بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ),وسطية الامة على الامم, تعني الافضل ,في اتباع هدى الله تعالى ,وهدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ,في اقامة العدل والمعاملات والاخلاق والتراحم ,مما يميز هذه الامة ,عن غيرها من الامم ,كما تميز الجيل الاول في الاسلام ,فكانوا جيل الوسطية ,في حمل الرسالة والدعوة لها ,استحقت شهادة الرسول يوم الحساب ....................
الوسطية تعني التقاء طرفي التناقضات في نقطة التوازن وذلك بكل شيء ,بحيث يعلم الباطل من الحق والخير من الشر,فيحنف الانسان نحو الحق والخير (وجَّهتُ وجهِيَ للَّذي فطرَ السَّماواتِ والأرضَ حَنيفًا مُسلمًا وما أَنا منَ المشرِكينَ، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحيايَ ومَماتي للَّهِ ربِّ العالمينَ لا شريكَ لَهُ وبذلِكَ أُمِرتُ وأَنا أوَّلُ المُسلمينَ.).....................
الوسطية في كلمة التوحيد(لا اله الا الله) بين شطريها ,شطر النكران والباطل ,وشطر الايمان بالحق ,شطر النكران للتطهر من الشرك والكفر(لا اله) ,وشطر الحق(الا الله) للحنف اليه اي الميل اليه والايمان به في اتباع ارادته.............
الوسطية في الدين من عبادة الشعائر والمعاملات والأخلاق ,وسطيتها بين سوء الخلق , في الفحشاء والمنكر والإسراف ,والباطل وهوى النفس,لتجنبه والحذر من كل سوء الخلق ,وبين العمل الصالح الخالص لله وكل خلق حسن,لاتباعه والميل نحوه (فالصلاة صلة الانسان مع خالقه ,ليتجنب الفحشاء والمنكر ,والحج لا رفث ولا فسوق ,والزكاة للتطهر من الذنوب ,والصوم عن ما احل الله ليصبر على ما حرم الله من هوى الانفس((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ...............
الوسطية في الدين ,تعني البقاء ضمن الطريق المستقيم لمنهج نجاح الانسان , بنعم هداية الله تعالى ورسوله للإنسان ,كون الدين يشمل كل امور الحياة ,منهج الاستسلام لإرادته تعالى بحب الخير للانسان ,حين يلبس لباس الايمان ,اي التصديق بما جاء به الرسول من الرحمن........
الوسطية طريق النجاح في تعامل الانسان ضمن معاملات امور الحياة الدنيا ,اذ قال تعالى (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29)هذه الوسطية في الانفاق وميزانها الوسط بين طرفي طغيان التبذير في الانفاق وإمساك البخل , كما الحال في وسطية الشجاعة ,التي تكون بين طرفي التهور والجبن ,وسطية في الحب والكره (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما)على مبدءا ان تحب وتبغض لوجه الله تعالى,فالإنسان لا يكون لينا ولا صلبا فيكسر ................
لكل شيء نقطة اتزان بين طرفيه ,(وخير الامور اوسطها ),واقع موجود في كل امور الحياة الدنيويه,فمعرفة الوسطية ,يجعل الانسان على منهج واحد ,في الغنى والفقر , مما يثبت الانسان , عند امتحان تغير الاحوال في تداول الايام ,مما يعني بقاء وثبات النعم على الانسان,عند ثباته في كل الاحوال ,( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) والناس تعني الانسان الخام الذي لم يصقل بعد بالإيمان ................
الوسطية دائما تجدها في الامور السهلة ,والواضحة ,والمتواضعة ,والميسرة فاليسر من الله تعالى,والوسطية عند اهل الاحسان ,بميلهم نحو اقصى جانب الخير ,دون ظلم الانسان لنفسه(وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا),وهذه مقياس لكل امور الخير,والوسطية تمنع الانسان من ظلم الاخرين ,وحرمانهم,حين الميل لجانب هوى النفس((وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ),حيث البخل , (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ).............