03-08-2021 10:53 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
السلبية هي القوة الأكثر تأثيرا في الرأي العام، هكذا يقول بعض العلماء الذين يراقبون أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الناس، والظاهرة آخذة في التعقيد، بسبب فقدان الثقة في الإجراءات الحكومية على مستوى الدول جميعها، نتيجة التناقضات في المواقف، والمعلومات غير المدققة أو المؤكدة حتى في أبسط القضايا التي يتم الحديث عنها كل يوم!
من أكثر الأمثلة شيوعا هذه الأيام التصريحات المتعلقة بجائحة كورونا؛ إذ تتضارب الآراء حول الوباء المتحور، وأخذ المطاعيم، والجرعة المعززة، وإجراءات الوقاية، وحتى منظمة الصحة العالمية لا تستقر على رأي في كثير من الحالات، وفي مسألة من هذا النوع تمسّ حياة الإنسان يمكن أن تتشكل مع الوقت مزاجية سلبية تنعكس على كل شيء.
كانت الحياة قد استقرت على النظرة المتوازنة للواقع، وحكاية النصف الملآن أو الفارغ من الكأس نعرفها جميعا من حيث إنها معيار يميز بين السلبي والإيجابي، وبين اليأس والأمل، وهذا المعيار ليس حدا فاصلا بين الأشياء بصورة مطلقة، فالشخص نفسه يمكن أن يغير نظرته، فلا يلبس صفة السلبية ولا صفة الإيجابية بشكل دائم، ولكن عندما تتفوق السلبية بهذا القدر الذي يعيشه العالم، وينتشر على نطاق واسع في كل مكان، فتلك أزمة عالمية من نوع جديد.
نحن في الأردن نعيش هذه الحالة كغيرنا، وربما نكون أكثر قدرة على التعايش مع الأزمات بحكم موقعنا الجيوسياسي القائم في منطقة لم تعرف سوى الحروب والأزمات على مدى قرن من الزمان، ومع تراجع محفزات الفكر والسياسة والثقافة، وعلوم الفلسفة والاجتماع والنفس أمام هذا الفيض الهائل من المعلومات غير المؤكد سادت، بل تعاظمت السلبية إلى الحد الذي أصبحت فيه المعيار الوحيد للحكم على معظم شؤون الحياة، بنسب متفاوتة!
لا يمكن للإيجابية أن تغيب أبدا، ولا ينبغي أن يتم التخلي عنها خوفا من الاتهام بعدم الموضوعية، لأن السلبية في كل الأحوال حركة ساكنة غير فاعلة، وإن كانت معيقة نوعا ما، وفي المقابل نحن سنطرح الأسئلة الكبيرة على أنفسنا، عندما يتعلق الأمر بأمن بلدنا واستقراره وتقدمه، ومساعينا الوطنية من أجل حل مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز مكانة بلدنا الإقليمية والدولية، وتحقيق طموحات شعبنا، وضمان مستقبل أجيالنا القادمة.
اليوم يشهد الأردن حيوية فريدة من نوعها، وفي كل يوم يزداد عدد المنضمين لتلك الحيوية بقدر وافر من الجدية والالتزام، من أجل تحديث مساراتنا نحو مئوية جديدة من عمر الدولة التي ستظل خيارنا الأول والأخير، وقد تعلمنا من الدروس ما يكفي كي نحافظ على مكتسباتنا الوطنية ونبني عليها، فلا شيء ينقصنا سوى الاستفاقة التامة من قول لا ينفع، وفعل لا ينتج شيئا، فنتمسك بالإيمان والأمل، والتفاؤل بالخير حتى يجدنا ونجده في منتصف الطريق!