26-08-2021 11:36 AM
سرايا - هل يعود الإسلام السياسي إلى واجهة المشهد السياسي الأردني؟
ثمة نظريتان تناقشان إجابة محتملة على سؤال من هذا النوع في ضوء نقطة التلاقي الاستراتيجية عملياً، التي برزت مؤخراً بين الإسلاميين الأردنيين وبعض النخب المقربة من القرار المركزي عند «المسافة صفر» من محاكاة سياسية تحاول إعادة إنتاج المشهد الداخلي عبر بوابة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في البلاد.
قبل غيره، طالب البرلماني الأسبق طارق خوري، علناً، بتوقف الكلام عن إصلاح سياسي على أساس أن المطروح هو فقط تطوير المنظومة السياسية وليس إصلاحها، وقبل غيره بكثير، حذر وزير الإعلام الأسبق طاهر العدوان، من محاصصة مفترضة سيشارك بها الإسلاميون واليساريون.
المدخل الأكبر في ضوء ذلك لجدل حصة الإسلاميين في الواقع السياسي الأردني اليوم هو تلك التناغمات التي جمعتهم عبر اللجنة الملكية مع رئيسها سمير الرفاعي، الحريص بدوره على حالة تدليك سياسي لمشاعر الإسلاميين بعدما قبلوا عرضه بالانضمام إلى اللجنة الملكية.
هو، في كل حال، تدليك مفتوح على الاحتمالات من حيث النتائج، وعند طرح ذلك العرض، سأل الإسلاميون عن ضمانات في اتجاه الإصلاح السياسي.
وكان رد الرفاعي عبر التأشير على أنه اليوم أكبر سناً بعشر سنوات من آخر حكومة ترأسها، وهو ترميز يحاول جذب الإسلاميين في اللحظة.
لكن هذا الاستثمار تم عبر بوابة مجاملات مع الرفاعي ولجنة ملكية استشارية وليس عبر بوابة الدولة العميقة أو حتى الحكومة الأردنية نفسها، وسط رواج وسواد منطق تيار في جماعة الإخوان المسلمين قبل مبكراً عرض الرفاعي على أساس «لا يوجد ما نخسره».
الاستدراك ممكن، والتباين في الرؤية والموقف حاصلان. وبرأي الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة، كما فهمته «القدس العربي» مباشرة، فالمطلوب إصلاحياً ووطنياً واضح للجميع، والحزب لديه كلمة في الخلاصة، وموقف والمشاركة في المشاورات والاستشارات لا تعني مبايعة مطلقة مسبقة لكل ما سينتج من مخرجات.
في الأثناء، مراكز القوى والقرار ليست موحدة في النظرة إلى المفصل الأساسي المتمثل بعودة السماح بانفتاح مع الإسلاميين أو البقاء في حالة ضغط عليهم ضمن سياق الأجندة التي تفترض ولا تزال بأن مرجعية الحركة الإسلامية الأردنية سياسياً غير أردنية في الواقع، الأمر الذي سمعته أيضاً «القدس العربي» في بعض الأروقة، وان كان عضو اللجنة الملكية خالد البكار يتحدث عن ضرورة عدم السماح بعد الآن لفوبيا الإخوان المسلمين بإعاقة الإصلاح السياسي في الأردن.
الزاوية التي يتحرك منها مثل هذا الرأي، تحاول التشبيك على أساس المنطق الذي طرحه علناً عدة مرات وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، وهو يلفت النظر إلى ضرورة التعامل مع الإسلاميين كحقيقة واقعية اجتماعياً وسياسياً في المشهد الوطني.
السؤال: هل ذلك ممكن الآن؟
ما يرشح من مؤسسات القرار العميقة قليلاً يشير إلى أن الخوف متكدس، والفوبيا من الإسلاميين تحديداً على قيد الحياة في أروقة القرار البيروقراطي، والسبب الأساسي في ذلك سعيهم لليّ ذراع الدولة في أزمة نقابة المعلمين، وحصرياً الارتياب في خطتهم المقلقة التي قد تكون مجرد تهمة بالمناسبة بعنوان تحريك الاحتجاج والاعتراض في صفوف القطاع العام.
أزمة القطاع والعام والمعلمين هنا هي بمثابة الذريعة الأساسية التي تستخدم رسمياً الآن في التحذير من عودة أو خدمة الإسلام السياسي في المعادلة الداخلية، خصوصاً في مرحلة بناء تصورات وأوهام لها علاقة بالإدارة الأمريكية الجديدة، حيث ربطت الديمقراطيين علاقة ما منذ الربيع العربي بسؤال الإسلام السياسي، وحيث -بالمقابل- يعتبر الإسلاميون بدورهم أن الإصرار على التأزيم في ملف نقابة المعلمين والقطاع العام هو الرسالة التي تقول عبرها مؤسسات القرار بعدم وجود نوايا حقيقية وعميقة للإصلاح، وما يبدو عليه المشهد أن اللجنة الملكية التي استقطبت الإسلاميين وفتحت نافذة لتبادل بعض الغرام السياسي معهم عالقة اليوم بين منطقين متعاكسين لهما علاقة بمركز الأزمة، وهو نقابة المعلمين.
لا أحد عملياً اليوم يملك وصفة لمغادرة هذا المأزق، لكن داخل التيار الإسلامي وفي عمقه ثمة حوار متفاعل عنوانه كيفية التصرف دون الانزلاق في مطب توصيات اللجنة الملكية ومكاسبها ومخاسرها.
والأهم في الخلاصة، أن وظيفة اللجنة في إدماج الإسلاميين ولو رمزيا والتركيز على هذه الوظيفة من كل الأطراف، أدى في بعض المحطات إلى تفخيخ حوارات اللجنة، وقد يكون من بين عدة أسباب تمنع الآن توافقات مركزية ومحتملة، فتحالفات الدولة الأردنية المعلنة لا تزال متزنة في اتجاه مضاد للإخوان المسلمين.
والأهم أيضاً، وفي السياق نفسه الخلاصة، أن سؤال الإسلام السياسي مطروح وبقوة اليوم في عمق أقنية المشهد الأردني.
"القدس العربي"