكومة.
وتم التأكد من فحص عينة صغيرة للأرقام التي ظهرت على القائمة، وقامت المؤسسة الشريكة لأمنستي “سيكيورتي لاب” بعملية الفحص وتبين وجود آثار لبيغاسوس على هواتف 37 من 67 هاتفا تم فحصها. وأشركت أمنستي بيانات أربعة هواتف أيفون مع “سيتزن لاب” في جامعة تورنتو المتخصص بدراسة بيغاسوس وأكد أنها مخترقة. وقام سيتزن لاب بدراسة تناظرية لطريقة أمنستي في الفحص ووجد أنها معقولة.
وقال كلوديو غورانينري الذي يدير “سيكيورتي لاب” التابع لأمنستي إنترناشونال إن الهاتف عندما يخترق عبر بيغاسوس يصبح تحت سيطرة الفيروس ويتحول لجاسوس على صاحبه، حيث يفعل بطريقة سرية كاميرا ومكبر الصوت ويقرأ الرسائل والمحتويات المشفرة للشخص وما يتلقاه من رسائل على التطبيقات الأخرى.
الهاتف عندما يخترق عبر بيغاسوس يصبح تحت سيطرة الفيروس ويتحول لجاسوس على صاحبه
ومن خلال استخدام نظام جي بي أس على الهاتف يمكن لعميل “أن أس أو” الحصول على سجل تحركات الشخص السابقة ومتابعته في الوقت الحقيقي. ويسمح النموذج الجديد من بيغاسوس للتجسس على هاتف الهدف بدون أن يقوم صاحبه بالنقر عليه حتى يفعل التطبيق الخبيث.
الصديق العدو
وقالت الصحيفة إن مليارات الناس لا يفترقون عن هواتفهم، ولا هي لا تبعد عن آذانهم طوال اليوم ويستخدمونها في أتفه الحاجيات اليومية.
لكن عددا قليلا من الناس قد يتوقف ويفكر أن هذا الجهاز قد يتحول لرقيب، يقوم شخص على بعد آلاف الأميال باستخراج رسائلهم وصورهم ويحدد مواقعهم ويفعل مكبر الصوت في الوقت الحقيقي.
وهذا ما يملكه تطبيق بيغاسوس، السلاح الصهيوني للرقابة الجماعية. وترفض الشركة المصنعة له “أن أس أو غروب” هذا الوصف وتصر على أنها تقوم بفحص دقيق لسجل المخابرات وأجهزة حفظ النظام للدول التي تريد شراءه ويجب عدم استخدامه في أغراض أخرى غير اختراق هواتف “المجرمين الحقيقيين وأهداف إرهابية”، لكن “الغارديان” ستكشف في الأيام المقبلة عن هويات الكثير من الأبرياء الذي تم تحديدهم كمرشحين للرقابة من عملاء شركة “أن أس أو” وتم الحصول على بياناتهم في عملية تسريب جماعية هائلة، وبدون عملية فحص جنائية للهواتف فلن يتم التعرف على تجسس الحكومة واختراقها بنجاح لهواتف هؤلاء الأشخاص، لكن وجود أسمائهم على القائمة يشير إلى المدى الذي ذهبت إليه الحكومات للتجسس على النقاد والمنافسين والمعارضين.
وقالت الصحيفة إنها ستكشف أولا هوية الصحافيين وطريقة اختيارهم للاستهداف حول العالم. وهم ضمن مجموعة تم تسريب أسمائهم من دعاة حقوق الإنسان وناشطين ومحامين ورموز دينية ورجال أعمال ومسؤولين في الحكومة.
وأضافت الصحيفة أن نشر الأسماء هو من أجل المصلحة العامة و”نؤمن أن الرأي العام يجب أن يعرف عن إساءة الحكومات استخدام تكنولوجيا أن أس أو التي منحت لها رخصة استخدام البرنامج”، و”لكننا نؤمن أن من مصلحة الرأي العام أن يعرف عن محاولات الحكومات للتجسس على مواطنيها وكيف يمكن استغلال أمر بسيط مثل سجل مواقع البيوت في هذا المناخ”.
وفي النهاية علقت الصحيفة أن “مشروع بيغاسوس” سينهي كل التعلل بالأماني وهو أن المواطنين الملتزمين بالقانون في الدول الديمقراطية مثل بريطانيا هم بمأمن عن الرقابة. ولأن الدول الغربية لا تمارس احتكارا على كل التكنولوجيا التي تخترق الخصوصية، “ونحن ندخل عصرا جديدا من الرقابة لا يوفر أحدا إلا عندما يتم وضع الحماية الضرورية”.