حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 5873

كأنَّ مِشْيَتَها من بيتِ جارتِها .. مَرُّ السَّحابَةِ لا ريثٌ ، ولا عَجَلُ

كأنَّ مِشْيَتَها من بيتِ جارتِها .. مَرُّ السَّحابَةِ لا ريثٌ ، ولا عَجَلُ

كأنَّ مِشْيَتَها من بيتِ جارتِها  ..  مَرُّ السَّحابَةِ لا ريثٌ ، ولا عَجَلُ

26-07-2021 01:53 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي
كأنَّ مِشْيَتَها من بيتِ جارتِها ..... مَرُّ السَّحابَةِ لا ريثٌ ، ولا عَجَلُ
عندما أسمَعتُه عنوان هذا المقال ، قال صديقي ، وهل تعتقد ان يَلفِتَ مقالك هذا وبهذا العنوان تحديدًا انتباه أحد !!
قلت بلا ترددٍ ، نعم .

يا صديقي لا يَغُرنك طول شَعر الشباب ولا يغرنك قصره ، ولا يَغُرنك لباسهم الممزق او المفتوق من اوله لآخره ،
واقول الشباب وافتخر ، فكل اصحابي شبابا ،

إنها الجينات العربية الممتدة منذ الجاهلية الاولى التي أتيتُ بهذا البيت من قصيدة لواحد من فحول شعرائها وعلم من اعلامها وهو الشاعر " الاعشى " الذي أبدع أيّما ابداع واجاد ايّما اجادة وهو يرسم تلك اللوحة التصويرية الخالدة التي ما مِن أحدٍ مَرَّ عليها إلا وقف عندها متأملاً مندهشًا مذهولًا بذلك الجمال الساحر وذلك التصوير المبهر لمشية المرأة العربية الجاهلية حيث انصفها حين صوَّر رقة انوثتها تصويرًا يليق بجمالها ويضفي رونقاً على انوثتها الطاغية حياءً وحسنا ، وانصفها وابدع في إجلالها ، واحاطها بكلام ٍ كالنسيم العليل يتهادى في الوصول الى أُذن المستمع ليكون ليناً رقيقا يتناغم وينسجم مع حقيقة الوصف الذي يأخذك الى ابعد مدى في تخيلٍ تلك المشية التي ليست بالبطيئة ولا السريعه وانما كالسحابة تتهادى تسوقها ريح ليِّنة ، ليست مشيةً متهورةً ، ولا مشيةَ الكسول المتثاقل ، وانما مشية المعتدلِ ،
وهذا الوصف هو الذي جاء به بيت الشعر هذا والذي هو عنوان هذا المقال .

عُصورٌ ودهورٌ مرَّت على هذا الشعر العتيق القديم ، لم يندثر تحت كثبان الرمال في الصحاري العربية ولم تجرفه سيولها الموسمية ، وبقي كدهن العُود كلما طال بها الزمان ازداد طِيبا.،
فكم من بحوثٍ ورسالاتٍ ادبية كتبت في هذا البيت وامثاله من الشعر العربي القادم من تلك العصور الغابرة ، فما زالت كانها قيلت بالأمس القريب وكأن حبرها لم يَجِفّ بعد .

برغم هذا التردي للحال العربي بعمومه وبالرغم من كل المغريات والملهيات ورغم كل محاولات التجهيل والتضليل التي يتعرض لها العرب من اولهم لآخرهم إلا انك تتعجب عندما تجد ان " البرامج " التي هي غير منسجمه مع الواقع العربي المحزن المُبكي كبرنامج المواهب الغنائيه التي يشترك فيها الصغار والكبار ، فتراهم يؤدون باصواتهم اغاني للمطربين الذين كانوا وما زالوا هم المطربون الاوائل رغم مرور زمن طويل على وفاتهم، فلن تكون كما " يقولون " نجما من النجوم الا اذا غنيت وابدعت في تقليد عبد الوهاب وام كلثوم .

عبد الوهاب كما يسمونه مطرب الاجيال كان صديقا مقرباً من امير الشعراء احمد شوقي وكان شعر شوقي هو الذي رفع مستوى هذا الموسيقار وجعله في المرتبة الاولى ، وجعله متربعاً على رأس هرم ذلك الفن وجعل منه جليساً لعلية القوم في عموم البلاد العربيه ، ورغم كل هذا فقد كادت قصيدة كتبها الشاعر العراقي ذو الاصل الفارسي «مِهيار الديلَمي» وغناها عبد الوهاب ، كادت ان تطيح بهذا الموسيقار والمطرب المتألق حيث رفض هذا الكلام الغالبية العظمى ممن كانوا يستمعون له في ذلك الوقت وهم الغالبية العظمى من الشعوب العربية على اختلاف وتفاوت وضعهم الاجتماعي والتعليمي والثقافي ، وهذا الاحتجاج والرفض جعل الاذاعة المصريه تستبعد هذه الاغنية من مكتبتها ، وعلى الرغم من جمال القصيدة الا انها لم تمر وذلك لاعتزاز الشاعر بكسرى ملك الفرس عندما قال ؛
وأَبى كِسرَى على إيوانهِ
أين في الناس أبٌ مثلُ ابي !
ونحن نتحدث هنا عن جانب من جوانب الحياة الثقافية ( الفنية ) التي ربما هناك الكثير من الذين لهم رأي في هذا الجانب ولسنا بصدد الخوض فيه ، إلا ان لهذا الشعور الوجداني المرتبط بالعقيدة بشكل من الاشكال له دلالاته الكبرى على استحالة الانسلاخ عن كل ما هو موروث إن على المستوى الديني او الاجتماعي حتى وان كان منذ الزمن الجاهلي الغابر ،

وحيث ان كل اصحابي شبابا ،
" وليس لعدد السنين " علاقة بالامر،
وحيث اننا كلنا نعشق ونسعى للوصول الى حالة قصوى من النشوة والطرب ، وليست النشوة والطرب مقصورة على العود والناي والدف والكمان ، فتلك الخطبة الملحمية الخالدة للحجاج والتي ربما الان احوج ما يكون الى مثل قائلها وكل ما فيها كل العرب ، كانت وما زالت عندما يلقيها صديقنا علينا بصوته الرزين وكأنما يصور لنا مفرداتها تعبيراً وانفعالاً يتماها مع جزالة معانيها وقوتها التي لا يجيدها إلا الدهاة والقادة العباقرة كالحجاج ، إن وُجِدوا ، فلم تر عندها اكثر نشوةً وطربًا مِنّا احد ، بل واستحضاراً للعزة والبطولة والاقدام والشعور بسمو الهمة لأعلى قمَّه .

مهيار الديلمي الفارسي " محور هذا المقال " تم اتهامه ليس بالاساءة للدين فقط بل تم ادانته بالاساءة للعقيدة الدينيه والاساءة للقومية العربية الاسلاميه وللذائقة الادبية العربية وهو يشيد بكسرى ويدّعي أبوته، ويفتخر بقومه، ويتباهى بأمجادهم، ويزهو بانتمائه إليهم!
وكما قال احدهم ؛
"فليفخر «مهيار» بأبيه المزعوم ومجد قومه المهزوم، كما يشاء، ولكن ليس من حقه أن يقرن مجد أبيه المجوسي بمجد (محمد) عليه الصلاة والسلام، كما ليس من شأنه أن يقارن خير كسرى، إن كان له خير، بخير نبينا (محمد) عليه افضل الصلاة والسلام ، إذ لا وجه للمقارنة هنا، فأين الثرى من الثريا !! "
رغم جمال وروعة نظمه لهذه القصيدة
ورغم بلاغة معانيها التي قال فيها ؛
قَوْمِيَ استولَوْا على الدهرِ فَتىً …
ومَشَوْا فوق رؤوس الحِقَبِ …
عمَّموا بالشمس هاماتِهُمُ …
وبَنوْا أبياتَهم بالشهُبِ …
قد قَبستُ المجدَ من خيرِ أبٍ …
وقبَستُ الدينَ من خيرِ نبي …
وضَممتُ الفخرَ من أطرافِهِ …
سوددَ الفرسِ ودينَ العرب .

إلا انها لم تَمُرّ لأنها سُمٌ مغلف بعسل ، ولن يَمُرّ اي قولٍ ٍ مارقٍ يَمس عقيدة هذه الامة التي هي جوهر كيانها ووجودها ، رغم كل مظاهر التردي والانهزام المؤقت ، ورغم كل هذا التعثر .








طباعة
  • المشاهدات: 5873
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-07-2021 01:53 PM

سرايا

2 -
مقال جميل... بالفعل العنوان جلب انتباهي بشدة
29-07-2021 10:45 AM

عبادة عواودة

التبليغ عن إساءة
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم