05-08-2021 09:19 AM
بقلم : عبير مامي
بعد طول إنتظار دشنت الحكومة الأردنية أخيراً مشروع الباص سريع التردد بهدف تخفيف الإزدحام المروري، وبغض النظر عن ما أُثير من سخرية وانتقادات طالت المشروع والقائمين عليه، إلا أن فكرة هذا المشروع تعتبر فكرة رائدة وقد تحل مشكلة الازدحام المروري، ولكن وحتى نكون موضوعيين علينا أن نعترف بالأخطاء التي حدثت سواء من المواطنين أو القائمين على المشروع، فلا يمكن إلقاء اللوم بشكل كامل على الحكومة وحدها كما لا يمكننا أن نحمل الشعب مسؤولية ما حدث من حوادث وزلات.
أولاً بالنسبة للتأخير الذي حدث في إنجاز هذا المشروع والذي أستغرق 11 سنة كاملة، فمن الطبيعي حدوثه في ظل ما شهدناه ومازلنا نشهده من تعاقب وتغيير للحكومات مع عدم وجود سياسة ونهج موحد للعمل، كل حكومة جديدة يتم تشكيلها يكون لديها خطة منفصلة عن سابقتها مما يؤدي بالنهاية طبعاً إلى إعاقة تنفيذ الخطط بعيدة المدى والتي منها طبعاً مشروع الباص السريع ، أما بخصوص آلية عمل الباص فإنها حتى هذه اللحظة غير واضحة لكثير من المواطنين وأنا منهم، ألم يكن من الأولى مثلاً من القائمين على المشروع قبل تشغيله أن يتم وضع خطة اعلامية توعوية واضحة لآلية عمل الباص وموعد إطلاقه ليتمكن المواطنين من الاستفادة من هذا المشروع على أكمل وجه، فعدم وضوح الرؤيا قد فتح المجال لمخيلتنا بأن تنصور بأن الباص السريع سيكون نسخة من الباصات التي نراها في الدول المتقدمة ما شكل نوع من الخيبة عند اطلاقه بشكله التقليدي لدى الكثيرين.
هل من المنطقي أن ُنفاجئ بالباص السريع يمشى في مساره الذي أعتاد كثير من المواطنين خلال السنوات الماضية على استخدامه كمنطقة للتنزه والترفيه، ولماذا نعول على المواطن في استيعاب هذه التغييرات وبدون أي سابق إنذار، لماذ لم يتم وضع رجال السير لتنظيم العملية قبل اطلاق الباص تجنباً للُبس الذي حدث، ونقطة مهمة أخرى، لماذا لم يتم ربط مسار الباص السريع مثلاً مع خطوط الباصات الأخرى، كيف سيتمكن المواطنين الذين لا يملكون وسائط نقل خاصة من الوصول إلى الباص السريع واستخدامه في تنقلاتهم.
ومن ناحية ثانية فإن التصرفات السلوكيات التي شهدناها من المواطنين أنفسهم باستخدامهم لمسار الباص وإعاقة حركته، فإنها إن دلت على شيئ فإنما تدل على مدى الاستهتار والاستخفاف الذي نعاني منه، على قلة إحترامنا للقوانين والأنظمة إلا بوجود رقيب على رؤسنا ما يجعل مقولة من أمن العقاب أساء الأدب تنطبق علينا، للأسف وصلنا لمرحلة لا نرى غضاضة بالإعتداء على المال العام، وكأن المواطن قادم من كوكب أخر وغير معني بما يحدث حوله، من المؤسف أن نشهد فيديوهات لسيارات خاصة تلاحق الباص السريع في المسار المخصص له وتعترضه في محاولة للهروب من الأزمة ضاربين عرض الحائط بالغاية التي تم تشغيل الباص السريع من أجلها.
ولكن وعلى الرغم من عشوائية المشهد لا بد أن نعترف بأهمية هذا المشروع الذي رأى النور أخيراً، مع ضرورة أن نتعلم من أخطائنا مستقبلاً لعل وعسى أن نرتقي بسلوكياتنا تجنباً لتعزيز القناعة أكثر وأكثر بأن "مافي شي بيلبقلنا".