27-07-2021 11:53 AM
بقلم : صالح مفلح الطراونه
حين كنت صغير السن لا يفرق بين الحزن والفرح ولا يفرق بين الأمل والإقصاء , كانت امي تحدثني عن قصة جدي محمد سويلم الطراونه الذي عاش كريماً ومات كريماً وكانت قهوتة لا تنطفئ وهو الذي كان تاجراً بسيط في مضمار القهوة والتمر , حين رُزق بطفل أسماه ياسين قالت أمي فرحنا وكذلك هو بعدما مَن الله علية أخيراً بصبي , بعدما كان معه ( خالتي نورا وصبحا وأمي ) قالت أمي ونحن نجلس معه في بيت شعر أطراف مؤاب الشرقية , جاء اليه ضيوف فأكرمهم وقام بواجب الضيافة فسألوا أين ياسين يا محمد , ذهب الى جدتي ( ختمه وسألها هل ما زال يا سين نائم قالت نعم ) قال يسألني الضيوف عنه احضرية لنا .
جلست جدتي ختمه بالقرب من ياسين توقظه من نومة حاولت مره ثم مره ولم يستيقظ اقتربت منه أكثر وإذ صاحب الوداعه قد أخذ وداعته .. نادت من خلف محرم يفصل عن ضيوفه يا أبا ياسين يا أبا ياسين ...
قال لها ماذا بكِ
قالت يا سين ( مات ) وماذا ترانا فاعلين .
قال لها اصمتي حتى يستكمل ضيوفنا طعامهم وقهوتهم وبعدها نتحدث .
صبرت الأم على مكلومها ب ياسن .
وبعد أن فرغ الضيوف سألوه للمرة الثانية هل ما زال ياسين نائم يا محمد بن سويلم .
قال يا سين أعطاكم عمره .
قالوا ماذا تقول .. قال كما أخبرتكم .
مات ياسين
حملوه معاً ودفنوه .
تحدثني أمي المتعبه عن ماضي فية من القساوة ما لا رأت عيناً او خطر ببال بشر
حيث تتحدث عن رحلة زاوجها الذي لم يكن عمرها آنذاك يتجاوز اربعة عشر ربيعاً وقد رأيت بصمتها الصغيره على عقد زواجها , وقد صبرت وتحملت أمي ابي رحلة المعاناة في اصقاع الجنوب كِله .
تقول أمي كان أبيك يعمل لدى أحد أقاربه بمنظقة مؤاب وقد عمل لديه ما يقارب عشرة سنوات وكان كلما اعطاة ثمن تعبة يؤجلة الى نهاية العام وبعد مضي عشر سنوات من العمل والتعب بين راعي وحصاد وحفر أبيار , قرر أن يعود الى اخية الكبير وحين جاء موعد أخذ الحقوق قال له صاحب العمل ليس لديك أي شيء بذمتي كنت اقول لك خذ ولم تأخذ
رد علية ابي كنت أوجلها لأخذها مع بعض قال له أنتهى الأمر .
وفعلاً عاد الى اخيه الكبير يحمل عباءته على كتفه مثقل متعب لا حول ولا قوه له فيما حصل معه.
مرض وتوفي عام 1973 ودفن في مقبرة القرية بشقيرا ولا زال البحث جاري عن مسكنة بالمقبره دون وجود اي دليل يذكر .