14-08-2021 05:05 PM
بقلم : رايق المجالي /ابو عناد
نفط الأردن وذهبه الموجود في كل شبر وكل زاوية وطريق وفي الماء والهواء والناس :
ما الذي تحتاجه السياحة وأي سائح في العالم ليصبح بلد ما مزارا ومحجا لكل طالب للسياحة من كل نوع...؟؟؟
أليس جمال الأماكن وجمال الطبيعة والمناخ وكذلك عراقة بعض الأماكن وإرتباطها بالتاريخ أو المعتقد أو الصحة البدنية أو النفسية للإنسان...؟؟؟
أليس السائح من أي مكان يبحث عن الأمكنة التي يستطيع فيها أن يرتاح ويستمتع ويستفيد أيضا من ملامسة ثقافة المكان وعبقه والإحتكاك بالحضارة والثقافة والثقافة الإنسانية في المكان الذي يقصده...؟؟؟
أليس السائح كذلك ينشد أن يتواجد في أمكنة يأمن فيها على نفسه وصحته وماله ويحرص على أن تكون سياحته بمثابة علاج له من تعب الحياة وكذلك من أي شكوى لديه نفسيا أو جسديا..؟؟؟
ما الذي يحتاجه أي سائح في العالم ولا يوجد في الأردن...؟؟؟؟
الأردن هو القطر الوحيد في الإقليم الذي شهد ويشهد إستقرارا سياسيا وأمنيا لا يوازيه أو يدانيه أي إستقرار شامل متكامل حتى لدى دولة الكيان الصهيوني القوية عسكريا وإقتصاديا وتدعمها كل قوي العالم... ¿! ¿! ¿!
الأردن يكاد يكون هو الدولة الوحيدة في العالم الذي يمتلك كل أنواع المناخات والتضاريس الجغرافية تتوزع فيها وعليها كل الأماكن الأثرية والدينية والجمالية في بقعة صغيرة لا يفصل بينها جميعها زمنيا إلا نصف ساعة أو ساعة وأبعدها عن بعضها ربما أربع أو خمس ساعات إذا أراد سائح أن ينتقل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فمثلا إذا إنطلق سائح من العاصمة عمان بإتجاه الجنوب فخلال ثلث الساحة يكون في مأدبا المدينة التي تقع في سهل ومناخ معتدل صيفا وشتاء وفيها ما فيها من الأماكن الأثرية والدينية من المغطس الذي هو محج العالم المسيحي إلى الفسيفساء الأعرق والأقدم والأجمل، ومن مأدبا يحتاج فقط لربع ساعة لينزل إلى وادي الموجب بإتجاه الكرك عبر الطريق السلطاني مرورا بذيبان التاريخية ليتغير عليه المناخ إلي الشفا غوري والجبلي معا، فإذا قطع وادي الموجب إستقبله جبل شيحان وذلك المناخ والهواء العليل الذي ينسم على سهل تاريخي تكاد تشعر أن نسمة الهواء من الغرب تأتيك وقد عبرت فوق البحر الأبيض المتوسط وقد جاءت من آخر الدنيا لم يعترضها لا جبل ولا هضبة لتمر فوق فلسطين ثم غور الأردن تسلم على كل ما هو تحتها لتصل شيحان وسفحه في قرى العمر والقصر والربة.
فإن لم يرد المقام في سفح شيحان وأجواء الإعتدال في كل شيء وإن لم يكن يبحث عن زيارة الأماكن الأثرية لحضارات غابرة في القصر والبالوع والربة فلا يحتاج إلا إلى ثلث ساعة أيضا في المركبة التي يستقلها ليصل من جبل شيحان وأطراف وادي الموجب وسهول القصر إلى وادي بن حماد إذا إتخذ اليمن من الطريق الملوكي أو السلطاني قبل أن يصل إلى مدينة الكرك التي تقع على رأس جبل يطل على وادي الكرك ومناخه الشفا غوري وكذلك على الأغوار الجنوبية التي تبعد عن مدينة الكرك فقط خمسة عشر أو عشرون دقيقة تمر في وادي الكرك إذا ما إتجه السائح غربا..!
أما إذا أراد الإستمرار في الإتجاه من مدينة الكرك جنوبا فسيصل في نصف ساعة من زمن زمن إنطلاقه من سفح شيحان ليدخل في مناخ ما بين الجبلي وشبه الصحراوي في أرض زرعت بالتاريخ وأقربه تاريخ مؤتة وأول غزوات المسلمين خارج الجزيرة العربية، ثم إذا أراد إستئناف رحلته نحو الجنوب سواء إنطلق من الأغوار (وأخفض نقطة في الأرض) غرب الكرك أو إتخذ الخط الصحراوي من شرق المزار ومؤتة فسيدخل في أقل من ربع ساعة في مناخ الصحراء ومناظرها بعد أن ترك خلفه منذ (نصف ساعة أو ساعة على الأكثر) الشفا غوري والغوري والجبلي والسهل وشبه الصحراوي) وإذا سار بنفس الإتجاه فوق ربع الساعة تلك ساعة أو ساعة وربع سيجد نفسه على مشارف البتراء من إتجاه وعلى مشارف وادي رم من إتجاه فإن لم ينحرف إلى البتراء أو إلى رم سيحتاج إلى نصف ساعة زيادة على الزمن من هناك ليصل العقبة وخليجها ومناخها الساحلي، والبتراء ورم والعقبة لا نحتاج أن نصف ما فيها من جمال.
وهذه الرحلة بهذا الزمن القليل- الذي ينقل السائح من مناخ جميل إلى مناخ أجمل ومختلف وتضاريس لا تشبه التي سبقتها والتي سارت مركبة السائح فيها ووقعت عيناه عليها وعلى ما فيها - هذه الرحلة قطعا يمر فيها السائح آمنا مطمئنا ويتنقل بين سكان ميزتهم الود والسماحة والكرم وعقيدتهم ومعتقدهم أن حماية الغرباء وإكرام كل عابر سبيل وضيف هي غاية وجودهم وهي كل ما ينشدون في هذه الدنيا، فالكرم لديهم إيمان والنخوة رسالة والشهامة فريضة.
هذا هو الأردن سياحيا فهل يوجد في الكرة الأرضية إنسان لا يطلب ما يوجد فيه من هذا الجمال المتنوع الأصيل في كل ذرة تراب وكل نسمة هواء وكلما لامست خيوط الشمس بقعة في أرضه أو أضاء القمر الليل فيه..!
هذه رحلة سريعة في نصف الجمال إلى الجنوب من عمان وجمال النصف الآخر إلى الشمال أجمل وربما الرحلة أقصر.
هذا وطننا... فلماذا تركوه ليبدوا في عيون الأغراب عنه والأبعدين كأنه مجرد بقعة قاحلة من كل شيء ولا يوجد فيه إلا الغبار والشمس الحارقة تعاني الجفاف ولصوص يتنقلون فيها ربما يسطون على كل من ساقه القدر في طريقهم.
الأردن هي الأجمل في كل البلاد لكن الأعمى ومن به رمد لا يرى الجمال ولا يرى الجمل لو حمل له صناديق الذهب وأراد أن ينوخ بين يديه... ¿! ¿! ¿!