حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3237

امريكا امبراطورية ناشئة متعثرة

امريكا امبراطورية ناشئة متعثرة

امريكا امبراطورية ناشئة متعثرة

23-08-2021 05:03 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي

مئتان وخمسون عاماً عمر امريكا اليوم منذ نشأتها وهذا العمر قريبٌ من المدة التي استعمرت فيها بريطانيا العظمى آنذاك
الهند الذي دام ما يقرب من مائتي عام
بشكل إستعمار مباشر ،
واذا ما قورنت بالامبراطوريات العظمى كلامبراطورية الرومانيه التي حكمت ما يزيد عن الف عام والامبراطورية العثمانية والبرتغالية التي حكمت كل منهما قرابة ستمائة عام فإنها تُعتَبَر ناشئة بالقياس.

ثمانون عاماً او قريب منها وامريكا صاحبة السيادة في القرار العالمي علماً بأنها لم تكن في بدايات هذه الفترة متفردة في هذه الهيمنة المطلقة على العالم وذلك اثناء قوة الاتحاد السوفياتي الذي كان أيضًا شريكًا أساسيًا في القرارات الدولية وإن كانت بنسب متفاوتة تمليه الظروف والمصلحة في تلك الاوقات .

الامبراطوريات السابقه ولحديث هنا عن البريطانيه تحديدا ، كانت بحاجه الى ثروات الدول والبلدان التي استعمرتها وذلك لضمان فرض سيادتها وقوتها الممتدة على اكثر من ربع دول العالم في ذلك الوقت ولذلك كانت بحاجة الى موارد تدعم بها امبراطوريتها وتنفق على من تشاء بالطريقة التي تشاء لضمان سيطرتها وألابقاء على التحكم في مصائر تلك الشعوب فيما يتعلق بكافة نواحي حياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية .

امريكا تستطيع ان تقفل على نفسها الباب لألف الف عام دون ان تحتاج الى شربة ماء او حبة قمح او دواء او دابّة أو آلةٍ تسير على الارض او تطير في السماء ، مع ضمان السعادة الكاملة لحياة شعبها بكامل الامن الشامل والرخاء ، لأن الله قد اوجد في تلك الارض كل الخيرات وكل الثروات وتمتلك البحار والانهار .

ثلاث عثرات كبرى تعثرتها امريكا في هذه المدة الزمنية البسيطة جداً ، ولن اعتبر ان علاقتها بجارتها الصغرى جدا " كوبا " واحدة من هذه العثرات والتي ثبت ايضآ فشلها في التعامل معها بعد ما يقرب من نصف قرن وذلك باعترافها صراحة بهذا الفشل السياسي وانما نتحدث عن احداث كبرى تفردت امريكا بتنفيذ مخططات رُسِمَت وخُطط لها من خارج أسوارها .

شعارين " الحمار ، والفيل" يُمثِّلان الحزبين الرئيسيين اللذان يمثلان امريكا بكامل أطيافها وهما الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي ، ولست بصدد العودة الى ما قبل عام ١٨٦٠ لسرد سبب إختيار هذين الشعارين وانما اكتفي بحقيقة الفكرة التي ترمز الى كل شعار كما ارادها اصحاب هذه الشعارات ، حيث اراد الديمقراطيون القول بان هذا الشعار يعني العناد والتحمل والعمل الدؤوب وإن كان دون فهم ووعي " كما قال خصومهم "، ودون انتظار لأي مردود ، ويعني التمثيل الشعبي المشارك في الحياة السياسيه وعلى انه الاقرب لهموم ألشعب وتطلعاته ،
والفيل يمثل الثراء والصحة والمال والطبقة المخملية الثرية والقوة المدمرة التي لا يوقفها شيءٍ وتستطيع تحطيم كل ما يعترضها من اجل مصلحتها دون اي اعتبار لإي مبدأ او مُثُل او اعتبارات انسانية وما يندرج تحتها من مسميات ..

ربما قراءة بريطانيا " العظمى" لمضامين هذين الشعارين والفهم العميق للفكر المنضوي تحتهما في زمن مبكر جداً من قيام الكيان الامريكي جعلها تبني على ذلك خططها الاستعمارية بشكل من اشكال الاستعمار البريطاني المتعدد الاوجه واحكمت البناء على ذلك الى ان أتت اللحظة التي احتاجت بها الى ان تعهد الى القوة الامريكية للحفاظ والابقاء على نفاذ سياستها الاستعمارية الخفية فعهدت الى القوة الامريكية في هذه المهمة التي باتت فيها بريطانيا ضعيفة وغير قادرة على الحفاظ على مستعمراتها في مملكتها التي لم تكن تغيب عنها الشمس .

تابعنا تعثر امريكا في حربها بفيتنام عبر وكالات الانباء الاربع الكبرى التي كانت تنقل احداثها التي انتهت بالهزيمة ، بالنسبة لامريكا حينها لم يكن لتلك الهزيمة الاثر البالغ قياسًا للقوة الامريكيه المتصاعدة مع التقدم والتطور الصناعي العسكري في مقدمة القوة الاقتصادية والنمو المتسارع في شتى المجالات على كثرة تنوعها في ذلك الوقت ،

ثم تابعنا التعثر الثاني الذي أوقع امريكا بالشَرَك الذي نُصب لها في ارض الرافدين وكنا شهود عيان نرى ونسمع كل تداعيات تلك الحرب التي عملت على تغيير منطقة الشرق الاوسط برمتها تغييرا لا استثناء فيه لشيء ، نعم ، دَمّرت وغَيّرت خرائط ، واجرت تجاربها الحية على الجماد والشجر وعلى الاحياء والاموات ، وبحسابات الربح والخسارة ، فإن امريكا لم تكن بالأصل بحاجة الى اي نوع من الربح وانما ذهبت نتائج هذه الحرب الى حلفاء امريكا المقربون جدا جدا ، وما عدا تجاربها العسكرية فإنها خرجت بِخُفيّ حُنين .

وثالث هذه العثرات هو ما نشهده ويشهده العالم اجمع وعلى الهواء مباشرة ، ليس على مشهد اخفاق امريكا بعد عقدين من الزمن من تورطها بارض افغانستان الوعرة جداً وهذه المشاهد والإرباك الذي يظهر على شاشات العالم اجمع فقط ، وانما على ما اعترف به وقاله ويقوله الرئيس الاميركي نفسه في عدمية هذه العمليات الامركية التي أمتدت لعشرين عاما ثم خرجت مهزومة باعتراف الرئيس الذي أضاف الهزيمة الى هزائم الإمبراطوريات التي تواجدت على تلك الجبال الشاهقة والتي يكون السقوط من على قممها مُدويًا ومُجَلجلا .

القوة الامريكية المفرطه التي تتسيد فيها ألعالم باكمله يعطيها كل الثقة في الحديث بشكل مباشر عن اخفاقاتها أو إن شِئتَ قل "هزائمها "دون مواربة او تبرير ، وهي ثقافة متأصلة في المجتمع الامريكي وهي المكاشفة وانتقاد الذات self-criticism وهذا بعكس الثقافة العربية الحديثة جدأ والتي غرسها الاستعمار فيها وهي ثقافة تدمير الذات
‎التي عمل على ترسيخها self destruction
واستطاع ان يقطف ثمارها المتمثلة بالاحداث التي تدور رحاها في كثير من ارجاء العالم العربي في هذه الايام العصيبة من تاريخه المؤلم الحزين .

مهدت بريطانيا الطريق ، بل قامت بتسليم مفاتيح اجزاء واسعة من البلدان والدول المنضوية تحت انتدابها طواعية وسلماً ويداً بيد لامريكا ، وابقت بيدها المفتاح الرئيسي
‏( the master key ) الذي يمثل قوة السياسة البريطانية الخفيه الاقليمية والعالمية ،
وما الاقتراح الذي تم طرحه في البرلمان البريطاني منذ ايام ومطالبة الحكومه بادانة انسحاب امريكا من افغانستان الا دليل واضح ومباشر على استخدام القوة الامريكية لتنفيذ مخططات بريطانية بعيدة المدى قد تحتاج امريكا الى عقود من الزمن لتعلن بنفسها أيضا انها كانت مخطئه .

انتهت الامبراطورية البريطانية العظمى كقوة عسكرية محتلة على الارض وانتهى معها
" لفظ " الاستعمار عن تلك الدول والكيانات التي استعمرتها ولكنها ما زالت تحتفظ لنفسها بمفاتيح كثير من تلك المستعمرات بما فيها
‏( the master key ) مفتاح الامبراطورية الامريكية نفسها .
يوسف رجا الرفاعي








طباعة
  • المشاهدات: 3237
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
23-08-2021 05:03 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم