بقلم : المهندس عادل بصبوص
لقد ساءني كما الكثيرين في هذا البلد الطيب التعدي الذي تم على مقعدكم في مجلس النواب، ليس فقط لأن ذلك يمثل مخالفة سافرة للتقاليد الراسخة في التعامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بل لأني قد شعرت بأن جزءاً من الإساءة قد طالني، فمحياك الأسمر وقسماتك الجادة التي تشبهنا كثيراً، وإخلاصك في العمل ونظافة يدك وسريرتك أيضاً، تحتم علينا ان نصطف إلى جانبك في أية مواجهة او معركة قد يفتعلها من في نفسه غرض، أو من قد يسعى إلى شهرة زائفة أو شعبوية مكشوفة على حساب هموم وأوجاع شعبنا الصابر في هذا البلد الصامد.
كما تعلمون دولتكم فإن منصب رئيس الوزراء ليس مجرد وظيفة عليا في هرم البيروقراطية الأردنية الراسخة، تنتهي بالإستقالة أو الإحالة على التقاعد، فهي تتجاوز في حالتنا الراهنة الوصف الوظيفي التقليدي الذي تعارف عليه دهاقنة الإدارة والسياسة، لتغدو مهمة شاقة تمثل تحدياً كبيراً للمكلف بها، وهي لا تقل بذلك عن تولي قيادة عربة تندفع مسرعة من سفح الجبل إلى قاع الوادي، او الإمساك بدفة قارب تتقاذفه رياح عاتية أو أمواج متلاطمة، فالمهمة صعبة والظروف قاسية لا ترحم، والمتربصون في الزوايا وخلف المنعطفات كثر، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، فالناس لا ترحم والتاريخ أيضاً لا يرحم، نريد لك النجاح كل النجاح، وأن يذكرك التاريخ بإنجازات ملموسة عجز عن تحقيقها أسلافك، الذين لا يُذكر اسم الواحد منهم إلا مقترناً بمقدار الزيادة في حجم المديونية التي تحققت في عهده أو الإرتفاع الذي طرأ على نسبة الفقر أو البطالة .....

أسابيع قليلة دولة الرئيس وتكمل سنتك الأولى في سدة الرئاسة، واسمح لي هنا من منطلق المحبة لكم والحرص عليكم ان أتساءل ما الذي تحقق حتى تاريخه مما وعدتم الناس به، فحتى الخطة التنفيذية التي يجب أن تكون المرجع لعمل الوزارات والمؤسسات المختلفة لم تنجز بعد، ماذا عن تحسين الظروف المعيشية للمواطنين .... أين فرص العمل التي تعب الشباب في انتظارها .... أين الثورة الإدارية واصلاح القطاع العام الذي التزمتم بتنفيذه .... أين ... وأين ... وأين ...؟؟؟، ندرك جميعاً صعوبة المرحلة الحالية التي اتسمت بالغلاء والوباء وقلة الماء، ولكن ذلك لا يعفيكم من العمل والإنجاز ... ، فمهمتكم تحقيق المنجزات ... فإن عجزتم فلا أقل من الحيلولة دون تدهور الأمور وتفاقمها .... أما التذمر والشكوى فاتركوها لنا فنحن أقدر منكم في هذا المجال ....
إن حدوث اختراق كبير حالياً في الوضع الاقتصادي هي مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة، في ضوء الظروف الصعبة والمحددات التي نعرفها جميعاً، وعليه تقتضي الحكمة التركيز على المجالات التي يمكن أن تساعد على خلق أجواء ايجابية قد تخفف من حدة الاحتقان والتوتر السائد من خلال استعادة الثقة بين الحكومة والمواطنين والتي تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة، لدرجة أن اتخاذ أية خطوة غير شعبوية كرفع اسعار المحروقات مثلاً يمكن أن يفاقم الأمور ويؤدي إلى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها، قد يقبل المواطن العادي بسوء الاوضاع الاقتصادية ولكنه حتماً لن يقبل ممارسة التمييز في التعيين أو عدم العدالة في الرواتب والامتيازات، كما انه سيرفض وبشدة دعوات التقشف وشد الأحزمة على البطون في الوقت الذي يرى فيه التبذير والإسراف والسيارات الفارهة والرواتب الفلكية لمحظوظين ومحظوظات هبطت عليهم الوظيفة من عَلِ متجاوزة الكثيرين من أصحاب الدور والاستحقاق ....


سيدي رئيس الوزراء لا تعلم أنت كما لا نعلم نحن، كم بقي لك من أيام أو شهور في هذا المنصب، ربما لم تساعدك الظروف في الفترة الماضية في تحقيق الكثير من الإنجازات، نتمنى عليك أن تستغل الفترة المتبقية لك كرئيس للوزراء في ترك بصمة انجاز تذكرها لك الأجيال، لا نريد ان يقترن اسمك في صفحة رؤساء الوزارات بحادثة مستشفى السلط ولا بحادثة غزوة الجلوس على مقعد رئيس الوزراء في مجلس النواب، فما يليق بخصالك ومؤهلاتك وعراقة أسرتك أكثر من ذلك بكثير .....