25-07-2021 10:51 AM
بقلم : داود عمر داود
فيما تتواصل الإشارات الصادرة تباعاً من بريطانيا والولايات المتحدة التي تؤكد على تغير موقفهما تجاه ربيبتهما إسرائيل، تحاول الدولتان، في ذات الوقت، التنصل من مسؤوليتهما عن جريمة إقامة هذا الكيان على أرض فلسطين، فيما هما تقتربان شيئاً فشيئاً من إعلان فشل مشروعهما الإستعماري في قلب العالم العربي والإسلامي.
ويبدو أن الجانبين يعملان على إضعاف إسرائيل، بدليل سعي أمريكا لتشكيل حكومة صهيونية ضعيفة لا تفعل شيئاً خشية أن يتم إسقاطها في أي لحظة، وبدليل أن بريطانيا أصبحت تعتبر القدس مدينة محتلة، وبدليل التأييد الشعبي الواسع في كلا البلدين للقضية الفلسطينية.
بريطانيا تحجب إعترافها بسيادة إسرائيل على القدس
كانت دائرة الجوازات البريطانية تكتب في خانة (مكان الولادة: القدس)، لمن هم من مواليد المدينة المقدسة. لكنها مؤخرا استبدلت العبارة فأصبحت: (مكان الولادة: الأراضي الفلسطينية المحتلة).
وقد حدث هذا مع سيدة تحمل جنسية مزدوجة بريطانية إسرائيلية، لدى تجديد جوازها البريطاني. ويشير هذا إلى تغيير في سياسة حكومة بريطانية، الأمر الذي تؤكده قنصليتها في القدس بقولها أن المملكة المتحدة (حجبت منذ فترة طويلة الاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على القدس، ريثما يتم تحديد وضعها النهائي).
فهل كان أحد يتخيل يوماً أن ينقلب الموقف البريطاني بحيث تعتبر القدس أراضي محتلة؟
وهي التي كانت رأس حربة الغرب في الإستيلاء على فلسطين، وجلبت اليهود وأقامت لهم دولة؟ أم أن الإنكليز تراجعوا عن مقولة قائدهم العسكري اللورد أدموند ألنبي التي أطلقها عندما احتل القدس، عام 1917، (الآن انتهت الحروب الصليبية)؟.
بريطاني يرفع علم فلسطين في لندن
هذا التغيير في موقف بريطانيا يصاحبه تأييد شعبي منقطع النظير للقضية الفلسطينية.
فما زالت حاضرة في الأذهان صور المظاهرات الحاشدة التي جابت شوارع لندن، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة. وكذلك صورة ذلك العجوز السبعيني الذي تسلق رافعة بناء ارتفاعها 300 متر كي يرفع علم فلسطين عليها، ويُصرح من أعلى أنه أصبح يناصر القضية الفلسطينية من هول ما رأى بأم عينيه من (فظاعات وممارسات ووحشية الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية. رأيت عائلة من 4 أفراد ماتت حرقا على أيدي مستوطنين. رأيت أراضي دنست، ومزارع زيتون حُرقّت، والكثير من البيوت هُدّمت).
باحث يهودي: الإحتلال سرطان سيقتل الكيان
ومن جانب آخر فقد شبه باحث يهودي الإحتلال بالسرطان قائلاً إذا لم تتخلص منه إسرائيل فسوف يقضي عليها.
ودعا ألون بن مئير، الصحافي والأكاديمي اليهودي من أصل عراقي، الأستاذ في مركز الدراسات الدولية في جامعة نيويورك، إلى إنهاء الإحتلال لأنه يشكل أكبر خطرٍ على كيان إسرائيل.
وذكر أن معظم الإسرئيليين يريدون (حل الدولتين) لكن حكومات إسرائيل تتجاهل ذلك. وقال إن الاحتلال (عدو داخلي) سيقضي على الكيان الصهيوني، (وهذا واضح من حقيقة أن إسرائيل تُنكر حق الفلسطينيين في تقرير المصير وتبرر ذلك بذريعة الأمن القومي).
محاولة أمريكية للتنصل من مسؤولية إقامة إسرائيل
ولقد شهدت السنوات الماضية محاولات لإنتاج أدبيات سياسية، في أمريكا، لتبرير مشاركتها مع بريطانيا في زرع اليهود في فلسطين وإقامة دولة لهم. فمثلاً هناك كتاب للمؤلفة الأمريكية (أليسون وير) حمل عنوان (رغماً عنا: التاريخ الخفي لكيفية استغلال الولايات المتحدة في إنشاء إسرائيل) استهدف محاولة التنصل من مسؤولية الإشتراك في جريمة إنشاء الكيان الصهيوني.
ويقدم الكتاب ذرائع واهية أنه كانت هناك ضغوطات على السياسيين الأمريكيين من اللوبي اليهودي. وتنبع أهمية الكتاب من كونه يخالف السردية السائدة حول التأييد الأمريكي المطلق لإقامة إسرائيل، ومن كون المؤلفة تدير مؤسسة (لو علم الأمريكيون) التي تختص في دراسات القضية الفلسطينية والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
خلاصة القول: السيادة على فلسطين للعرب والمسلمين:
ومهما حاولت دول الغرب، وخاصة بريطانيا وأمريكا، تقديم الأعذار والتبريرات فإنها لن تستطيع تبرئة نفسها من إرتكاب جريمتها النكراء بزرع اليهود في فلسطين. وهي جريمة وصفها جورج شولتز، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في عهد ريغان، بـ (الخطأ التاريخي). فهل آن الأوان أن يُكّفر الغرب عن سيئاته، ويتراجع عن هذا الخطأ، بأن يعيد الحقوق إلى أصحابها، لتصبح السيادة على فلسطين للعرب والمسلمين، كما كانت؟