05-09-2021 08:12 AM
سرايا - وسط استغراب قانونيين من الجدل الحاصل حول نص المادة 9 /أ من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الذي أجرى مجلس النواب مؤخرا تعديلات على بعض نصوصه، حذر مطّلعون من أن يدفع التعديل المتعلّق بإعفاء المبلّغ من العقوبة في حال إبلاغه عن جميع الشركاء في الجريمة بدلاً من قصر الإبلاغ على شريك واحد كما هو معمول به حالياً، إلى وضع المبلّغ في مواجهة مع جميع الجناة.
وبين قانونيون أن هذه المادة موجودة أصلا بالقانون الساري المفعول ولم يتم التطرق لها، وفق ما ذكر عضو اللجنة القانونية النائب الدكتور غازي ذنيبات.
ويؤيده بذلك المحامي الدكتور محمد العفيف رئيس محكمة أمن الدولة الأسبق، الذي قال إن المادة التي تثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي واحتج عليها العديد من الرأي العام موجودة بالقانون الحالي، وهو الذي وضعها لتكون فرصة لمن تورط بقضية مخدرات بقصد التعاطي لأول مرة كي يصلح من نفسه ولا تكون قيدا جرميا يعطل مستقبله وحياته، مشيرا الى ضرورة أن يمنح المشرع فرصة للمتعاطي كي يصلح نفسه.
وتنص المادة موضع إثارة الجدل “اعتبار كل من تعاطى أو أدخل أو جلب أو هرب أو استورد أو صدر أو أخرج أو حاز أو أحرز أو اشترى أو تسلم أو نقل أو أنتج أو صنع أو خزن أو زرع أياً من المواد المخدرة للمرة الأولى لا تعد سابقة جرمية أو قيدا أمنيا بحق مرتكبه للمرة الأولى بقصد تعاطيها”.
وبحسب المحامي الدكتور ذنيبات فإن هذه المادة يعاقب عليها في القانون الساري المفعول وكذلك في مشروع القانون الجديد.
وأضاف أن هناك تعديلات أكثر أهمية منها أنه روعي في مشروع القانون الجديد “تفريد العقوبة بدلا من أن تكون عقوبة لجميع انواع المخدرات كما هو في القانون الساري المفعول، فقد روعي في المشروع الجديد أن تكون العقوبة مرتبطة بنوع المادة المخدرة وأثرها بالادمان، إذ لا يعقل أن يكون تعاطي مادة الهيروين او الكوكائين المخدرة يشابه تعاطي الحشيش او الحبوب المخدرة لاختلاف أثر المادة بالإدمان”.
أما فيما يتعلق بعدم اعتبار هذه الجرائم عندما ترتكب لاول مرة قيودا جرمية أو سوابق أمنية، فهذا القول “غير صحيح وهو لن يعرض في مشروع القانون الجديد وإنما كان معمولا به في القانون الساري المفعول، وذلك لإعطاء متعاطي المخدرات الذي وقع في براثنها للمرة الاولى طريقا للتوبة والإصلاح قبل أن يوصم بجريمة مخدرات في مجتمع لا يرحم من هذه التهمة”.
ويتابع الذنيبات حول تعديل آخر، مشيرا الى أن القانون الساري المفعول “أعفى المبلّغ عن الجريمة في حال تم القبض على الجناة جميعاً، حيث إن النص الأصلي المطبق حالياً يعفي الفاعل إذا تم التبليغ عن أحدهم فقط والقبض عليه”، موضحا ان التعديل جرى أنه “حتى يعفى المبلغ من العقوبة، عليه الإبلاغ عن جميع المجرمين المتورطين في القضية”.
وأشار إلى المخاوف التي دفعت بالتعديل ومنها الخشية أن يقوم الفاعل الرئيسي بالجريمة باستغلال هذه المادة والإبلاغ عن متهمين ثانويين في القضية، من أجل الإفلات من العقاب، ولهذا جاء التعديل للإبلاغ عن جميع المتهمين.
أما العميد المتقاعد من الأمن العام زهدي جانبك، فوجه رسالة الى مجلس الاعيان، تفيد أن موافقتهم على القانون المعدل، وما ورد في القانون الساري المفعول، يظهر “كأنهم استحدثوها في قانون جديد”، وأن “عدم إلغاء هذه المادة يعني أنهم موافقون عليها”.
وحسب جانبك الذي طالب أيضا مجلس الأعيان الذي سينظر في تعديلات قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، بضرورة وقف ما أسماه بـ”المهزلة” أثناء مناقشة النواب مشروع القانون، داعيا إلى عدم الموافقة على إلغاء المادة التي تمنع تسجيل أسبقية أو قيد جرمي في حال كان التعاطي لأول مرة، وإلغاء المادة جملة وتفصيلا، وعدم التسامح في موضوع المخدرات إطلاقا.
وقال: “لا يجوز كلما توسط بلطجي عند نائب من أجل أن يتوظف أو يتجند وتعثرت واسطته بسبب قيد تعاطي مخدرات أن يخرج لنا بمشروع قانون مثل هذا القانون ويزعزع البيت الأردني لقاء مصالحه الشخصية، فهذه التعديلات خطيرة جدا وتتسامح مع المهربين، وتجعل جريمة خرق الحدود والتهريب مباحة لأول مرة، وتجعل جريمة الاتجار بالمخدرات ونشرها في الأردن مباحة، وجريمة إنتاج المخدرات مباحة سواء كانت بالتصنيع أو الزراعة”.
ولفت الى أن “مبرر هذه الإباحة يجيء تحت بند (أول مرة)، وهي ليست كذلك، فهذه الإباحة كارثة بحق الأردن، وهي تعني أن يقوم أباطرة المخدرات باستخدام وتوريط أكبر عدد ممكن من الشباب في إنتاج وتجارة المخدرات إلى أن يتم القبض عليهم لأول مرة، فلا تتم محاسبتهم لأنها المرة الأولى التي يتم القبض عليهم فيها حتى ولو مضى على ممارستهم لهذه الجريمة سنوات… ثم يتم توريط مجموعة جديدة الى ان تتمكن المكافحة من كشفهم… فيتم استبدالهم بمجموعة جديدة وهكذا”.
وأضاف: “هذه التعديلات مشروع تدمير للأردن وشبابه…والمصيبة ان التعديلات تأتي وجرائم المخدرات في تصاعد مستمر حسب آخر إحصائية للأمن العام، وجاء فيها أن هناك جريمة مخدرات كل 26 دقيقة في المملكة وعلى مدار الساعة”.
وقال: “على الرغم من سريان قانون الدفاع وإجراءات الحظر والاغلاق، نلاحظ ارتفاعا مستمرا في عدد جرائم المخدرات حيث كانت العام 2017 تبلغ 13950 جريمة، وفي 2018 ارتفعت الى 18400، وفي 2019 أصبحت 19500 جريمة، وتابعت ارتفاعها في 2020 لتصبح 20050 جريمة… هذا الارتفاع تضمن تضاعف عمليات الاتجار بالمخدرات بأكثر من 300 % بين عامي 2016 و 2020…وهذا مؤشر خطير على اتساع وتعاظم مشكلة المخدرات في الأردن”.