05-08-2021 10:38 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
في اجتماعه الأخير مع رؤساء ومقرري اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أكد جلالة الملك متابعته الحيثية لأعمال اللجنة ودعمه المطلق لمخرجاتها وتوصياتها النهائية، داعيا إلى عدم الالتفات إلى الأصوات التي تصدر وتهدف إلى إعاقة اللجنة، وعدم تمكين أعضائها من القيام بالمهام والأعمال المنوطة بهم.
لقد مثّل هذا اللقاء ضمانة ملكية إضافية بأن مخرجات اللجنة تلقى الدعم الملكي الكامل، حيث سبق وأن أكد جلالة الملك في رسالته إلى رئيس اللجنة بأنه سيضمن أن تتبنى الحكومة مقترحات اللجنة، وأن تدفع بمشاريع القوانين التي ستقترحها اللجنة، والتي تتعلق بالتعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب السياسية، إلى مجلس الأمة لإقرارها وفق الأصول الدستورية.
ويبقى التساؤل الأبرز حول التفسيرات الدستورية للدعم الذي أعلنه جلالة الملك لمخرجات اللجنة الملكية، ومدى تأثيره على المبادئ العامة التي يقوم عليها النظام الدستوري الأردني، وفي مقدمته مبدأ الفصل بين السلطات. إن الضمانة الملكية لنتائج عمل لجنة تحديث المنظومة السياسية ستتمثل في إلزام الحكومة بأن تأخذ بهذه التوصيات ومشاريع القوانين التي ستصدر عن لجنتي الانتخاب والأحزاب السياسية، وذلك على أساس دستوري أن جلالة الملك هو رئيس السلطة التنفيذية، وأن مجلس الوزراء هو شريك فيها. فالمادة (26) من الدستور تنص على أن تناط السلطة التنفيذية بالملك يتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام الدستور. فحق جلالة الملك في أن يكفل مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية أمام مجلس الوزراء لا يغدو عن كونه ممارسة لدوره الدستوري، وتكريسا لترؤسه السلطة التنفيذية. فأوامر الملك الشفوية والخطية لا تعفي الوزراء من المسؤولية عملا بأحكام المادة (49) من الدستور.
وبعد أن يقوم مجلس الوزراء بإرسال مشاريع القوانين المقترحة من اللجنة الملكية إلى السلطة التشريعية، فإن مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب سيمارسان صلاحياتهما الدستورية كاملة على هذه المشاريع وفق أحكام الدستور. فمشروع قانون تعديل الدستور وقانوني الانتخاب والأحزاب السياسية ستعامل معاملة باقي القوانين الأخرى، ولن يكون للضمانة الملكية أي دور في التأثير على مجريات إقرارها من قبل مجلس الأمة.
إن جلالة الملك باعتباره رئيس السلطة التنفيذية لن يسمح لأحد بأن يتدخل في أعمال السلطة التشريعية، أو أن يقوم بالتأثير عليها لدفعها إلى إقرار هذه القوانين، وأن لا يمارس نواب الأمة وأعيانها دورهم التشريعي المناط بهم وفق أحكام الدستور. فمجلس الأمة هو صاحب الولاية العامة في العملية التشريعية، ولا يمكن للسلطة التنفيذية أن تنكر عليه هذا الدور المقرر له بموجب الدستور.
ويظهر احترام جلالة الملك للدور التشريعي لمجلس الأمة من خلال توجيهه رئيس اللجنة الملكية بضرورة أن تكون مشاريع القوانين المقترحة أمام المجلس في بداية دورته العادية الأولى مطلع شهر تشرين أول القادم. فهذا الحرص الملكي على عدم تغييب السلطة التشريعية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن مجلس الأمة سيكون له رأي في مخرجات عمل اللجنة، وأن هذا الرأي سيدفع نحو تحقيق رؤى وتطلعات جلالة الملك في الوصول إلى مجالس نيابية مختلفة تعمل على أسس حزبية برامجية، وهو ما سينعكس دستوريا على كيفية تشكيل الحكومات وممارستها لمهام عملها في المستقبل.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية أ. د. ليث كمال نصراوين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-08-2021 10:38 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |