05-09-2021 09:52 AM
بقلم : د. نواف بني عطية
تعتبر الجلوة العشائريّة عقوبة جماعية وعقاباً تعسفياً ، وتهجيرا قصريا ، وهذا يشكل غياب لدور الدولة والقانون ويسود الحكم للأفراد ، وتختفي أدوات الدولة ، والجلوة العشائريّة تخالف دستور الأردن والتزاماته الحقوقية بل وتشكل اعتداءً صارخًا على حقوق الأفراد التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية .
إنّ الجلوة العشائريّة ما زالت تؤثر سلبًا على حياة الكثير من الأسر والمجتمع، ومن الواجب بحث حلول عمليّة عادلة وقابلة للتطبيق، خصوصًا ونحن في مئويّة الدولة الأردنيّة .
وهنا نورد بعضًا من الآثار السلبية للجلوة العشائريّة والتي تتمثل بما يلي :
1 - تشكل الجلوة العشائريّة اعتداء على مبادىء الدستور وحقوق الأفراد حيث تنص (المادة 9/2 ) من الدستور الأردني على أنه "لا يجوز أن يحظر على أردني الإقامة في جهة ما أو يمنع من التنقل ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون" .
2 - كما تعتبر الجلوة انتهاك صريح للحقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تنص المادة (13) "على انه لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة، ويحق لكل فرد أن يغادر أية بلد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه"، وهذا نقيض واقع تطبيق (الجلوة). كما تعتبر مخالفة لإعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام، والذي يتضمن في المادة (12) "أن لكل إنسان الحق في إطار الشريعة في حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها، وله إذا اضطهد حق اللجوء إلى بلد آخر، وعلى البلد الذي لجأ إليه أن يجيره حتى يبلغه مأمنه ما لم يكن سبب اللجوء اقتراف جريمة في نظر الشريعة " .
3 - تعتبر شكل من أشكال التهجير القسري ، وهي شكل من أشكال العقوبات الجماعية ، كما أن لها آثار مباشرة على جملة من الحقوق السياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية للمواطنين، كونها تشكل انتهاكاً لتلك الحقوق، حيث أنها تستند إلى العادات والتقاليد والأعراف القديمة، والتي لا تتوافق مع روح العصر .
4 - موضوعها غير إنساني وليس قانوني ويعتبر عقاباً جماعياً لأقارب الجاني على ذنب لم يرتكبوه ، وانتهاكاً صارخاً للحق في التمتع ببيئة أمنة ، كما أنها صارت تشكل عبئاً على المجتمع لما ينجم عنها من آثار اقتصادية اجتماعية ونفسية سلبية تطال أقرباء الجاني كافة في جرائم ،
5 - وبالرغم من عدم وجود سند قانوني للجلوة ، إلا إن الأجهزة الرسمية لا تزال ترعى بشكل أو بآخر تطبيق إجراءات التقاضي العشائري ، حيث تنفذ بقوة القانون وعبر إما المحافظين أو مسؤولي الأجهزة الأمنية .
6 - كما أن الجلوة العشائرية تجاوزت مفهوم الانتهاك الحقوقي، ووصلت إلى مفهوم المعاناة الحقيقية ، حيث أن إجلاء عائلات قصراً، والتضييق على حريتهم في التنقل ، بما يتعارض مع حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية .
وختامًا ، فإن الجلوة العشائرية ليس لها أساس في العرف والقانون وهي مخالفة للدستور وسيادة القانون وقانون العقوبات ، ولماذا الزمت الدولة نفسها لتنفيذ احكام الجلوة العشائرية بدلًا من فرض القانون ومحاربة هذه الآفة من خطر تمددها ومعاقبة كل من دعى لتنفيذها من الأفراد ، وأكبر دليل على هشاشتها وعدم قيامها على أساس قانوني ، أن الجلوة لا يمكن ان تلغى بالقانون ولكن تلغى من خلال أجماع عشائري ، وهنا نعود لحكم الفرد !!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-09-2021 09:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |