11-09-2021 08:55 AM
سرايا - حينما اعتقل جيش الاحتلال القيادي في حركة "فتح" زكريا الزبيدي عام 2019، وصفه قائد كبير في مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، بـ"قط الشوارع" الذي وقع أخيرا في المصيدة.
لكن الزبيدي (46 عاما)، ومن خلال أطروحته للماجستير، يفضل تسمية نفسه بـ"التنين" الذي يهزم "الصياد".
وتغلب الفلسطيني الثائر على المحتل، حيث نجح الزبيدي في التسلل من زنزانته عبر نفق، برفقة 5 من رفاقه في الأسر، من سجن جلبوع شديد التحصين، في عملية وصفها المراقبون بـ"الأسطورية"، قبل أن يتم إعادة اعتقال 4 من أصل 6 أسرى.
ومنذ الاثنين الماضي، تحول القيادي الشاب إلى أيقونة للمقاومة الفلسطينية.
وللقيادي الشاب، تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال، حيث قضى سنوات من عمره داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفقد الزبيدي، والدته وشقيقه برصاص قوات الاحتلال عام 2002.
ولا تخلو قصة حياته من مفارقات، حيث سلّم سلاحه عام 2007، ليحظى بـ"عفو" إسرائيلي، وعمل في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع إسرائيل.
لكن "إسرائيل" لم تلتزم بتعهدها، حيث عادت لاعتقاله، لتدفعه مجددا إلى واجهة الأخبار بعد أن تمكن من الفرار.
كما تقول تقارير فلسطينية، إن سلطات الاحتلال هدمت منزله 3 مرات.
من هو زكريا الزبيدي؟
يقول عمه جمال الزبيدي، إن زكريا، "شب على مقاومة الاحتلال، لا يعرف القيود، واجه الآليات الإسرائيلية بالحجارة، ثم بالسلاح، قاد كتائب الأقصى، ونفذ عمليات بطولية".
وأضاف: "إسرائيل اليوم تعيش حالة رعب حقيقية".
ولد الزبيدي في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة، وله 7 إخوة، تربى يتيم الأب، وفي 2002 قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والدته (سميرة) وشقيقه (طه).
وأصيب بعمر 13 برصاص جيش الاحتلال خلال مشاركته في ضرب القوات الإسرائيلية بالحجارة، واعتقل للمرة الأولى بعمر الـ 15، وسجن 6 أشهر.
بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على القوات الإسرائيلية، وحكم بالسجن أربع سنوات ونصف سنة.
في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005) بات الزبيدي قائدا عسكريا لكتائب "شهداء الأقصى" المحسوبة على حركة "فتح"، في حينه.
وقاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام العبرية إنه "الحاكم الفعلي لجنين".
عام 2002، وإبان إعادة الجيش الإسرائيلي احتلال كامل مناطق الضفة الغربية، شن معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.
محاولات اغتيال
استطاع الزبيدي أن ينجو 4 مرات من محاولات اغتيال، أبرزها في 2004، حيث قتلت قوات الاحتلال 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.
وفي العام ذاته اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة مخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن الزبيدي من الفرار.
عام 2005، كُشف كمين لقوات إسرائيلية خاصة قرب منزل تحصن فيه الزبيدي.
وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقال الزبيدي، غير أنه فشل وتمكن الأخير من الفرار.
التنين
حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، رغم حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".
وتقمّص الزبيدي شخصية "التنين" المستمد من أسطورة قديمة، تكون فيها الغلبة للتنين على الصياد، بعد مطاردة طويلة وصعبة، في إشارة إلى تجربته الشخصية مع الاحتلال.
وفي أطروحة الماجستير، تطرق الزبيدي إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.
وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل "زكريا، كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه".
وعن عدم قدرة الزبيدي على إتمام رسالة الماجستير، يقول حويل "اليوم استطاع زكريا أن ينهي رسالته، بتجربة عملية (من خلال فراره من السجن)، حتى تكون رسالة للأجيال القادمة".
ويسترجع حويل ذكرياته مع الزبيدي، وخاصة في معركة جنين 2002، حيث يقول "نفدت الذخيرة معنا، قلت وقتها لزكريا انتهت اللعبة، قال لي لم تنتهِ، نحن من يكتب لها النهاية، رفض الاستسلام، واختبأ بين الركام حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي، ونجا".