03-08-2021 10:37 AM
بقلم : سلامة رفاعي هلال
الكذب - آفة اجتماعية يمارسها ضعاف النفوس من البشر لعدم قدرتهم على مواجهة الحقيقة لتحقيق مكاسب على حساب حقوق الآخرين وقد أبرزت كل المنظومات الأخلاقية والشرائع الدينية السمحاء خطورة الكذب وصفته ضمن السلوكيات المشينة والسلبية المرفوضة في المجتمع
ورغم تحريم الأديان السماوية وكل الأعراف الدنيوية ودعوتها المستمرة و الدءوبة لنبذ الكذب إلا أن هذا كله لم يمنع من انتشاره وملازمته للحياةالبشرية حتى أصبح يتطور مع الزمن ليتحول إلى فن جديد من الفنون الهابطة الممتدة في حياتنا جاء ليدمرها لدخوله في كل الأمور الحياتية اليومية صغيرة كانت أو كبيرة حتى صار للكذب حضورا هائلا وقويا في شتى المجالات محدثا بذلك غيابا تاما للحقيقة وإختفاء للصادقين وأصحاب المثل العليا والاصل الطيب حتى أنه بات عادة ومهارة يتقنها ويجيدها الكاذبين وحدهم للحصول على متعة ما أو لخوفهم من فقدان بعض المكتسبات أو لرغبة منهم في الوصول إلى القمة والتفوق على منافسيهم من الصادقين الشرفاء فكان الكذب لديهم أسلوب حياة تعلموه وأجادوه وأحبوه وعرفوا مواطن الجمال فيه لكونهم مضطرين للكذب أكثر وأكثر للحفاظ على أكاذيبهم ومكتسبااتهم الأولى التي حققوها عن طريقه
وهنا - تحضرنا الاسطورة التي انتشرت في القرن التاسع عشر حيث روي أن الكذب قابل الحقيقة في يوم من الأيام فقال لها أن الجو اليوم جميل ولأن الحقيقة دائما تشك في كلامه نظرت حولها فوجدته جميلآبالفعل وتمشيا معآ حتى وجدا بئرا فقال الكذب للحقيقة الماء في البئر جميل تعالي ننزل فيها وأيضآ لشك الحقيقة في كلامه لمست بيدها الماء في البئر فوجدته صافيا دافئا فتجردا من ملابسهما ونزلا إلى الماء وما أن فعلا ذلك حتى خرج الكذب من البئر وارتدى ملابس الحقيقة وجرى مسرعا وخرجت الحقيقة مسرعة ورائة عارية وهي غاضبة ولما رأتها الناس غضبوا منها واداروا وجهوهم عن الحقيقةالمسكينة فرجعت من خجلها للبئر وإختبأت به ولم تخرج منه ثانية ومن وقتها يلف الكذب كل الدنيا مرتديا ثوب الحقيقة ويتقبله البشر رافضين أن يروا الحقيقة عارية
وقد قام علماء النفس - بتصنيف الشخص الذي يمارس الكذب بأنه شخص مريض نفسي تتسم شخصيته بالجبن مفتقداالقوة الداخلية لمواجهة الآخر مفتقرا إلى الثقة في قدرته الشخصية على اكتساب الإحترام والتقدير من الآخرين وتحقيق مركز اجتماعي فيسعى عبر طوفان كذبه للخصول على إحترام وهمي يزول بمجرد اكتشاف كذبه وخداعه عندها يسقط قناعه ولن يكون لديه حينها وقت لارتداء أقنعه جديدة
فلنسعى جميعآ لفضح الكذب وأصحابه قبل أن يجمع الصدق حقائبه ويرحل عنا عندما يمل العيش في زمن أصبح فيه الكذب للصدق بديل وحتى تأتي رياح الحقيقة وتعصف برماد الكذب الذي يغطي وجوه الكاذبين
.
.بقلم - كاتب سلامة رفاعي هلال