07-09-2021 11:13 AM
بقلم : الدكتور جميل السعودي
لاحقا للمقال الذي نشرته لدى صحيفة "سرايا" الغرّاء تحت عنوان " لماذا تحكمون على اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مسبقا"، فإنني أتطلع وبكل شغف الى نتائج اعمال لجنتكم التي نقدّر ونحترم والتي يقع عليها عبء كبيرا وتحديات جسام ؛ لعدة أسباب يتربع على سلّم أولوياتها تشكيلها بأوامر وتوجيهات سامية مباشرة من سيد البلاد حفظه الله، وبالتالي فإن هذا التشكيل على مستوى عال من الحساسية كونه تكليفا واضحا لدراسة واقع الحال في ظل التوجهات المستقبلية لوضع مقترحات يؤمل منها رسم خارطة طريق نحو تغير شامل لحياة سياسية حزبية تنموية اجتماعية تتماشى ومتطلبات العصر وتتناغم مع مقومات التنمية وتتعايش بكل جدية وحرفية مع الصعاب والتباطء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والسماع للرأي الآخر باتجاه التنمية المستدامة التي تحتاج اليها جميع قطاعات الوطن.
بلادنا مليئة بالكثير من المتشائمين والمارقين ومن لا يعجبهم العجب ومن ولدوا اصلا لينتقدوا ليست حبا في مصلحة الوطن وانما لهفا وراء مصالح خاصة وهم موجودون بجميع مستويات المجتمع، لكن مسيرة الاصلاح والتغيير نحو الاحسن والسير على طريق التنمية والرفاه بدأت منذ سنين ، لكنني كرجل اقتصاد وتخطيط استراتيجي لديه ما لديه من خبرة طويلة وعلم لدى مجموعة من البيئات العربية والأجنبية أنظر لأعمال لجنتكم ومساعيكم ليست من منظور هؤلاء الاشخاص وليست ايضا من منظور المجاملين بل من منظور مبني على معلومات وبيانات وواقع وتجارب شعوب ودول اخرى واجد ان قاعدة الاصلاح لدينا موجوده وأن مقومات التنمية موجودة وأن لدى الأردن الكثير من الخبرات التي تمتاز بحب العمل والدافعية والمثابرة والايمان بالتغيير والمعرفة والعلم وثقافة التغيير الايجابي وعدم النظر او الانتباه لقوى الشد العكسية الهدامة بل التطلع بوعي وعناية فائقة للمستقبل الذي كله امل وتفاؤل.
رئيس وأعضاء اللجنة الكرام، إن هنالك مشكلة حقيقية لدى شريحة لا يستهان بها من شعبنا الطيب العاطفي تتمثل بالتشاؤم حول المستقبل لأسباب كثيرة منها التراكمات السلبية لدى المواطن التي حدثت منذ عشرات السنين بسبب كثير من خطط التنمية ذات النتائج المتواضعة جدا والوعود غير الصادقة واضمحلال الموارد وتراجع عجلة التنمية وزيادة مستوى الفقر وحجم البطالة، وقفز مستوى الحريات السلبي الى مستويات مخيفة بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والازدياد الكبير في عدد السكان مع انخفاض الموارد الاقتصادية والمائية والاعباء التي احدثتها الهجرات من الدول العربية المحيطة للأردن بشكل قصري بسبب الاضطرابات والحروب مما شكل عبء اقتصاديا واجتماعيا وامنيا وبيئيا وسياسيا، اضف الى ذلك أن شريحة كبيرة أيضا من المواطنين لم تحتك وتتفاعل مع شعوب وثقافات اخرى سواء على مستوى العمل او ثقافة التغيير او طريقة التفكير او حتى على مستوى التعليم المؤسسي ، لذلك فإن صقل الشخصيات وبناء الخبرات وطريقة التفكير والنظر للأمور ما زالت بحاجة لإعادة التشكيل وتغيير القوام، لذلك دعونا لا نلوم السواد الأعظم من الناس لا على افكارهم ولا على طريقة تفكيرهم ولا على تشاؤمهم ولا على بقائهم بنفس الصندوق يدورن في دائرة واحده ولا ينطبق عليهم ما ينطبق على كثير من الشعوب التي تتسابق حول العالم في اعمال ومنتديات ومؤتمرات التفكير البناء والتخطيط الايجابي.
ان الاردن على خير وسيبقى كذلك وان طريق التنمية والتغيير الصحيح بحاجة لرجال ذوي معرفه وخبره وحنكة لا يتطلعون لاي متطاول ويجعلون الركب يسير بكل قوة وبإيمان بالعمل الجاد والنتائج الطيبة، ولن ينال من الأردن كل العابثين والمارقين وأصحاب الاجندات الخاصة او الخارجية وهم كثر ، لان الاردن اذا ما قورن بكثير من دول العالم ذات نفس السمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ستجد أن الأردن تقدم بخطوات جيده على طريق التنمية حتى على مستوى الدول التي يراها البعض على انها متقدمة جدا ، لكن الشريحة المتشائمة من الناس التي لا تؤمن بجدوى التغيير او حتى ببصيص أمل نحو النماء لو عاشت في دول أخرى لوجدت ان الاردن مقارنة بتلك الدول قد قطع اشواطا كبيرة في طريق التنمية والتطور، وهذا لم يأتي من فراغ ، بل هو نتيجة للنظرة الثاقبة الحكيمة لقيادتنا الفذة ونتيجة لتعاون الكثير من رجال الوطن وايمانهم بالعمل الجاد وان المستقبل الطيب آت. ليبقى الركب سائرا ولتبقى المسيرة محملة بالكثير من المفاجآت الطيبة وبوصلتها الاصلاح والتغيير نحو الافضل. اما لجنتكم الموقرة التي احترم وأقدر، اعلم بانها وبجميع اعضائها تعمل ليلا نهارا للخروج بتوصيات من شأنها ان تغير خارطة الاصلاح بشمولية وعدالة نحو مستقبل واعد، وبصفتي رجل اقتصاد متابع لكل اوضاع الاردن الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية وأنظر للواقع الاردني من عدة مناظير واقوم بالدراسات والمقارنات المستمرة بسبب طبيعة عملي فإنني متفائل جدا واتطلع الى التوصيات ونتائج اعمال لجنة الاصلاح بأريحة وايجابية، لأنني متأكد ان الجهد العظيم الذي قامت وما زالت تقوم به اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لا بد ان يثمر عن لوحة جميلة من التغيير والإصلاح. لذا فإنني أتمنى على اللجنة ان تأتي بتوصيات ذات دلالات سياسية واقتصادية واجتماعية من شانها ان تضع الأردن على طريق التغيير المنشود، ومن هذه التوصيات ما يلي: -
أولا: وضع مقترح شامل لتنمية الحياة الحزبية في الأردن بحيث لا يزيد عدد الأحزاب الفاعلة عن حزبين دون تدخل الحكومات والجهات الأمنية في اعمال تلك الأحزاب.
ثانيا: وضع مقترح تفصيلي للعمل النيابي والانتخابات النيابية ومن يحق لهم ان يرشحوا أنفسهم لعضوية مجلس النواب بحيث يمنع على كل من قد تكون لديه تعارض مصالح كرجال الاعمال بالترشح لعضوية مجلس النواب لأنه لا يمكن أن يكون هنالك عمل نيابي صحيح وغير مشبوه في ظل وجود اعمال ومصالح اقتصادية للنواب
ثالثا: وضع مقترح يعيد تعريف الحريات العامة ومستويات تخطيها وكيفية التعامل مع هذه الحريات ضمن قالب وطني دستوري قانوني.
رابعا: وضع خطه شامله للنهوض بقطاع التعليم الجامعي الذي تراجع خلال الأعوام الأربعة عشر الماضية بشكل خطير وملحوظ.
خامسا: وضع خطه شاملة لتطوير التعليم الأساسي ومناهجه مع وضع خطه طويلة الاجل لتطوير قدرات المعلمين والعناية بهم واوضاعهم المعيشية والاجتماعية
سادسا: وضع مقترح تفصيلي لقياس أداء الحكومات والوزارات مع رسم طريق مبدئي لتشكيل الحكومات من خلال الأحزاب مع وضع حدود دنيا وشروط يجب توفرها في كل من يشغل منصب وزير.
سابعا: وضع مقترح شامل يوضح بكل شفافية إجراءات التعينات في المؤسسات الحكومية بحيث تتم الامتحانات والمقابلات من قبل جهات محايده لا تؤثر عليها المحسوبية وضغوطات المسؤولين، حتى لو كانت هذه الجهات شركات أجنبية متخصصة، لان المحسوبية والجهوية كسرت ظهر الوطن. وهنا لا بد من التخلص من تعينات المحسوبية والوراثة، وإلا لن يكون الوطن بخير، لان هذه التعينات من شانها ان تزيد من الاحتقان الاجتماعي وعدم الثقة بين المواطن والحكومات وتخلق هالة من العنف ورفض التغيير والتخريب وترفع من مستوى الجريمة للشعور بعدم العدالة والمساواة بين أبناء الوطن.
ثامنا: وضع خطه للتخلص من جميع الهيئات الخاصة خلال عام من التوصيات
تاسعا: دمج بعض الوزارات واستحداث وزارات أخرى أكثر عملية وانتاجا مع وضع مقترح يركز على زيادة العمل الميداني للوزراء بدلا من المكاتب والاجتماعات والمؤتمرات والسفر المتكرر الذي يمكن اقتصار معظمه.
عاشرا: إعادة النظر في الاعمال والخدمات التي تقدمها سفاراتنا في الخارج بدلا من الاعمال الروتينية وعدم الاهتمام بالجاليات الأردنية في الخارج وفي هذا الشأن أتمنى اقتراح منصة للتواصل بين الجاليات الأردنية في الخارج ووزارة الخارجية والتي أؤكد حينها ان الوزارة ستتفاجأ بتقصير كبير من السفارات الأردنية مع أبناء الجالية الأردنية في الخارج ، هذا الرأي مبنى على تجارب عديده عشتها شخصيا في اكثر من أربعة دول اجنبية وعربية لأكثر من اثنين وثلاثين عاما واعرف ما أقول وبصفتي أيضا كنت موظفا لدى احدى السفارات العربية منذ ثلاثين عاما تقريبا واعرف ماذا قدمت تلك السفارة لرعاياها في الخارج.
أحد عشر: وضع مقترح لقياس أداء الهيئات التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحال بحيث تقوم بتقديم تقرير مفصل قدر الإمكان لأعمالها يتم مناقشته امام المجتمع من خلال احدى القنوات التلفزيونية الرسمية بكل شفافية، وإعطاء توصيات من ذوي الاختصاص والاطلاع تلتزم الهيئة بها في حال وافقت عليها.
اثنا عشر: وضع مقترح شامل ان أمكن لتغيير قوانين ونظام الضريبة بحيث تمنع عمليات الغش والاحتيال والتهرب من الضريبة خاصة من قبل الشركات ورجال الاعمال.
ثلاثة عشر: وضع خطة لاستقطاب الكفاءات الأردنية المغتربة ودمجها في المجتمع الأردني والاستفادة من خبراتها ومقترحاتها للتطوير والتغيير.
أربعة عشر: دعوة مواطنين أردنيين ممن ينتمون لأحزاب سياسية في اوطانهم الثانية او الدول التي يقيمون فيها للاستفادة من خبراتهم واخذ توصياتهم ان وجدت على محمل الجد للتعامل معها وتطبيق ما يمكن تطبيقه في الحياة الحزبية الأردنية.
خمسة عشر: وضع خطة معنية بتشجيع الابتكار وصناعة التكنولوجيا في الأردن.
قد تكون النقاط الخمس عشرة السابقة ليست من صميم اعمال اللجنة، لكن الاطلاع عليها ووضعها إن أمكن في قولب يتناغم مع التغيرات والمقترحات المرجوّة من اللجنة سوف يضفي وضوحا ورؤيا أكثر إيجابية نحو التغيير.
والله ولي التوفيق.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-09-2021 11:13 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |