حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,5 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12604

لا يجوز منح الاحزاب عمليات "نفخ صناعي" لا يتناسب مع حجمها

لا يجوز منح الاحزاب عمليات "نفخ صناعي" لا يتناسب مع حجمها

لا يجوز منح الاحزاب عمليات "نفخ صناعي" لا يتناسب مع حجمها

12-08-2021 12:59 PM

تعديل حجم الخط:

 عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الاستاذ الدكتور حسن البراري-

عندما طلب رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي ألا نخرج بما يجري في اللجنة للعلن، احترمت ذلك، على ارضية ان جميع المداولات والمقترحات التي تسبق الوصول للتوصيات النهائية ومشاريع القوانين بصيغتها المتوافق عليها، لا تعد كونها اكثر من عمليات عصف فكري لا تعبر الا عن اراء اصحاب هذه المقترحات، ولا تشكل باي حال من الاحوال موقفا تتحمل اللجنة تبعاته وردود الفعل المترتبة عليه، ولذلك لم أكتب مقالا واحدا عما يجري واكتفيت بتوجيه ملاحظات نقدية لبعض الأفكار وتقديم أفكار بديلة تم مناقشتها -رفعا للعتب-، وسرعان ما يتم العودة لذات الصيغ المطروحة (..) على طاولة اللجان الفرعية، لكن يبدو أن عددًا من أعضاء اللجنة لم يلتزموا بذلك، واخذوا يغرقون الصحف والمواقع بمقالات جلها يعبر عن لون واحد، وكأن لا تباين في الافكار والاتجاهات والتطلعات والاهداف بين أعضاء اللجنة التي هي بالأساس قائمة على التنوع و التعددية.

اليوم قررت أن أكتب ملاحظاتي لعلها تساهم في اثراء النقاش العام حول عمل اللجنة.

وحتى أكون صريحًا مع القراء، لا يمكن القول بأن اللجنة تمثيلية وإن احتوت على شخصيات من مختلف القطاعات والشرائح، وعليه لا يمكن لنا الادعاء بأننا نمثل المجتمع الأردني. كما لا يمكن القول بأن التفويض الممنوح لهذه اللجنة مطلق، فالرسالة الملكية قيدت أعضاء اللجنة بتقديم مشروع قانون الانتخاب وآخر للأحزاب وتقديم بعض المقترحات لقوانين الإدارة المحلية واجراء بعض التعديلات الدستورية المرتبطة بمشاريع القوانين آنفة الذكر. فالرسالة الملكية بهذا المعنى منحت تفويضا متواضعا، و لم تسمح بفتح الباب أمام تعديلات ضرورية لإزالة التشوهات الدستورية التي تمنع من التمكين السياسي الحقيقي للأردنيين.

في البداية اعتبرت أن قانوني الانتخاب والأحزاب هما في غاية الأهمية، إذ يشكلان مدماكين أساسيين في عملية الإصلاح التي ينبغي أن تنتهي بتوازن السلطات وبتمكين الأردنيين سياسيا بشكل نتجاوز فيه الهويات الفرعية، استنادا إلى مبدأ المواطنة بدلا من المحاصصات ونظام الكوتا الذي يعمق و يكرس ما يسمى بسياسة الهوية (politics of identity). فلا يمكن الحديث عن عملية اصلاح حقيقية إن لم يكن هدفها النهائي تشكيل حكومات برلمانية تمثيلية ومنتخبة تكون لها الولاية العامة غير منقوصة. وأي قراءة سريعة للأوراق النقاشية تكشف أن الملك على وعي كامل بضرورة أن يكون الشعب مصدر السلطات وأن هناك ضرورة وطنية للانتقال إلى الدولة الديمقراطية الحديثة. لكن مجمل ما اطلعت عليه من مخرجات لا يقربنا من هذا الهدف.

والشيء بالشيء يذكر، فقد بذل الزملاء في لجنة الانتخاب جهدا كبيرا لاجتراح صيغة مشروع قانون انتخاب تكون حجر الأساس في عملية الإصلاح. وبالفعل اجتهدوا وحاولوا تقديم مقترحات لقانون انتخاب أكثر عدالة وأكثر تحفيزا للمشاركة السياسية. هنا ينبغي التوقف عند بعض المقترحات التي جاءت بها لجنة الانتخاب والتي برأيي جاءت غير عادلة وغير منصفة ، وتحتاج لمراجعة:

أولا: تصر اللجنة على منح كوتا حزبية لأحزاب غير موجودة وعلى حساب مناطق تعج بالسكان هي أولى بالتمثيل. وربما أخطأ البعض في فهم الرسالة الملكية التي حثت على التوصل إلى مشاريع قوانين لإنتاج برلمان حزبي وبرامجي، فالرسالة لم تطلب كوتا للأحزاب، وانما بإيجاد التشريعات التي تشجع العمل الحزبي وتشجع عملية تأطير الأردنيين في أحزاب تمثل مصالحهم. ولو كان المقترح قوائم حزبية و وطنية لاختلف الأمر وأصبح أكثر عدالة.

