28-08-2021 11:17 AM
سرايا - وجود الزعيم السياسي لحركة حماس الشيخ اسماعيل هنية وسط مئات المواطنين في احد اهم مساجد عمان العاصمة للمشاركة في تشييع جثمان القيادي الراحل في حركه حماس المهندس ابراهيم غوشة قد ينطوي على إشارة سياسية لكنها بكل الأحوال إشارة من النوع الذي لا يعني بأن ملف الاتصال والتواصل مع حركة حماس ارتقى الى مستوى سياسي وغادر المربع الأمني.
وافقت السلطات الأردنية لكل من الشيخ هنية وخالد مشعل على الحضور الى عمان بصفة انسانية واجتماعية.
وسبب الموافقة مشاركة مشعل وهنية في تشييع جثمان الشيخ إبراهيم غوشة الذي توفى أمس الاول في العاصمة الاردنية عمان بعد ان اقام فيها لاكثر من ثلاثة عقود .
سبق للشيخ هنية أن انتظر عدة أسابيع للقيام بزيارة رسمية يستقبل فيها بصفة رسمية في العاصمة عمان وقد حصل في وقت سابق على وعد في هذا الاتجاه لكنه تأخر ولم ينفذ.
ولا يوجد قرائن على ان السلطات الاردنية بصدد تنظيم زيارة رسمية لهنية أو لأي من قيادات الحركة لكن وجود قيادات من حركة حماس اثناء تشييع الشيخ ابراهيم غوشة في العاصمة عمان برفقة أقطاب من الحركة الاسلامية الأردنية هو حدث قد يلامس السياق السياسي و إن كانت طبيعته عائلية و اجتماعية و انسانية.
والادلة هنا بطبيعة الحال تشير الى ان السلطات الاردنية تقصد إبقاء الباب مفتوحا الى حد ما عبر الاسلاميين مع قيادات حركة حماس دون أن يفتح بشكل كامل أو يؤدي الى أي تماس و حوار سياسي مع أن الحكومة الأردنية كانت قد تواصلت مع الشيخ هنية في وقت سابق وابلغته بأن الفيتو على زيارات رسمية لقيادات الحركة الى الأردن في طريقه الآن للنقاش في الوقت الذي ضغط فيه الإسلاميين و غيرهم بشدة على حكومة بلادهم على أساس أن مرحلة ما بعد الصراع لعسكري الأخير بين المقاومة الإسلامية الفلسطينية و الكيان الصهيوني المحتل أدت الى تغييرات في المنطق الاقليمي.
وعلى اساس ان المطلوب من السلطة الاردنية الآن الانفتاح على نصف الشعب الفلسطيني وعلى جميع القوى الفلسطينية وهو ما طالب به قياديون و اعضاء في البرلمان الاردني بصفة علنية من بينهم صالح العرموطي و خليل عطية واخرون خلافا لأن وجود حركة حماس في الاردن او الاتصال الرسمي مع حركة حماس أصبح عمليا من الادبيات والنصوص التي تتبناها العديد من القوى الشعبية الاردنية.
بطبيعة الحال حضر هنية ومشعل للمشاركة في تشييع جثمان غوشة لكن هذه المشاركة لا ترقى الى مستوى الاستقبال السياسي ويفترض أن لا تقام عبر هنية ومشعل أي نشاطات ذات بعد سياسي حتى بما في ذلك إقامة حوارات كما فهم من مصادر خاصة على اساس سياسي باستضافة قيادات من جماعة الاخوان المسلمين.
حضر تشييع جثمان الشيخ غوشة ايضا الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي وهو ارفع شخصية في التيار الاسلامي الاردني تحضر مثل هذه المناسبة علما بان الحكومة الاردنية لم تنتدب اي مسؤول اردني لتقديم العزاء بغوشة المعروف بالنسبة لنخب العاصمة عمان بسبب وجوده فيها وعمله لاكثر من ثلاثة عقود.
مع ذلك تبادل الطرفان حالة من الترميز السياسي فهنية أخيرا في عمان ويدلي أثناء دفن الشيخ غوشه بخطاب عميق وؤثر يشكر فيه الاردن قيادة وشعبا ويتحدث عن أواصر العلاقة بين الشعبين الشقيقين.
وعلى المقبرة أشار الشيخ هنية إلى أن جنازة غوشة شهدت جمعاً كبيراً من أكابر الناس في المملكة الأردنية الهاشمية.
وقال : نبض القدس وفلسطين بهذه الجنبات، وكان للفقيد بصمته وجهاده وشهامته وثباته وكان لا يخشى بالله لومة لائم ولا يعرف المناورة في مرحلة البدايات فهي دائما تكون واضحة وصريحة وثابتة وقوية كونها تؤسس لما بعدها، فهو كان من الركب الذي أسس داخل فلسطين وخارجها.
وشدد على أن المقاومة في فلسطين تودع غوشة وهي أشد عوداً، ولا تزال فلسطين في وجدان الأمة والمبادئ والثوابت يتمسك بها ملايين الناس، ونحن على مقربة من التحرير والعودة، فغوشة أسس وقام بالتحريض على الجهاد ودافع بروحه وعرقه لتبقى الراية خفاقة عالية، وإن القلب ليحزن وان العين لتدمح وانا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون.
وبين “نحن على ثرى الأردن الحبيب، وهذه أول مرة أدخل الأردن في مناسبة مثل هذه، ولكن الأردن هو الأردن والحاضنة الدافئة والعمق الاستراتيجية لقضيتنا وكرامتنا هو وحدة الدم والمصير، موجهاً باسم حركة حماس وقيادتها والشعب الفلسطيني بالشكر والتقدير للأردن ملكاً وحكومة وشعباً على هذه اللفتة الانسانية التي ليست غريبة عنهم، فالأردن اقتسم مع الشعب الفلسطيني الأمل والألم، ولا للتوطين ولا للوطن للبديل، ولا حل على حساب الأردن، ولا حل على حساب فلسطين، فالأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين”.
وأكد أن حماس وأحرار الشعب الفلسطيني وأحرار الأردن وكل الأمة تقول لا للوطن البديل ولا للتوطين، ليفرح المؤمنين بنصر الله”.
المهم في السياق تبادل الترميز فالحكومة الاردنية كسرت الجليد بحضور مشعل وهنية عمليا والحركة وجهت رسائل ذكية ضد خيارات التوطين والرد كان عبر هتافات للمواطنين على أبواب المسجد تؤكد ميل الشارع الأردني لحركة حماس.
"رأي اليوم"