ثانيا: لا يعقل منح أقل من 34 ألف منتسب للأحزاب المرخصة ثلث مقاعد مجلس النواب في حين لا تنال دوائر انتخابية بمئات الاف الناخبين إلا عددا قليلا من المقاعد. ولو افترضنا أن قوة الحزب لا تقاس بعدد المنتسبين بل بجمهور الناخبين فإن عدد الأصوات الممنوحة للأحزاب في أي انتخابات لم يتجاوز 140 ألف صوتا! فكيف يستقيم هذا المنطق مع هذا الواقع. الأصل في الأحزاب أن تنشأ بشكل طبيعي وليس نتيجة لعملية نفخ اصطناعي لا يعكس حجمها الحقيقي في الشارع.

ثالثا: تخصيص كوتا للأحزاب مخالف للمادة السادسة من الدستور التي تنص على ان الأردنيين متساوون. فهل حجز ثلث مقاعد مجلس النواب لكيانات غير موجودة وغير مؤثرة يتعارض مع مبدأ المساواة ؟ وهل تقليل القوة النسبية في تمثيل المحافظات لصالح كيانات غير موجودة هو من العدالة بشيء؟ وعلاوة على ذلك، دلوني على دولة في العالم تمنح الأحزاب كوتا!

رابعا: وحتى لا تتكشف حقيقة هلامية الأحزاب وعدم وجودها، اقترح البعض ربط القائمة الحزبية بالقوائم المحلية، بحيث تحصل القائمة الحزبية على مجموع أصوات القائمة المحلية بشكل تلقائي، وفي ذلك تزوير لإرادة الأردنيين. فكيف يمكن اجبار الناخب الأردني على منح صوته لقائمة حزبية لا يريدها؟ هناك الغالبية التي لا تنتسب للأحزاب ولا تؤمن بها – بسبب التجارب السابقة – وعليه من أين تأتي هذا الاستسهال في تجيير أصوات الناس لقوائم حزبية و تزييف و تزوير ارادتهم بهذه البساطة؟!

خامسا: هناك نية لتخفيض نسبة الحسم (العتبة) بحيث تكون 2% أو 3% في حين ينبغي أن تكون 5% كخطوة أولى، والمبرر هو أن الأحزاب ضعيفة وربما لن تتجاوز العتبة باستثناء جبهة العمل الإسلامي. أن من شأن تغييب العتبة أو تخفيضها المساهمة بشكل كبير في استمرار تشظي العمل الحزبي، فالطريقة الوحيدة لإجبار الأحزاب للتكتل هو رفع نسبة الحسم وليس تخفيضها. بت أشعر أن المقصود بهذه المقترحات هو تنجيح أكبر عدد من الأحزاب بصرف النظر عن اثر ذلك في اثراء العمل البرلماني او اعاقة تطوره .

سادسا: شخصيا اقترحت السقف المرن، بمعنى إن كان لا بد من تخصيص كوتا للأحزاب (مع أن الكثرين منهم يرفض كلمة كوتا ويصر على كلمة قائمة حزبية كتعبير ملطف عن الكوتا) فلا حاجة لأن يكون عدد مجلس النواب ثابتا. فإذا ما تمكن حزب أو حزبان اجتياز عتبة ال 5% وحصل كل حزب مثلا على ثلاثة مقاعد، عندها يكون عدد مجلس النواب هو مجموع الدوائر الفردية مضافا اليه ستة مقاعد للأحزاب فقط. وهكذا يرتفع عدد المقاعد المخصصة للأحزاب أو ينقض حسب أداء هذه الأحزاب في الانتخابات. للأسف نوقشت هذه الفكرة، وشعرت بأننا نقول ما نريد ويفعل اعضاء اللجنة الفرعية ما يريدون.


باختصار، لا يمكن اعتبار الأفكار سالفة الذكر متوائمة مع الأوراق النقاشية للملك، وهي أوراق أكثر تقدمية من الأفكار المطروحة. فكثير من النقاشات دارت على طريقة "الكل يدير القرص على ناره" متجاهلين البعد الوطني وحقيقية أن المواطن الأردني بحاجة إلى تمكين سياسي بعيدا عن التمترس خلف حقوق مكتسبة أو هويات ضيقة. وللأسف الشديد، بدلا من الغاء الكوتا عن الجميع استنادا إلى المادة السادسة من الدستور ، أضفنا كوتا جديدة اسمها كوتا الأحزاب. لكن في النهاية لا بد من الإشارة بإيجابية إلى نية تخفيض عدد مقاعد مجلس النواب، فالحديث عن 120 أو 130 مقعد هو امر إيجابي لا بد من البناء عليه








طباعة
  • المشاهدات: 12604

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم